رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» للمتطرفين: «كفوا ألسنتكم عن صلاح»

صلاح
صلاح

بينما تنشغل جماهير العالم فى دعم منتخباتها قبل بداية كأس العالم ٢٠١٨ فى روسيا، يتعرض لاعب الكرة العالمى المحبوب محمد صلاح لهجمة شرسة حاليًا، وللأسف هى من أبناء وطنه، طالبه خلالها المهاجمون بحلق لحيته، وتغطية فخذيه، وعدم السجود شكرًا لله فى ملاعب أوروبا.

الهجمة المشار إليها مزدوجة، حيث يقودها سلفيون يرون أن «صلاح» يخالف الدين، ويشاركهم فيها كُتّاب يؤمنون بأن التدخل فى حرية شخص ما، هو أمر مباح لهم، فى محاولة لإعادة حملات قديمة قادها آخرون ضد موهوبى مصر وعظمائها دون أى سبب واضح، مثل الهجمات التى نالت من الكاتب العالمى نجيب محفوظ، والعالم الكبير أحمد زويل.

«متشدد» ينصح اللاعب بحلق لحيته.. ومنتصر يؤيده: «مش مِلك نفسه»
البداية كانت من نصيب الكاتب الصحفى محمد بركات، المعروف بتشدده الدينى، والذى له آراء تشبه إلى حد كبير آراء الإخوان والتكفيريين، وهو ذات الشخص الذى طارد نجمات مصر عبر الفضائيات ليلبسن الحجاب عنوة، ليطالب هذه المرة «صلاح» بأن يخرج على جمهوره بـ«نيولوك» يغيّر به شكله، بأن يحلق لحيته ويغيّر تسريحة شعره.
وأضاف «بركات»: «يجب على صلاح أولًا أن يحلق لحيته الكثيفة التى لا تتناسب مع سنه أو نجوميته، التى تكاد تضعه من حيث الشكل على الأقل فى سلة واحدة مع المتطرفين المتزمتين، إن لم تضعه مع الإرهابيين أو المتعاطفين معهم على الأقل، وبعد هذا فإن عليه أن يعيد النظر تمامًا فى تسريحة شعره الكثيف، الذى يبدو منفوشًا، وكأن الحلاق لم يعرف طريق شعره منذ سنوات».
وأضاف مخاطبًا إياه: «حسنى مبارك حين أصبح رئيسًا للجمهورية، كتب الدكتور يوسف إدريس مقالًا فى الأهرام طالبه فيه بأن يغيّر من تسريحة شعره، وبالفعل سمع الرئيس كلماته».
كان من المتوقع أن يدرك الأستاذ بركات، الطبيعة الشخصية لمحمد صلاح، وتأثير الواقع الذى يحياه فى أوروبا، والحرية الشخصية لنجم موهوب يجب أن يتمتع بها، وأنه ليس على نجوم الفن والرياضة والرؤساء والمشاهير، الاستجابة لكل من يطالبونهم بتغيير قصة شعرهم، أو حلق لحيتهم.
الكاتب الكبير صلاح منتصر، دخل على الخط، وأيد «بركات» فيما قاله، وأضاف أن «صلاح» لم يعد فردًا مِلك نفسه، بل يعد نموذجًا لبلده وصاحب عبقرية خاصة وموهبة، قد لا يعرف أن هناك ملايين الأمهات المصريات اللاتى لا يعرفن كرة القدم، يشعرن لحظة ظهوره فى الملعب بأنه ابن لكل أم، وأن كلًا منهن تدعو له بأن يحميه الله من نفسه ومن الآخرين، مؤكدًا: «وعليه أن يظهر فى الصورة الجميلة التى نتمناها له».
وطالب «منتصر» العالمى «صلاح»، بأن يعيش شبابه وألا يتعجّل اللحية والشعر الغجرى، وفق قوله.

سلفيون: لا يُعد سفيرًا للإسلام وكرة القدم حرام بسبب كشف العورات
السلفيون بالطبع لم يتركوا موقفًا كهذا دون مزايدة، ففى تسجيل مطول شن هشام البيلى، الداعية السلفى البارز، هجومًا شرسًا على النجم المصرى «صلاح»، وذلك ردًا على سؤال جاءه كطلب فتوى، حول ما إذا كان النجم المصرى سفيرًا للإسلام، ونجح فى تحسين صورة الدين بأدائه وأخلاقه داخل الملعب وخارجه.
«البيلى» قال: «هذا اللاعب يقوم بعمل مخالفات شرعية كثيرة لا تجوز، ولا يعتبر سفيرًا للإسلام لأنه يسجد بعد إحرازه الأهداف، وعليه أن يترك اللعب، وأن يتوب إلى الله، وإذا أراد أن يمثل الإسلام فليمثله من خلال تعلم العمل الشرعى، وأن يدعو إلى الله عز وجل على بصيرة».
وأبدى «البيلى» تعجبه من الإشادات الواسعة بـ«صلاح»، وعلّق على هذا الأمر قائلًا: «أوصل الأمر إلى أن نعتقد أن هذا اللاعب سفير للإسلام، رغم المعاصى التى يرتكبها بداية من إظهار فخذيه، والمقامرات التى تحدث فى اللعب، وتضييعه للصلوات، وإقراره الاختلاط المحرم فى المدرجات».
وتساءل: «هل ينفع محمد صلاح الإسلام أكثر من مشايخنا لمجرد أن يسجد شكرًا على هدف أحرزه، فهل يسجد سارق لإحرازه مالًا؟، وهل يسجد القاتل عندما ينجح فى جريمته ويهرب أيضًا؟».
من جانبه، قال حسين مطاوع، الداعية السلفى البارز، لـ«الدستور»،: «انقسم العلماء حول كرة القدم إلى فريقين؛ فريق منعها لما فيها من إضاعة للوقت واللعب على الأموال، وهذا يدخل فى حكم الميسر، ولأنها تكشف فيها العورات، والفريق الآخر أجازها بشروط، وهى لا تُكشف فيها العورات، وعدم إعطاء الجُعل (أى الرهان على المال) عليها، وعدم تضييع أوقات الصلاة، وأن يكون الغرض منها الاستجمام فقط، وأخيرًا ألا تكون عادة».
أحمد هلال الداعية السلفى البارز، والقيادى بالدعوة السلفية، تحدث أيضًا عن مدى جواز لعب كرة القدم واحترافها، قائلًا: «احتراف لعب الكرة والتكسب منها محل نظر واختلاف بين أهل العلم، تبعًا لاختلافهم فى حكم السباق على عوض من غير المتسابقين فى غير الرماية وسباق الخيل، وما يقاس عليه من سباق السيارات ونحوه، مما يستعان به على الجهاد، ولكن كرة القدم تشتمل على جملة مخالفات من عصبية جاهلية للفرق والقوميات وسباب وقطيعة، فلا يجوز المشاركة فيما يؤدى إلى ذلك سدًا للذريعة المفضية إلى المحرمات، فإن خلت من هذه المخالفات ففى حكمها، والأصل أنها مباحة إن لم تكن على عوض ولم تؤدِ إلى مخالفة شرعية مع ستر للفخذ بلا خلاف.
وأضاف «هلال» متحدثًا عن «صلاح»: «أخلاقه لا نعلم عنها إلا خيرًا، فهو يقيم الصلاة ولا يترك الصيام ودائم قراءة القرآن، وهذه العوامل سر تفوقه وتقدمه على أقرانه، والجميل أن الناس تقتدى بالمشاهير، فإذا كان الرجل المشهور من أصحاب الأخلاق، فحسن لما يتركه من أثر القدوة فى نفوس محبيه، بخلاف غيره، ولكن ينبغى أن يوجه الناس إلى الاقتداء بالنبى والصحابة والسلف الصالح، ولا يلتفت إلى المشاهير وليكن قدوته أهل العلم بالدين والأخلاق لأنهم على علم بالإسلام».
لقد تلاقت أهداف السلفيين فى تحطيم موهبة محمد صلاح مع كتّابنا الأعزاء، ألا يرفعون أياديهم عنه بعد أن استطاع أن يصل لمرحلة فى حياته الكروية لم يصل إليها أى لاعب مصرى على مر التاريخ؟، فهو الذى يتميز بدماثة خلقه وتدينه وحبه الكبير لوطنه مصر، حيث صار بين عشية وضحاها حديث العالم، وأيضًا دون أن يدرى أصبح سفيرًا لبلده، ولم يصل لهذه المكانة إلا بمثابرته وطموحه وعزيمته لإثبات نفسه فى رياضة أحبها.