رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلام فى الإرهاب


مما لا شك فيه أن رسالة الشرطة فى تحقيق الأمن العام بمفهومه الشامل، تتطلب منها بعض الحسم فى التعامل مع العناصر الشاردة والعناصر الإجرامية التى لا تهمها المصالح العليا للدولة، وفى سبيل ذلك تضطر إلى فرض إجراءات وقائية، وممارسة حقها فى منع وقوع الجريمة، واتخاذ إجراءات تحول بين تحقيق المجرمين أغراضهم، بما يسمى الأمن الوقائى، أى منع الجريمة قبل وقوعها.
ولعل هذا ما يجعل الشرطة فى حالة خصام دائمًا مع بعض المنفعلين أو من لا تروق لهم تعاملات الشرطة بقصد منع وقوع الجرائم. والغريب أن الشرطة المصرية هى التى دفعت غول الجماعات الإسلامية التى نشأت فى مصر فى مطلع السبعينيات، وقتلوا السادات رئيس الدولة، فى أكتوبر ١٩٨١. فى أوج احتفالات الدولة بعيد النصر. ثم روعوا البلاد فى الثمانينيات، ولولا أن تصدت لهم الشرطة فى ذلك بالحسم، لتحولت مصر إلى أفغانستان قديمًا أو ليبيا حاليًا، لأن الشرطة وقتها أوقفت نمو أولئك الشياطين فى التربة المصرية.
وكانت هناك فرصة لدى مصر، فى قطع شأفة الإرهاب عالميًا من مصر، لو لم تتدخل الدول الكبرى، لحماية التيارات التى قيل إنها معتدلة، وهى التى تمخضت فيما بعد عن التكفير والهجرة، والجهاد، وداعش بأنواعها للجزيرة والمغرب العربى والعراق وسوريا، وجبهة النصرة، وأجناد مصر، وشهداء الأقصى، وحركة شباب المجاهدين، وأنصار بيت المقدس وأنصار الشريعة فى تونس وليبيا، وبوكو حرام فى مالى ونيجيريا. وكل التنظيمات الإرهابية التى تجمعت بعد الربيع العربى فى بوتقة واحدة لتدخل سوريا والعراق وليبيا، وتنهش فى لحوم أبناء تلك الدول.
كان من الممكن أن تقوم مصر وحدها بالقضاء على كل جماعات الإرهاب، ولكن كان لبريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص، الفضل فى تحجيم الدور المصرى، وغل يدها عن القضاء على تلك التنظيمات فى حينه، بإيعاز من تركيا وقطر، عن طريق منظمات حقوق الإنسان فى أوروبا، ومنظمة فريدوم هاوس فى أمريكا، واللجنة الأمريكية للحريات الدينية. والغريب أنهم اعتبروا أن أبناء تلك المنظمات الفارين لأمريكا ودول أوروبا مضطهدون، دينيًا وسياسيًا، وأعطوهم حقوق اللجوء ومعونات مالية وسمحوا لهم بمهاجمة مصر.
ولكن هناك نقطة يجب التنويه عنها، وهى أن إسرائيل وضعت بصمتها، وسمحت لجماعة حماس بالاستئثار بغزة، لطعن التيار المعتدل من الثورة الفلسطينية، ممثلًا فى منظمة التحرير الفلسطينية، بقيادة ياسر عرفات، وزرعت حماس فى غزة، لتنهى عملية التفاوض، التى كانت قد أوشكت أن تنتهى فى أوسلو بدولة فلسطينية. والمعروف رسميًا باسم إعلان المبادئ، حول ترتيبات الحكم الذاتى الانتقالى، وهو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، فى مدينة واشنطن الأمريكية، فى ١٣ سبتمبر ١٩٩٣، بحضور الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون.
ولكن أمريكا وتركيا وقطر، ساعدت منظمة حماس على التمركز بقطاع غزة، وهو ما جعل إسرائيل توقف عملية التفاوض، وقالت: إنها لن تتفاوض إلا مع دولة واحدة، ومازال التطاحن قائمًا بين منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة فتح، ويمثلها الآن الرئيس المنتخب محمود عباس، ومنظمة حماس ويمثلها خالد مشعل، الذى يديرها الآن من قطر.
وتلاشت تمامًا أى أفكار للسلام يمكن أن تنشأ فى منطقة الشرق الأوسط، بل تحولت المنطقة كلها إلى أتون حرب يغلى بالإرهاب.