رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عميد «طب عين شمس»: نظام تعليمى جديد بدءًا من سبتمبر لتخريج طبيب عالمى بحلول 2024

جريدة الدستور

كشف الدكتور محمود المتينى، عميد كلية الطب بجامعة عين شمس، عن خطة لرفع مستويات خريجى كليات الطب فى مصر، تقوم على تفعيل نظام تعليمى جديد، يبدأ تطبيقه فى سبتمبر ٢٠١٨، متوقعًا أن يصل الطبيب المصرى من خريجى الكلية إلى مستوى مكافئ لغيره من طلبة أعرق الجامعات العالمية بحلول ٢٠٢٤.
وأوضح فى حواره مع «الدستور»، أن نظام الدراسة الجديد يعتمد على تقليص مدة الدراسة إلى ٥ سنوات، ورفع مدة الامتياز إلى سنتين، مع إخضاع الطلاب لامتحانات موحدة لقياس المستوى، معتبرًا أن تطبيق نظام «البورد»، سيُغنى خريجى الطب عن معادلات الزمالة، ودرجات الماجستير، التى ستقتصر فى المستقبل على الراغبين فى استكمال دراستهم الأكاديمية فقط.

■ ما تفاصيل النظام التعليمى الجديد فى كلية طب عين شمس؟
- قديمًا كان التعليم عبارة عن دراسة الطالب لمدة «٦» سنوات بالكلية، وسنة للامتياز، أما النظام الجديد الذى سيبدأ العمل به فى سبتمبر ٢٠١٨ فسيكون خمس سنوات دراسة وسنتين للامتياز، والـ٣ سنوات الأولى تشمل التعليم الطبى الأساسى، والسنتان الأخيرتان التعليم «الإكلينيكى»، على أن يكون بينهما نظام تكاملى، وسيكون التعليم بنظام الساعات المعتمدة، بمعدل نحو ٢٢٠ ساعة على مدار الخمس سنوات.
■ ما أهم مميزات هذا النظام؟
- مواكبة نظام التعليم فى العالم كله، وعن طريقه نمنع التكرار فى المناهج والحشو، مع إتاحة البدء فى تعرض الطالب للدراسة الإكلينيكية مبكرًا، وعن طريقه سنتخلص من الدبلومة والماجستير وزمالة الصحة، وسنضمن أن الطبيب أو الجراح الذى يعمل فى أى مكان لديه نفس المستوى فى تخصصه، لضمان سلامة المرضى، أما البحث عن التميز والممارسات المتقدمة والتخصصات الدقيقة، مثل زراعة الأعضاء وجراحات القلب، فهى تأتى بطبيعة الأمر بعد استكمال الدراسة الأكاديمية.
■ لماذا اخترتم بدء التطبيق فى ٢٠١٨؟
- نحن نمر هذا العام بمفترق طرق، فكليات طب عين شمس، حصلت على شهادة ضمان جودة التعليم من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، فى ٢٠١٣، وينتهى اعتمادها هذا العام، لذلك نبحث عن تطوير النظام التعليمى قبل الحصول على الاعتماد الجديد، أما المستشفيات التابعة للجامعة، فنحن نجحنا فى تجديد الاعتماد لمستشفيات النساء والولادة والقلب، وجارٍ الحصول على الاعتماد الخاص بمستشفى الباطنة والجراحة.
■ كيف سيؤثر هذا النظام فى تدريب الطلاب؟
- النظام سيتغير بالكامل، فالطالب سيبدأ تدريبه فى سنتى الامتياز، وسيحصل على تدريب إكلينيكى حقيقى، ينتهى باختبار موحد للإجازة يتم على أساسه تحديد مستوى الخريج، وبالتعاون مع الهيئة القومية للتدريب الإلزامى، سيحصل الطالب على نسبة ٧٠٪ من الدرجات من امتحانات البكالوريوس، ونسبة ٣٠٪ من هذا الاختبار، ثم يبدأ الخريج مرحلة الطبيب المقيم لمدة خمس سنوات، تنتهى بامتحان «البورد»، الذى وجه الرئيس السيسى بسرعة تطبيقه.
وبعد تطبيق النظام، لن يضطر الخريج لأن يصبح باحثًا أو يحضّر درجة ماجستير ليمارس المهنة، فبعد الامتحان الموحد، وحصوله على «البورد»، يمكنه بدء العمل مباشرة، فى حين سيقتصر تحضير الماجستير والدكتوراه على المهتمين بالدراسة الأكاديمية والبحث العلمى، وما يعوق تنفيذ هذا حاليًا هو أن الجامعات لم تتخذ قرارها بشأن إلغاء الماجستير ودرجة الزمالة بعد.
■ هل ستعترف الجامعات العالمية بالنظام الجديد؟
- نتوقع أن تعترف الجامعات العالمية والدول الأوروبية بخريجى النظام الجديد، فى المستقبل القريب، دون الحاجة إلى معادلة، لكن هذا يعتمد على جودة تطبيق النظام، وأتوقع بحلول ٢٠٢٤ ألا يكون هناك فارق فى المستوى بين خريج كليات الطب المصرى ونظيره فى الغرب، لكن هذا يتطلب منا التكاتف فى العمل، والاجتهاد من الطلبة وهيئة التدريس.
■ كم عدد الطلاب لديكم فى كلية طب عين شمس؟
- لدينا نحو ١٢٠٠ طالب فى الدفعة الواحدة، وندرس لـ٦ دفعات وفقًا للنظام القديم، إلى جانب ٣٥٠٠ طالب بالدراسات العليا، ونعمل حاليًا على تأسيس نظام تعليم موازٍ، هو نظام الـEMP، الذى يدرس به ١٢٠ طالبًا، ومن المقرر عند بدء النظام الجديد أن ندمج النظامين ببعضهما البعض، حتى يحصل كل طلابنا على نفس التعليم بلا تمييز.
والنظام الجديد سيجعل كل طالب يحصل على نفس جودة التعليم، ويزيد من الحلقات النقاشية، ويقلل عدد الطلبة بالمحاضرة الواحدة، ويزيد من تعرضهم للتجربة الإكلينيكية، مع نظام موحد للامتحانات والإجازة.
■ هل سيتم تقليص عدد الطلاب المقبولين فى السنة الدراسية الجديدة؟
- نحاول أن نحقق ذلك، وأتمنى ألا يزيد عدد طلابنا فى سبتمبر ٢٠١٨ على ٥٠٠ أو ٦٠٠ طالب، بدلًا من ١٢٠٠، حتى نستطيع تطبيق برنامج التعليم الجديد بصورة مرضية، فوفقًا للبنية التحتية لكلياتنا يجب ألا يزيد عدد الطلاب بكل محاضرة على ٤٠ أو ٥٠ طالبًا، كما هو متبع فى بلاد العالم.
■ ألا يؤثر ذلك على فرص الراغبين فى الالتحاق بكليات الطب من أوائل الثانوية؟
- لا أظن ذلك، فمشكلة الأعداد الكبيرة تعانى منها بعض الكليات الكبيرة فقط، مثل عين شمس والقاهرة والإسكندرية والمنصورة، أما باقى الكليات فهى غير مكتظة بالطلبة، ويمكنها استيعاب أعداد أكبر لتعويض هذا النقص، فمثلًا كلية طب القوات المسلحة تقبل فقط ٢٠٠ طالب فى العام، لذا من السهل إعادة توزيع الطلبة لتخريج أطباء بمستويات عالمية.
■ ما قواعد قبول الدفعات الجديدة؟
- حاليًا ليست هناك اختبارات للقدرات، ولكن من الممكن البدء فى إجراء بعض الاختبارات فى المواد الطبية، مثل الأحياء والكيمياء، مع تطبيق اختبارات التوازن النفسى واللغة والكمبيوتر ومهارات التواصل، لاختيار من يصلح ليكون طبيبًا.
■ ألا تعتقد أن هذه الاختبارات يمكنها أن تحرم كثيرين من حلم الالتحاق بالكلية؟
- لا أعتقد أن هذا يعد حجبًا للفرص، فالكثير من خريجى الطب لا يزاولون العمل بالمجال، بل يتجهون لمجالات أخرى بعد أن كلفوا الدولة عبئًا اقتصاديًا، وقديمًا لم تكن هذه الاختبارات موجودة، لكن الآن من الأفضل تحديد الاتجاهات من البداية.
■ هل تعتقد أن أعداد الأطباء فى مصر أكثر من اللازم؟
- مصر تحتاج إلى طبيب ممارس عام لكل ٥٠٠ إلى ١٠٠٠ مريض، وإخصائى لكل من ٥ إلى ١٠ آلاف مريض، لذا فالأعداد ليست أكثر من اللازم، لكن يجب إعادة توزيعها، لأن الأغلبية تتركز فى الدلتا والقاهرة، فالمشكلة الكبيرة هى سوء التوزيع.
■ يعانى المجال الطبى من عدم تفرغ أعضاء هيئة التدريس.. فهل يؤثر ذلك على العملية التعليمية؟
- بالطبع يؤثر سلبًا، ويعتبر مشكلة تواجه التعليم فى الكليات العملية، لذا لا بد من إعادة النظر فى منظومة الإجازات المقررة فى قانون الجامعات، وإذا كنا لأسباب عملية لا نستطيع تعويض الأساتذة ماديًا عن مكاسبهم الخارجية، أو تعويض بعضهم عن المؤتمرات العلمية الدولية، فعلينا أن نوازن بنضج بين الخيار الأكاديمى والعمل الخاص، فلكل منهما مميزاته.
ولا بد من تغيير منظومة التدريس فى المستقبل القريب، لأنها تحتاج إلى زيادة منطقية فى الدخل المادى، مع السماح لأساتذة بالعمل الخاص، لكن داخل الحرم الجامعى، حتى لا يهدر الوقت فى العيادات الخاصة، بمعنى أن علينا أن نوجد عيادات داخل الحرم الجامعى، تناسب كل المستويات.
■ كيف تقيّم الخدمة الطبية المقدمة فى المستشفيات الجامعية حاليًا؟
- مستشفيات جامعة عين شمس تتوافد عليها سنويًا أعداد تصل إلى مليون ونصف المليون مريض، وهى ٦ مستشفيات، فى مجالات الجراحة، والباطنة، والطوارئ، والنساء والولادة، والأطفال، وأكاديمية القلب، كما تضم ٥ مراكز فى المجال النفسى، والأورام، والمسنين، وتستوعب ٣ آلاف سرير، يضاف إليها ١٠٠٠ سرير أخرى، بمستشفى عين شمس التخصصى.
كما يتعامل مجمع الدمرداش مع أعداد ضخمة من المرضى، ويجرى عمليات يتراوح عددها ما بين ٢٥٩ و٣٠٠ ألف سنويًا، وتتم إدارة كل هذا بـ٤ آلاف عضو من هيئة التدريس، لذا فهى تؤدى دورًا هائلًا فى تقديم الخدمة الطبية للمواطنين.
■ فى تقديرك.. ما أهم المعوقات التى تعانى منها المستشفيات الجامعية؟
- المشكلة الكبرى تتعلق بالتمويل، فرغم أن الحكومة تعمل بأقصى طاقتها لتوفير الميزانية، إلا أن أغلبية التمويل يذهب للأجور، أما المستلزمات الطبية ومشروعات التجديد فإنها تحتاج إلى تمويل لا ينقطع، وتعتمد على التبرعات، والمساعدات من الجهات المختلفة، مثل المجتمع المدنى والبنوك والشركات وتبرعات رجال الأعمال، وبعدما كانت هذه التبرعات تعتمد على الثقة الشخصية، أسسنا منذ عامين جمعية «نهضة طب عين شمس»، التى وصل حجم تبرعاتها إلى ٢٢ مليون جنيه.
■ هل أثرت هذه التبرعات فى جودة الخدمة بمستشفيات عين شمس؟
- دعنى أتحدث عن تأثيرها على مستشفى الدمرداش فقط، فهى النواة التى قامت عليها كليات طب ومستشفيات عين شمس، وتاريخيًا، تأسس المستشفى عام ١٩٢٨، بتمويل من شيخ فاضل معمم، هو عبدالرحيم الدمرداش، الذى تبرع بـمبلغ ١٠٠ ألف جنيه لبناء مستشفى يخدم كل أبناء مصر، دون تمييز، فالمستشفى بدأ بتبرع.
وعندما احتجنا لبناء أول مستشفى يضم قسمًا خاصًا لخدمة المرضى المسنين، الذين تجاوزوا الستين، ويحتاجون عناية خاصة، وهو مستشفى «الشهيد مهندس أحمد شوقى»، بدأت الفكرة بتبرع أسرته بمبلغ ٢٩ مليون جنيه لتدشينه، ثم أكملنا نحن الباقى، وحاليًا تتعاون معنا البنوك ومؤسسات المجتمع المدنى لجمع التبرعات على رقم حساب موحد، هو «٧٧٩٩٩»، لذا فنحن نعتبر المتبرعين شركاء نجاح، لأنهم يرون ثمرة تبرعهم يومًا بيوم.
■ ما أهم الجهات المانحة لـ«جمعية نهضة طب عين شمس»؟
- هناك كثيرون، مثل البنك الأهلى، وبنك مصر، وبنك فيصل الإسلامى، وبنك الاستثمار العربى، وCIB، وبيت الخبرة ومؤسسة السويدى والشركة القابضة للكيماويات، وحديد عز، ومؤسسة خطاب للورق، وآخرون، ولا أريد أن أسهب حتى لا أنسى أحدًا.
■ ما أولوياتكم فى المرحلة المقبلة؟
- نحن نفتتح حاليًا مستشفى الأطفال الجديد، حتى نعيد رونق ما كان عليه المستشفى فى الأربعينيات، ونحتاج مبنى جديدًا لجراحات الأطفال، سيتكلف ٤٠٠ مليون جنيه، حتى نجمع فيه كل تخصصات جراحات الأطفال، وبتبرع أهل الخير معنا بإذن الله سنبنيه قريبًا.
■ فى تقديرك.. لماذا يخشى المواطن العادى التبرع للمستشفيات الجامعية؟
- لأن الصورة لدى الناس عن المستشفيات تختلف بين الجامعية والخاصة، وتحديدًا تلك التى تخدم تخصصًا واحدًا، مثل القلب والأورام، أو تخدم سنًا معينة، لذا فهم لا يلتفتون للمستشفيات الأخرى، التى تقدم خدمات علاجية لكل التخصصات وكل الأعمار بشكل شبه مجانى، رغم أن هذه المستشفيات الجامعية تخدم نصف سكان مصر تقريبًا، والباقى يتلقى فيها العلاج الخاص أو التابع للتأمين، وهى تعتبر خط الدفاع الأول والأخير لكل المرضى الفقراء المحتاجين فعليًا، لأنها تضم أكبر عدد من المرضى مقارنة بغيرها، وأكبر عدد من المحتاجين من أصحاب المستويات الاجتماعية الضعيفة، ولا ينقصها لتقديم خدمة متميزة جدًا سوى بعض الإمكانيات المادية، للارتقاء بأماكن الإقامة وأماكن الانتظار.
■ يهرب كثير من الأطباء من المناصب التنفيذية.. فلماذا قبلت عمادة كلية طب عين شمس؟
- حياتى عبارة عن محطات، ففى صغرى، كان حلمى أن أصبح جراحًا، ودخلت قسم الكبد والجهاز الهضمى، وقتها كانت البلهارسيا منتشرة، وكنت مبهورًا بزراعة الأعضاء كحل جذرى للمرض، رغم أن هذا التخصص لم يكن موجودًا فى مصر حينها، لذا سافرت إلى فرنسا لأتعلم زراعة الكبد، ووقعت بغرام هذا التخصص، وحاولت إدخاله إلى مصر منذ عام ٩٤، ووقتها قال لى الجميع: «أنت واهم»، لكننى ناضلت من أجل الفكرة، بعد ذلك، شاركت فى وضع قانون التبرع بالأعضاء، وساهمت فى تطوير المنظومة قانونيًا وإداريًا.
وفى المحطة التالية، بدأت تطبيق الفكرة، وعملت مع فريق متخصص فى زراعة الأعضاء، ونجحنا فى الوصول لرقم عالمى، هو ألف عملية، وأصبحنا بهذا ثانى فريق طبى يقوم بهذا العدد من عمليات زرع الأعضاء على مستوى العالم، بعد فريق طبى من كوريا الجنوبية، وحققنا الترتيب الأول مصريًا وعربيًا.
ومؤخرًا، شعرت بأننى مدين لكلية طب عين شمس، التى تخرجت فيها، وحاولت رد الجميل بالمساعدة فى تطويرها والارتقاء بها، سواء فى التعليم أو التدريب أو البحث العلمى، وهدفى كان تطوير برامج تبادل الطلاب مع دول العالم، وتنظيم الدورات المستمرة للخارج لمواكبة التطور الذى حدث فى المجال، وطورنا فى العامين الماضيين نظام عمل المكتبة، التى كانت تغلق أبوابها فى الثانية ظهرًا، حتى نتيح فرصة أكبر للطلاب.
■ ما التحدى الشخصى القادم لك؟
- تغيير الصورة الذهنية لدى الناس عن المستشفيات الجامعية والمجانية، عبر الاستثمار فى البشر، والتدريب المستمر للجميع، فليس معنى كونها مستشفيات مجانية أن تكون غير نظيفة، أو لا تقدم خدمة جيدة، بل يجب أن نتغلب فيها على الروتين والبيروقراطية والبطء والموارد المالية القليلة وأعداد الموظفين، والتدريب الضعيف، فأنا أطمح فى أن تصبح هناك مستشفيات مجانية «خمس نجوم»، وأن يصبح خريج طب عين شمس طبيبًا على مستوى عالمى.