رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإرهاب والعجز عن حب النفس


أحب نفسى، أثق فى قدراتها، أؤمن بها.. حب النفس، ليس فقط، فضيلة كبرى، بل هو أيضا، الذى يجعل الفضائل الأخرى ممكنة. كل أنواع الحب الأخرى، هى امتداد، لحب النفس. إذا لم أحب نفسى، فكيف أحب الآخر؟.. إذا لم أتواصل مع ذاتى، فكيف أتواصل، مع الآخر؟. وهذا كلام منطقى. فكيف للإنسان، الذى يكره نفسه، التى هى أقرب الأشياء إليه، أن يحب آخر، بعيدًا عنه؟.

إن العجز عن حب أنفسنا، هو «إعاقة»، حقيقية، رئيسية، تمنع التفاعل الإيجابى، الصحى، السوى، مع الحياة، ومع البشر.. وإننى مقتنعة جدًا، بأن الشرور التى أصابت البشرية، على مدى تاريخها، كانت على أيدى أناس، عجزوا عن حب أنفسهم. وهذا العجز، «مؤلم»، ويحتاج إلى مسكنات، للتخفيف عنه. هذه المسكنات، تتباين فى أشكالها، ودرجاتها. بدءًا بميول التعصب، والعنصرية، والتسلط، والعنف، والاستغلال، وحتى التخريب، والتدمير، وسفك الدماء، والإرهاب، والحروب. هذه هى «الروشتة»، التى تتستر، على «الرذيلة» الكبرى.. كراهية النفس.

والعكس صحيح، كل أنواع «الخير»، الذى حققته البشرية، كان بسبب، نساء، ورجال، أحبوا أنفسهم، واجتهدوا، لمد هذا الحب، إلى اكتشافات، وإنجازات، تعود على الناس، بالفائدة، والسعادة. داخل كل إنسان، «ذات» متفردة، كبصمة الإصبع.. هذه الذات، هى «الأصل».. هى «الطاقة».. هى «البصيرة».. هى «الإلهام».. هى «سرنا».. هى «قوتنا».. هى «شفاؤنا».. هى «البدء».. هى «المنتهى».

نحن نعيش، فى عالم، مريض، غير سوى، مقلوب المقاييس. عالم، تحكمه أقلية، تملك كل شىء.. وأغلبية، لا تملك شيئًا. والعدو الأول الرئيسى، لهذا العالم، هو نساء، ورجال، يحبون أنفسهم. ولأنهم يحبون أنفسهم، يرفضون كل أشكال، ودرجات الظلم، والقمع.
حب النفس، إذن، هو أداة «ثورية»، تمدنا، بالمقاومة، والتفاؤل، الناضج. وعظماء المقاتلين، من أجل الحرية، كانوا عظماء، فى حب أنفسهم.. لا عجب أن كل الإرهابيين، يحرمون الاحتفال بعيد الحب. فقد عجزوا عن البداية السليمة لكل أشكال الحب، وهى حب النفس. المناسب لهم أن يعلنوا عيدًا للكراهية.
من بستان قصائدى
تعودت على أننى كل صباح.. أجد القصائد مكتوبة تحت وسادتى..
صحوت اليوم ولم أجد شيئًا.. لماذا هجرتنى القصائد..
وتركتنى لوحدتى؟.. ألا تعلم أنها أجنحتى بها أطير..
إلى جزيرة لا يسكنها أحد؟..
ألا تعلم أنها عزائى الوحيد فى عالم
غريبة عنه بالروح والجسد؟.