رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عزام الأحمد: طالبنا القاهرة بالكشف عن الطرف المعطل لتنفيذ المصالحة الفلسطينية (حوار)

عزام الأحمد
عزام الأحمد

قال عزام الأحمد، رئيس وفد حركة فتح فى مفاوضات المصالحة الفلسطينية، التى تقودها مصر، إن العراقيل أمام تمكين حكومة التوافق الوطنى من بسط سلطتها على قطاع غزة سيطرت على مباحثات الوفد مع المسئولين المصريين، خلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، مشيرًا إلى أن الوفد أطلع الجانب المصرى على العقبات التى تحول، حتى الآن، دون تنفيذ اتفاق القاهرة فى ١٢ أكتوبر ٢٠١٧.
وأضاف «الأحمد»، فى حواره لـ«الدستور»، أن الوفد ناقش أيضًا قضية معبر رفح والكهرباء، مشيرًا إلى أن المسئولين المصريين أكدوا سرعة عودة العمل بمعبر رفح بشكل طبيعى.

■ بداية.. ما أهم المحاور التى ناقشها الوفد فى زيارته الأخيرة لمصر؟
- أغلب المباحثات كان حول قضية المصالحة الفلسطينية، وتطرقنا إلى العراقيل أمام تمكين حكومة التوافق الوطنى من بسط سلطتها على قطاع غزة، كما فى الضفة الغربية.
وشرحنا العقبات التى تحول، حتى الآن، دون إنجاز تنفيذ الاتفاق الذى جرى فى ١٢ أكتوبر ٢٠١٧، وكان يفترض بموجبه الانتهاء من تمكين الحكومة فى ١٠ ديسمبر، وهو ما لم يحدث، بل أقول إن الحكومة الموازية التى شكلتها حماس طيلة فترة الانقسام، وتم الإعلان عن حلها فى بيان، ما زالت تتحكم فى الأمور فى قطاع غزة، وحتى الآن التمكين لم يُنجز، وما جرى خطوات بسيطة غير جوهرية.
وخلال المناقشات، شرحنا ذلك بالتفصيل، وقدمنا حقائق موجودة على الأرض، وحتى الآن أعضاء اللجنة الإدارية، هم من كبار الموظفين بالوزارات الذين عينتهم حماس، يتصرفون وكأنهم هم الوزراء، ويعتبرون حماس مرجعيتهم، ولا ينفذون تعليمات وقرارات وزرائهم وهذه عقبة كبيرة جدًا.
■ هل من مثال على ما تقوله؟
- شىء بسيط، أن حماس لم تسلم الحكومة ملف جباية الرسوم والضرائب والواردات لوزارة المالية، ولم تتوقف عن جبايتها، تحت أى مسمى يجمعون هذه الأموال؟.
وهذه المسألة جوهرية ومفصلية، فتمكين حكومة التوافق الوطنى حجر الزاوية فى كل مسيرة لإنهاء الانقسام، ودون إنجاز هذه المسألة لا يمكن التقدم لإتمام المصالحة، ونحن أبلغنا الأشقاء فى مصر بأننا نتمسك برعاية القاهرة، وبإلحاح نقول: «يجب أن تستمر فى وجودها على الأرض فى غزة لتراقب خطوات التنفيذ وتتدخل مع جميع الأطراف، وليس فقط مع حماس، لكن مع فتح أيضًا»، لذلك اتفقنا مع المسئولين المصريين على أن الوفد الأمنى المصرى الذى كان موجودًا فى غزة وغادر قبل نحو شهرين، سيعود إليها خلال الأيام القليلة المقبلة، لمتابعة تنفيذ مسألة تمكين الحكومة بكل تفاصيلها وبشكل دقيق وأمين.
■ هل سيجمعكما لقاء مع وفد حماس فى القاهرة؟
- لا أدرى، لننتظر الاقتراحات المصرية حول هذا الموضوع، ولا توجد هناك قطيعة بيننا وبين حماس.
■ كان هناك حديث مؤكد أنه سيُجرى الإعلان عن الطرف المعطل للمصالحة؟
-نحن نلح على ذلك، وأعود بك إلى الوراء فى عام ٢٠٠٩ عندما أنهت مصر إعداد وثيقة الوفاق الوطنى للمصالحة، وطلبت من حماس وفتح فى ذلك الوقت التوقيع، وقال الراحل عمر سليمان، بالنص فى لقاء بعمان مع الرئيس «أبومازن»، وبحضور أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية المصرى آنذاك: «الطرف الذى لا يوقع فى ١٥ أكتوبر ٢٠٠٩، مصر ستصدر بيانًا بشأنه». وفى هذه الأثناء حضرت شخصيًا، ووقعت على الاتفاق، ولم تحضر حماس، وأصدرت فى حينه مصر بيانًا حمّلت حماس مسئولية عدم التوقيع، ولم توقع حماس على نفس الوثيقة إلا عام ٢٠١١، والآن نحن نلح على مصر ونقول إن عليها أن تمارس دور الوسيط والراعى والحَكم، وندعوهم لأن يقولوا لنا «أنتم مخطئون لو أخطأنا».
■ هل مصر وفقًا لاتفاق أكتوبر شريك أيضًا إضافة لرعايتها المصالحة؟
- نعم.. هى شريك، وهذا سبب تردد الوفد المصرى الأمنى باستمرار على غزة ورام الله.
■ حماس تتهم السلطة بتصدير أزمة الرواتب والكهرباء.. بما تردون؟
- لا أحد يتحدث فى غزة، سواء من حماس أو غيرها بشأن الكهرباء، والموضوع انتهى منذ نحو شهر، والمشكلة أن الإعلام الفلسطينى أو العربى لا يتابع، ويتلقى فقط، ولا يمارس دور السلطة الرابعة، وأنا أسأل ماذا قال الإعلام لفتح وحماس؟.
■ الإعلام العربى خاطب حماس وفتح وخرجت الأصوات الداعية إلى عودة اللحمة الفلسطينية ليقف الفلسطينيون صفًا واحدًا فى مواجهة «صفقة القرن» التى بات واضحا استهدافها للقضية؟
- لا يوجد شىء اسمه «صفقة القرن»، بل «صفعة القرن»، وهى مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية، وكل من لا يتوحد الآن فى الساحة الفلسطينية يكون شريكًا فى تصفية القضية، فالمستفيد الأول من قضية الانقسام الاحتلال الإسرائيلى، وحتى أمريكا نفسها، التى سبق أن هددتنا عام ٢٠٠٩ بألا نحضر لتوقيع اتفاق المصالحة، لكن رغم التهديد قال «أبومازن» وقتها: «لتذهب أموال الكونجرس كلها إلى الجحيم، فوحدتنا أهم من كل أموال الدنيا».
للأسف وسائل الإعلام لدينا تسهم فى تجهيل الرأى العام العربى، وهذه تهمة أوجهها لهم، ليس فقط على مستوى القضية الفلسطينية، بل فى الإطار المحلى، «داعش» دمرت المنطقة العربية، والإعلام العربى كان أبواقًا وأدوات للتدمير، بالتبشير لما سمى بالربيع العربى، الذى دمر ٤ أو ٥ دول عربية، وحتى مصر يلاحقونها لتدميرها. وسؤالى: «متى ظهرت هذه التنظيمات الإرهابية، ومن يمولها، ومن أوجدها ويساعدها؟».
■ خلال الاجتماع السابق للبرلمان العربى وجهت اتهامًا مباشرًا للإخوان بمسئوليتهم عما يشهده العالم العربى.. ألا تزال عند موقفك؟
- لا أودّ التطرق لذلك مجددًا، فالإخوان يعرفون أخطاءهم التى ارتكبوها وما زالوا، ومن ضمنها قضية الانقسام فى الساحة الفلسطينية.
■ لكن الانقسام فى فلسطين لم يقف عند حد فتح وحماس.. بل إننا نرى انقسامًا «فتحاوى ــ فتحاوى» أيضًا؟
- هذا أيضًا من ضمن أبواق التضليل والخداع والنفاق والشقاق والرشاوى، فتح غير قابلة للتقسيم، فهى التيار والتنظيم الوحيد القائم الذى لم يتغير فى برنامجه وأهدافه وأساليب عمله.
■ لكن ماذا عن اختلاف مواقف الفصائل حول بعض القضايا الوطنية؟
- غير صحيح، فالمجلس المركزى الفلسطينى التأم مؤخرًا، واجتمع بحضور كل الفصائل الفلسطينية، المنضوية تحت منظمة التحرير، وهناك لجنة وأنا عضو بها، لمتابعة تنفيذ القرارات التى تم الاتفاق عليها، ونحن موحدون رغم أنف المغرضين، سواء كانوا فى الساحة العربية أو الإسرائيلية أو الأمريكية، فكلهم سواء، والذى يسعى لتفتيت الساحة الفلسطينية أدوات إسرائيلية وأمريكية فى الإعلام العربى والساحة العربية لبث روح الإحباط واليأس فى الصف الفلسطينى، وهذا بالنسبة لنا كما المسيحيين الصهاينة، هناك العرب الصهاينة.
وأقول إن كل حركات التحرر الوطنى حول العالم لم تكن موحدة بالكامل، لكن الغالبية العظمى عندنا موحدون فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وعمودها الفقرى حركة فتح، ولذلك انتصرنا أيديولوجيًا على الحركة الصهيونية وعلى الإمبريالية والاستعمار القديم التى تجاهلت وجود الشعب الفلسطينى، ورغم كل الصعاب التى نواجهها إلا أننا انتزعنا اعترافًا بفلسطين وبالشعب الفلسطينى.
■ نأتى إلى قضية القدس وأزمة إعلان الرئيس الأمريكى كونها عاصمة لدولة الاحتلال.. لماذا لم تخرج انتفاضة رغم خطورة الموقف؟
- نتحرك بشكل سلمى، هذه استراتيجيتنا الحالية، ولا يمر يوم إلا باحتجاج، لكن نتحرك وفقًا لخطة محكمة طويلة الأمد، فلا نريد دماء، لكن إذا كانت إسرائيل تريد الدم فنحن كما كان يقول الشهيد ياسر عرفات: «شلال دم لن يتوقف إلا بإنهاء الاحتلال»، أما طريقة نضالنا فنحن من يختارها ولا يمكن أن تُفصل لنا، وإسرائيل تحاول أن تجرنا، مثل بعض الإعلاميين العرب.
■ الشارع العربى ظهر وكأنه ينتظر إشارة فلسطينية ليتحرك.. فهل كان ذلك بسبب أزمات العالم العربى ومشكلاته الداخلية أم أن القضية هناك من همَّشها؟
- العالم العربى يواجه أزمة حقيقية، أزمة وجود، والأمة العربية كلها مهمشة والدور العربى محدود فى السياسة الدولية، حتى فى الدفاع عن القضايا العربية، والهيمنة الأمريكية خلال السنوات العشر الأخيرة تضاعفت أكثر على النظام العربى الرسمى، وأيضًا فى الواقع بالشارع العربى، تحت اسم الربيع العربى، ودعونا نتذكر أين هم فرسان الربيع العربى الآن؟ رجعوا إلى تركيا وأمريكا، فمن حركهم وأين تدربوا؟ لذلك صدروا لنا حروب داحس والغبراء، فالعراق دُمر، وسوريا دُمرت، وكذا اليمن وليبيا، ومعظمها قسمت هنا وهناك، مصر أيضـًا تعانى فى مساجدها وكنائسها من الإرهابيين وفى سيناء، وكل هذا صناعة صهيونية ــ أمريكية.
وهيلارى كلينتون نفسها تكلمت حتى عن دور أمريكا فى صناعة «داعش»، لذلك الكل يعانى، ونحن كفلسطينيين أقل بلد عربى داهمه هذا التيار الإرهابى، لم يستطيعوا مداهمتنا وحققنا إنجازات رغم الانشغال العربى عن القضية الفلسطينية.
لكن بالرغم من ذلك، أقول إن القضية الفلسطينية نهضت من جديد وخرجت من الجمود بعد قرار ترامب اللعين.
■ ونحن على أعتاب القمة العربية فى الرياض.. ما الذى تأمله فلسطين منها فى الوقت الراهن؟
- نحن كنا نسعى إلى عقد قمة استثنائية قبل انعقاد القمة الإسلامية حول القدس، لكن بسبب سوء وضع النظام العربى الرسمى والهيمنة الأمريكية لم نتمكن من عقدها، ورغم ذلك نحن لا نيأس ولا نُحبط؛ لأن عنصر الحق كما انتصر فى المجتمع الدولى سينتصر حتى على النظام العربى الرسمى، لذلك لا نيأس ونتطلع إلى القمة العربية المقبلة فى الرياض لتصحح من مسار الموقف العربى الرسمى مع الموقف الرسمى الفلسطينى ليكونوا ملتحمين مع موقف الشارع العربى كله فى مجابهة السياسة الأمريكية الرعناء تجاه الصراع الإسرائيلى ــ العربى وتجاه الأطماع الصهيونية فى المنطقة العربية والأطماع الأمريكية فى نهب الثروات العربية.
■ على ذكر القمة العربية.. هل ما زالت مبادرة السلام العربية صالحة رغم المتغيرات الراهنة؟
- نعم.. بالنسبة لنا ما زالت صالحة ويجب التمسك بها، ودليل صلاحيتها أن أمريكا وإسرائيل تسعيان إلى تعديلها وتجاوزها، وأدواتهما التى تطلق شعارات لفظية دون معنى، ولذلك قال الزعيم الصينى ماو تسى تونج: «عندما يلتقى موقفك مع موقف خصمك، راجع موقفك لأنه خطأ، وهذا إحدى أهم قواعد حرب الشعب طويلة الأمد».
■ هى رسالة توجهها للعرب إذن؟
- لكل من يشككون، وحتى الأفراد، ونعم مبادرة السلام العربية نتمسك بها ولا نقبل تعديلها أو تغيير أولويات تنفيذها، فإنهاء الاحتلال أولًا، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضى المحتلة لعام ١٩٦٧ والقدس الشرقية عاصمتها، وحل عادل لقضية اللاجئين، ودون ذلك لا سلام فى المنطقة ولا أحد يستطيع أن يفرض السلام.
■ كيف تنظرون إلى ما تصدره إسرائيل بأن علاقتها فى أحسن حالاتها مع كثير من الدول العربية؟
- نحن لدينا معلومات حول ذلك، والموضوع الذى تحدثت عنه حول أولويات تنفيذ مبادرة السلام العربية يتعلق بهذا الموضوع، فهناك بعض الأطراف، والأنظمة العربية تقيم اتصالات مع إسرائيل وعلاقات بأشكال مختلفة، وتحاول تجاوز مبادرة السلام العربية، ولكن أؤكد أننا سنكون فى مقدمة المتصدين لمحاولات تطبيع العلاقات العربية ــ الإسرائيلية قبل تنفيذ مبادرة السلام العربية كاملة.
■ خرج لأول مرة وزير عربى وأخص بالحديث وزير الاستثمار السودانى مؤكدًا أنه من حق بلاده تكوين علاقات اقتصادية مع إسرائيل.. هل ذلك تحول مباشر فى مواقف بعض الدول تجاه القضية؟
- بعد هذا التصريح زرت السودان، والتقيت الرئيس السودانى ووزير الخارجية، اللذين أعربا عن انحياز السودان الكامل للشعب الفلسطينى، وخرج كثير من المسئولين السودانيين ليعلنوا خطأ تصريحات وزير الاستثمار السودانى، ولكن نأمل من الحكومة السودانية إخراس هذه الأصوات.
■ كيف تنظرون للتصعيد الإسرائيلى ضد سوريا.. عقب إسقاط طائرة صهيونية؟
- ما تألمت له فى هذا الأمر، موقف الإعلام العربى، الذى كان يتحدث عن الأمر وكأنه صليب أحمر دولى، غير معنيين، وهذه كارثة، فلا بديل عن التوحد داخل سوريا للدفاع عن الأرض ضد الاعتداء الإسرائيلى، وأحيى إسقاط سوريا طائرة إسرائيلية لأول مرة منذ ٣٠ عامًا، فإسرائيل الآن تريد افتعال أزمة لتدمير سوريا وجيشها.
■ وأخيرًا.. هل ترى إسرائيل تتحرك ناحية الحرب سواء فى لبنان أو سوريا أو حتى غزة؟
- فى تقديرى هناك توتر، لكن أى صدام جديد لن يكون سهلًا على الجميع بما فى ذلك إسرائيل.