رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ريم الشاذلى تكتب: جناية الحرب على النفس البشرية

ريم الشاذلى
ريم الشاذلى

منذ أن خلق الله البشر وهناك صراعٌ بين الخير والشر، وصراع أقوى للتملك والسيطرة، ومن الأمثلة الدالة على ذلك بقوة قصة قابيل وهابيل، التى كانت الشرارة الأولى لهذا الصراع، الذى استمر إلى وقتنا الحالى، لكن بشكل وأساليب مختلفة، ربما تكون أكثر بشاعة من الماضى.
ففى عصرنا الحالى الذى تسيطر فيه الصراعات على كل شىء، نجد أن الحرب لا تقتصر على مذهب أو عرق، كما كان فى الماضى، بل امتدت إلى أبعد من ذلك بكثير، فشملت التعليم والتربية والاقتصاد والصحة، وأصبح الصراع يمتد لكل شىء فى حياتنا اليومية ويؤثر بشكل مخيف فى النفس البشرية وطريقة تفكيرها.
ربما نجد الآن بعض البشر يتصارعون مع ذواتهم، حتى انتشرت الأمراض النفسية الدخيلة على مجتمعاتنا العربية، التى تتحول بسهولة بعد ذلك إلى أمراض جسدية ربما تؤدى إلى الوفاة، كما حدث فى أوروبا أثناء الحربين العالمية الأولى والثانية حيث تضاعفت أمراض الاكتئاب والقلب والقلق وغيرها، وازداد بشكل كبير الإقبال على تناول المواد المخدرة.
وفى عصرنا الحالى، هناك مئات الأمراض النفسية والجسدية الدخيلة على مجتمعاتنا العربية، بسبب الحروب الدائرة فى المنطقة، وهى لا تقتصر على الرجال، كما كان فى الماضى، لكنها تسللت أيضًا إلى المرأة والأطفال بشكل مخيف، فأصبحت أشد خطرًا على الإنسانية من أسلحة الدمار الشامل.
وارتبط التاريخ البشرى بالحروب بشكل كامل، حتى وصلنا إلى المرحلة الحالية التى لم يعد يدرس فيها الطالب أثناء مراحل التعليم المختلفة فى مادة التاريخ سوى الحروب والغزوات، وكان لهذا تأثيره السلبى فى نفسية الطالب.
وعلى الرغم من أن المرأة لم تشترك بشكل مباشر فى القتال والحروب، إلا أن الحروب أثرت فيها بشكل كبير، فأصبحت السيدات يواجهن مشكلات وضغوطا مضاعفة، كونها امرأة أولًا وزوجة وأمّا وابنة ثانيًا.
وبالرغم من أن ظروف النساء تختلف اقتصاديًا واجتماعيًا عن الرجال، فإن مخاوفهن تزداد فى الحروب، ليس من الموت فقط، بل تمتد إلى مخاوف الخطف والاعتداءات الجنسية والتفكك الأسرى والنزوح والاضطرابات النفسية الخطيرة، لذا معظم النساء اللاتى تعرضت بلادهن لاندلاع الحروب يعشن فى أوضاع معيشية تفتقد أبسط حقوقهن الإنسانية.