رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد عبد الله: حققت طموحاتي الصحفية وأكثر.. وأبحث عن مجد جديد (حوار)

محمد عبد الله أثناء
محمد عبد الله أثناء حواره مع «الدستور»

«حقّقت كل طموحاتي الصحفية وأكثر، وأبحث الآن عن مجد جديد»، بدأ خلال حواره مع «الدستور» أشبه بمَن يبتغي طريق النجاح سبيلًا، يبحث عنه حيثما قادته الأقدار، يؤكد أنه خلال مسيرته مع صاحبة الجلالة نجح في مداعبة ومعانقة المجد الصحفي، مشددًا على فخره برحلته الصحفية التي لم يخدش حياءها شئ يدعوه للخجل.

الكاتب الصحفي محمد عبد الله التقته «الدستور» في حوار خاص للحديث عن كواليس تجربته الصحفية داخل مجلة «الشباب» بعد رحلة طويلة قضاها بين جدرانها؛ كاشفًا عن طموحاته الصحفية والإدارية خلال الفترة المقبلة، وإلى نص الحوار:

◘ بعد حالة من التوهج داخل جدران مجلة «الشباب».. كيف تلقيت نبأ رحيلك عنها؟

- رحيلي عن «الشباب» كان نبأ أعرفه قبل حدوثه؛ والسبب عائد إلي أنني قد تم تزكيتي وترشيحي لرئاسة أحد المؤسسات الصحفية القومية، وكنت قد بدأت في لملمة أوراقي، تمهيدًا لخوض غمار تلك التجربة الجديدة، لكن شاءت الأقدار ألاّ يحدث ذلك، ولم يتبق أمامي وقتها إلا الرضا بالمكتوب، هذا أولًا.

ثانيًا، شئت أم أبيت حتمًا كانت ستأتي ساعة الرحيل عن مجلة «الشباب»؛ إن لم يكن الآن فلاحقًا، وبطبعي فأنا لا أميل إلى الاستمرار في أي تجربة أكثر من اللازم؛ حتى وإن وصلت بها من نجاحات إلى عنان السماء.

وعندما قدمت عددًا من الأبواب داخل مجلة الشباب كأتوبيس المفاجآت مثلًا، كانت تلك الأبواب عادة ما تحقق نجاحات ملتهبة تشعل حماس القارئ، لكنني مع ذلك لك أكن من هواة العيش على الأطلال، فسرعان ما كنت أبدأ في الثورة على تلك النجاحات بتقديم أبواب أخرى تسير على نفس الخُطى من النجاح.

◘ تقول إنك كنت مرشحًا لرئاسة إحدى المؤسسات القومية لكن القدر حال دون ذلك.. فهل تتحمل الهيئة الوطنية للصحافة وزر الإطاحة بك من مجلة الشباب؟

- إطلاقًا الأمور كانت خارج نطاق الهيئة الوطنية للصحافة، مثلما ذكرت لك سابقًا هي ترتيبات قدرية لا دخل لأحد بها، وأؤكد لك مرة أخرى لحظة الرحيل كانت ستأتي لا ريب في ذلك، والآن كل ما يشغل بالي ويستحوذ على تفكيري هو النجاح في تلك التجربة الجديدة التي أخوضها حاليًا.

◘ لكن لماذا انحسر مشروعك الصحفي داخل جدران «الشباب» دون غيرها من مطبوعات «الأهرام»؟

- عندما التحقت بالجامعة 1987 عملت متدربًا داخل الأهرام، وتحديدًا داخل قسم التحقيقات تحت إشراف الراحلة بهيرة مختار في فترة كانت تشهد توهجًا لذلك اللون الصحفي، ونجحت خلال تلك الآونة في جذب الأنظار، وكان على رأسهم صاحب العين الثاقبة الراحل العظيم عبد الوهاب مطاوع.

وعندما بدأ مطاوع تأسيس مجلة «الشباب»، كنت واحدًا من ضمن الكتيبة المختارة، التي أسست لذلك المولود الصحفي الذي صار فيما بعد أيقونة في عالم الصحافة المصرية والشاهد هنا أنني انطلقت مسيرتي من داخل جدران «الشباب»، ويعود لها الفضل في صناعة اسم محمد عبد الله، بعد أن تدرجت على كافة المناصب بداخلها، انتهاءً بوصولي لرئاسة تحريرها في مناسبتين وهو ما جعلني مرتبطًا بها قلبًا وقالبًا، لم أبرحها إلا قريبًا، بعد أن منحتها تقريبًا كل ما أستطيع منحه وفعله.

◘ كيف تمكنت من صياغة العديد من الأفكار المبتكرة إبان فترة عملك.. جعلت من الشباب مشروع صحفي ناجح؟

- الأفكار رزق من الله، ودوري في الموضوع هو الاجتهاد وبلورة تلك الأفكار بما يناسب متطلبات القارئ، ونجاح «الشباب» لم يكن مرتبطًا ومتصلًا باسمي فقط، بل كانت هناك كتيبة من الموهوبين تعمل بجانبي، يصلح كل واحدًا منهم لأن يصبح رئيسًا للتحرير، فقط، دوري كان مقتصرًا على تهيئة المناخ أمام تلك الطاقات الكامنة داخل هؤلاء الشباب باعتبارها أقصر طريق النجاح.

◘ كيف حدثت النقلة الثانية في حياتك عن طريق الجمع بين المشهد الصحفي والعمل الإعلامي؟

- عملي الإعلامي جاء متواكبًا ومتواليًا لعلمي الصحفي، ففي آواخر الثمانيات رشحني مدحت زكي للعمل بالقناة الثالثة، لكن إنشغالي بالعمل الصحفي جعلني أؤجل تلك الخطوة مؤقتًا، وفي الفترة من عام 2008 - 2011 شاركت في تطوير التليفزيون المصري، وتحديدًا برنامج طعم البيوت، وقبل ذلك بفترة وتحديدًا كنت أقدم برنامج «الكلام كلامنا».

والآن، أقدم برنامج «كل الكلام» على شاشة الفضائية المصرية؛ وهو عبارة عن برنامج يقدم رؤية محايدة للشأن العام المصري بعيدًا عن التهوين أو التهويل، فقط أقدم نظرة عميقة للأحداث وأترك الحكم للمشاهد.

◘ لكن رغم التوهج الذي عايشته «الشباب» خلال الفترات الماضية.. لماذا بدأت الصحافةالورقية في الإنحسار بشكل كبير داخل الشارع المصري خلافًا لما يحدث في في معظم دول العالم.

- أزمة الصحافة الورقية في مصر تكمن في عدم التعامل مع الواقع المتاح، فالآن صحافة الخبر انتهى دورها، والصحافة العالمية الآن تعيش مرحلة التحليل فلا يمكن في ظل صحافة «السوشيال ميديا» أن تظل تتعامل مع الأمور وتعتبر التغيير وكسر التابوهات رجسًا من عمل الشيطان، وتلك نقطة.

النقطة الثانية، لا بدّ من إدارك طبيعة المرحلة التي تمر بها مصر؛ فالأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة لا بدّ وأن تُلقي بظلالها على توزيع الصحافة الورقية، وإذا الجميع يبحث عن طوق للنجاة، لابد وأن يختلف المحتوي الرقمي عن الورقي، بدلًا من أن تكون النسخة الورقية صورة مكررة لما ينشر على المواقع الإخبارية، إضافة إلى ضرورة أن يشمل التطوير كافة الأبواب كالحوار والتحقيق والصورة، والعقلية التي تدير المؤسسات الصحفية عليها إدراك ذلك.

◘ إذن.. هل نطلق رصاصة الرحمة على الصحافة الورقية أم نتفاءل بمستقبلها؟

- لا نملك إلاّ التفاءل، والصحافة الورقية ستستمر طالما أخذت بالأسباب التي تُمكّنها من الصمود والبقاء، والتي ذكرت بعضًا منها في السطور السابقة.

◘ دعنا ننطلق بالحديث إلى زاويا أخرى.. مؤسسة «الأهرام» العريقة إلى أين؟

- يُسأل في ذلك المسئولين عنها.

◘ لكنك الآن تقود شركة الأهرام للاستثمار إحدى المؤسسات التجارية التي تستند عليها في دعم أعمدتها وتقوية أساسها وهي تتجه إلى المستقبل.. أليس كذلك؟

- ليس صحيحًا، أنا فقط رئيسًا لشركة الأهرام للاستشارات الإعلامية والعلاقات العامة؛ وهي عبارة عن شركة تقدم كل أنواع الاستشارات الاعلامية والإعلانية، بجانب قيامها بتنظيم استطلاعات الرأي وتنظيم المؤتمرات، ونسعى لأن تكون أكبر شركة علاقات عامة على مستوي العالم، وللعلم؛ هذه تجربة استثمارية جديدة تقودها الأهرام لأول مرة، ونسعي لأن تحقق تلك التجربة مبتغاها، باعتبارها تدشن لحقبة استثمارية جديدة في المؤسسات القومية الصحفية.

◘ أليس غريبًا وأنت جورنالجي قلبًا وقالبًا أن تعطي ظهرك لصاحبة الجلالة وتتجه لممارسة بعض الأعمال الإدارية حتى وإن كانت داخل الأهرام؟

- أولًا، أنا لا أعتبر نفسي جورنالجي هذا المصطلح ارتبط في الوجدان الصحفي والجماهيري باسم الأستاذ «هيكل»، والتي لا أنتمي لمدرسته حيث إن تكويني الصحفي قد تشكّل داخل مدرستي العمالقة مصطفي أمين وأنيس منصور.

ثانيًا؛ تقريبًا أعتبر نفسي قد حققت كل أحلامي الصحفية، بل أنني لا أبالغ حين أقول أنني حققت أكثر مما أتمني، وحان الوقت لخوض تجربة جديدة، ولا يهمني أو يعنيني إن كانت تلك التجربة صحفية أو إدارية، كل ما يشغلني فقط هو أن أحقق نجاحات يُشار إليها بالبنان وأترك بصمة مؤثرة في مسيرة ذلك الصرح العملاق.

◘ إذا الآن يحق لنا أن نقول إنك قد أغلقت مسيرتك مع صاحبة الجلالة بالضّبة والمُفتاح؟

- أنا في تلك اللحظة التي أتحدث معك فيها أمتلك عرضًا من «الأهرام» لكتابة مقال أسبوعي، لكنني حاليًا أميل للتركيز في تجربة التليفزيون، فالشئ الذي يشغل بالي حاليًا ويستحوذ على قدر كبير من تفكيري، هو صناعة خلطة إعلامية ناجحة ومؤثرة؛ عن طريق تقديم برنامج تليفزيوني قادر على اجتذاب الجماهير المصرية والعربية من المحيط إلي الخليج.

◘ هل سيكون لك نصيب مع الأعمال الإبداعية سواء بتأليف رواية أو تسطير كتاب تسجل فيها بعضًا من مشاهداتك الصحفية والإعلامية؟

- لا أعتقد أن ذلك سيحدث قريبًا، الكتابة تحتاج تفرغًا، وأنا لا أمتلك رفاهية التفرغ، كل ما أسعي خلفه حاليًا هو «أكل العيش».

◘ باعتبار أن عملك الإعلامي ينطلق من داخل جدران «ماسبيرو».. إلي أين ستمضى المقادير بذلك الصرح العريق؟

- يقيني أن الأمور ستمضي إلي الأفضل إمكانيات ذلك الصرح العريق ستضعه في الصدارة، وبحكم خبراتي وقراءتي للمشهد الإعلامي الدولة الآن بدأت بالفعل في الالتفات إلي ذلك الصرح العريق، وأنا مقتنع أشد الإقناع بأن الدولة التي لا تحافظ على تليفزيونها الرسمي، تصبح دولة بلا صورة، والأمر ذاته ينطبق علي الإذاعة والصحافة القومية وغيرها.

◘ ذكرت في سياق حديثك بأنك قد شاركت من قبل في تطوير «ماسبيرو».. فهل تلعب نفس الدور في التطوير الذي يشهده حاليًا؟

- التطوير الذي يحدث داخل التليفزيون المصري حاليًا، نالت القناة الأولي الجزء الأكبر منه،وإلي الآن لم يمتد ليشمل كافة القنوات، وأنا حتي الآن لم يطلب مني أحد شيئا، لذا فأنا بعيد بعض الشئ عن ذلك الأمر.

وبشكل عام أنا لست من الذين يبادرون بعرض خدماتهم علي أي شخص أو كيان، فالأمور عندما توضع في نصابها الصحيح والسليم، أما أن تكون طالبًا أو مطلوبًا؛ وأنا أفضل دومًا أن أكون مطلوبًا.

◘ تقول إنك تبحث عن «لقمة العيش».. فلماذا إذا لا تخوض تجربة تقديم البرامج علي شاشة الفضائيات باعتبار أن أموالها أكثر وشهرتها أوسع؟

- بالفعل وصلتني العديد من العروض للعمل بالقنوات الفضائية؛ لكنني رفضت بعضًا منها، وأرجأت بعضًا منها؛ فأنا وإن كنت أبحث عن «لقمة العيش»؛ فأنا دائمًا ما أبحث عنها بشكل له قيمة؛ والمؤكد أنه عندما تصلني عروض مناسبة وملائمة من الفضائيات، سأقوم بدراسة الموضوع بشكل ملائم، تمهيدًا لأخذ القرار المناسب.

وحول نقطة الشهرة؛ فالمؤكد أنني قد حققت جزءًا كبيرًا منها بعملي في الفضائية المصرية، وهو ما ألمسه في زياراتي الخارجية؛ باعتبار أنها قناة تركز على مخاطبة المقيمين بالخارج أكثر من مواطني الداخل.

◘ بما أنك خاصمت مشروعك مع الصحافة الورقية ولو مؤقتا.. أيًا من التجارب الصحفية التي خضتها خلال مسيرتك مازالت الأقرب إلي قلبك وعقلك؟

- لا يمكن أن أغفل أن الفترة التي قضيتها داخل جدران مجلة «الشباب» كانت واحدة من أفضل فتراتي؛ لكن تبقي تجربتي داخل جدران صحيفة «عين» هي إحدي العلامات التي أعتز بها بعدما نجحنا في صياغة حالة صحفية نادرة الحدوث والتكرار وكان ذلك بفضل إبداعات يسري الفخراني.

◘ بصراحة.. أيًا من الأقلام الصحفية الموجودة حاليًا على الساحة تنتظر ما تكتبه بشغف وترقب؟

- عادل حمودة فأنا اعتبره آخر الأقلام التي تمثل امتدادًا لجيل العمالقة، وعلى مستوى السينما يبقي وحيد حامد حالة فريدة نادرة التكرار، فهذا الرجل أراه في كتاباته وكأنه يكتب من وحي يوحي إليه، وما حدث في إعماله الإرهابي والإرهاب والكباب ليس ببعيد.

◘ على ذكرك عادل حمودة.. هناك مَن يرى أنه أصبح الآن أشبه بالأسطورة التي شاخت في مواقعها؟
- مهما كنت معجبًا بكاتب لا يجوز لك أن تتهمه بالتراجع؛ وطالما مازالت حريصًا على متابعته فالمؤكد أنه مازال يقف على أرضية صلبة لم يتزحزح عنها.

◘ برأيك هل تفتقد الصحافة المصرية لـ«الأستاذ» الذي تتلف الجماهير حول كتاباته؟

-مفهوم الأستاذ تغيّر فلم يعد هناك الصحفي الموسوعي القادر على التحليل والانفراد والصياغة والابتكار، حتى على مستوى الشكل الخارجي أصبح هناك فارق كبير بين الأجيال الماضية والحالية، ومثال ذلك من ينُظر إلي الراحل عبد الوهاب مطاوع وهو في الخمسينات من عمره سيجد أن مقوماته الشكليةوالجسمانية تؤهله لمقام الأستاذية، خلافًا لما هو سائد الآن.

◘ أخيرًا.. إلى أين يتجه بنا عالم «السوشيال ميديا»؟

- عالم «السوشيال ميديا» أصبح صناعة هامة ومؤثرة في المجتمع، وهو بمثابة أداة ذات وجهين أحدهما حسن والآخر قبيح، لكنها بشكل عام نجحت في أن تصنع نجومًا في مجالات عدة، ليتجاوز بذلك تأثيرها العالم الافتراضي إلي الواقع الفعلي؛ وأنا اعتبره أحد أشكال التفاعل الصحي في المجتمع، حتي وإن اختلفنا حول بعض المضامين التي تقدمها.