رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في عمق الذات.. من أنت؟

جريدة الدستور

من أنت؟!

أنظر إلي مرآتك.. صِف ما ترى! تأمل جسدك بكل تفاصيله.. أنظر إلي عينيك، إلي خصلاتك التي ربما قد لامسها المشيب، بشرتك وما علاها من علامات أو شاماتٍ أو بثور، تفاصيل جلدك وطول أصابع يديك، ذلك الإختلاف البادي بين عينيك وحاجبيك. لن تعكس لك المرآةُ سوى الجزء المادي الظاهري منك، والذي يعتبره الآخرون أنت! ولكنه ليس سوى جزء من ذاتك، لا معنىً له من دون ما اختبأ ورائه واستتر.

راقب مصدر معلوماتك، من يصدر الأوامر لجسدك بالتحرك، للسانك بالنطق، لهرمونات جسدك لأن تفرز في الدم..لن تراه بمرآتك ولكنك سترى أثره، هو دماغك! مخزن المعلومات وغرفة العمليات وقاعدة التخطيط وأزرار التحكم!

أنظر إلي ذلك التعبير في عينيك، نظرة الحيرة، لمعة الانتصار، إنكسار الخذلان، أميَّزتَها؟ نعم..تلك هي نفسك! هي أنت الحقيقية المسيطرة! متخذ القرار، وموجه الدماغ، الذي يوجه جسدك للتنفيذ بآليات يضعها وفقًا لقرارات النفس فإن أرادتك فاجرًا فجَرْت، وإن أرادتك تقيًا اتقيت!

ماذا عن ذلك الذي ينبهك دون تدخل من دماغك بمعزل عن المنطق، يدعونه حدسًا ونسميه بصيرة! ذلك هو عقلك، ومحله قلبك، وهو مركز البصيرة في ذاتك.

الدماغ موطن المعرفة وهو غير مسيطر علي الذات، فوظيفة الدماغ هي تخزين وتصنيف وتحليل وإختبار العلاقات بين المُدخلات ولكنه لا يتخذ قرار أو يصدر حكم عندما يتعلق الأمر بتحديد السلوك! تبحث النفس في الدماغ فتجد من المُدخلات ما يؤيد أهوائها وما يعارضه، ولكنها تختار بالنهاية ما يمليه عليها هواها وتأمره بالتنفيذ.ويتلقى الجسد من الدماغ كلًا من المعلومات المخزنة والأوامر الوافدة في ذات الوقت، فإذا ما توافقت معطيات الدماغ وأهواء النفس اتسق الجسد مع كلاهما وإذا ما اختلفا وقع الخلل في باقي الجسد، لذا فإن لغة الجسد هي أصدق ما في ظاهر الإنسان، هي الحقيقة التي تحاول النفس سترها ويحاول العقل الصراخ بها..
فعند (الكذب) ينهار الجسد تحت وطأة ما يمده به الدماغ من حقائق تتناقض والأوامر، فتتحدث لغة الجسد فاضحةً ما خفي واستُتِر.السلوك قرار نفسي ينفذه الدماغ.الإرادة هي المقدرة علي اتخاذ القرار في ظل دوافع النفس وأهوائها، وليس كل من لديه إرادة بواعٍ. والضمير هو العقل في حياده، بينما النفس هي الحيود عن الطريق في ذاته، والدماغ هو مرجع المعرفة، وتختلف المعرفة عن السلوك. والعقل محله القلب، والحكيم هو من حيًّد نفسه وعقل بقلبه فأُلهم البصيرة. أما الروح.. فهي تلك البصمة التي تضفي علي ذاتك كل المعاني، هي من أمر ربي، وهي سر من الأسرار، لا ندركها ولكنها تدركنا ومن دونها تحول كل ما سبق إلي مخلوق مادي ملتصق بالأرض لا سبيل له إلّاها، ولا معنى لحياته دونها ففي غيابها لن تفضي تلك الحياة إلي أي شيء.

ياسمين الخولي فيس بوك


[email protected]