رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د.محمد غانم: المسئولون بحاجة لاستشارة طبيب نفسي قبل اتخاذ قراراتهم (حوار)

الدكتور محمد غانم
الدكتور محمد غانم

«الصحة النفسية للمجتمع من عوامل نهضته».. هكذا لخص لنا الدكتور محمد غانم، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، الإجابة عن تساؤلاتنا المختلفة حول الحالة النفسية التى يمر بها الشعب المصرى حاليًا، نتيجة للأزمات المتعددة التى تتوالى عليه، مثل الإرهاب والوضع الاقتصادى وتفشى ظواهر العنوسة والتحرش والعنف المجتمعى.

واعتبر «غانم» أن الإعلام سواء التقليدى أو الإلكترونى، يسهم فى تدهور الوضع النفسى للشعب نتيجة تداول الأخبار غير الصحيحة والشائعات، مشيرًا الى أن هناك حربًا نفسية تُشن بالفعل على الشعب المصرى، ويمكن ملاحظتها بسهولة على مواقع التواصل الاجتماعى.


■ سمعنا عن الصحة النفسية للأفراد.. ولكن ما المقصود بالصحة النفسية للمجتمعات؟

- بشكل عام، تعنى الصحة النفسية استقرار الحالة الروحية والذهنية والبدنية للأشخاص أو المجتمعات، وهى لا تقتصر فقط- كما يفهم البعض- على التخلص من الهموم أو الخلو من المرض، وإنما يقصد بها استقرار الحالة العامة، ولذا فهى تمثل حجر زاوية وأساسًا لنهضة المجتمع.

■ وفقًا لخبرتك كطبيب نفسى، كيف تنجح الجماعات الإرهابية فى تجنيد الشباب بهذه السرعة؟

- قادة الجماعات الإرهابية بشكل عام لديهم قوة هائلة فى إقناع الشباب والسيطرة عليهم من خلال استغلال احتياجاتهم، سواء كانت مادية أو معنوية، مع استثمار نقاط ضعفهم، وهنا لابد من وجود دور فعال لعلماء النفس والدين لمواجهة هذا الخلل الفكرى الذى يتسرب منه الإرهاب.

■ هل يمكن لعلماء النفس والدين مواجهة التفجيرات والعنف والقتل؟

- العمل الإرهابى يهدف للدعاية والإثارة، واستغلال الحدث وليس الحدث فى ذاته، وتتكون نفسية الإرهابى من خلال أفكاره وميوله إلى التطرف أو العنف، يجب على المجتمع أن يحمى الأفراد الذين يمتلكون ميولًا للتطرف، مع محاولة احتواء أفكارهم وتوليد بدائل لهذه الأفكار.

فالإرهاب يبدأ بالفكر، ولابد من مواجهته بهدوء، وإذا ترك الفكر دون مواجهة يتحول بعد وقت إلى عنف.

■ وماذا عن الوازع الدينى لمواجهة الإرهاب؟

- من المعروف أن الشعب المصرى متدين بطبعه بغض النظر عن اختلاف الديانات، الأمر الذى تغير فى الفترة الأخيرة وشهدناه فى انحدار وتدنى الأخلاق المجتمعية بشكل عام، وأدى استغلال الدين إلى التطرف والتشدد بدلًا من الاعتدال، ومع انتشار السلوكيات الخاطئة واعتماد وسائل الإعلام كمصدر للمعلومة بدأ الانحراف النفسى للشباب، وتحول الدين إلى مرادف للتطرف.

■ كيف يخفف المختصون فى الطب النفسى من تأثير مظاهر العنف والتطرف على نفسية الشعب؟

- يكمن دور المختصين النفسيين فى العمل على تخفيف الضغط عن المواطنين ومساعدتهم فى تخطى الأزمات، وتفهّم أبعاد القرارات، وتقديم النصائح لهم فى كيفية مواجهة الأزمات بما يحول دون التأثير الخارجى على نفسيتهم، ومن أهم الملفات التى يجب التكاتف حولها مسألة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، التى أصبحت هدفًا خارجيًا.

■ هل يحتاج المسئولون فى مصر لاستشارات نفسية؟

- بالطبع، ليس فقط على المستوى الشخصى ولكن أيضا صاحب القرار بحاجة إلى استشارة طبيب نفسى عند اتخاذ القرارات، خاصة إن كانت القرارات متعلقة بالجمهور، فالطبيب النفسى يمكن أن يساعد فى تهيئة الناس على تقبل القرارات الصعبة، فهو يدرك جيدًا طبيعة ونفسية المواطنين، ويمكنه أن يحول القرارات الصعبة لتصب فى صالح صانع القرار، بما فى ذلك اختيار الصيغة والتوقيت.

■ وهل تؤثر قرارات المسئولين على نفسية الشعوب؟

- هذا حقيقى، فالإعداد غير الجيد للقرارات يؤدى إلى خلق الأزمات، فمثلًا حالة الغلاء التى شهدتها البلاد ليست جيدة من الناحية النفسية، لأنها طُرحت بشكل غير مناسب دون أن يُهيَّأ الناس لاستقبالها نفسيًا، وهو ما أدى لحالة غضب مكتوم فى الشارع.

■ لكن هذه القرارات حديثة نسبيًا.. فكيف رصدتم تأثيرها النفسى؟

- يمكن بسهولة رصد تأثير المشكلات الاقتصادية فى موضوعات مثل نسب الطلاق، والعنوسة، والتحرش، فالمشكلة الاقتصادية تخلق جوًا من الحنق، والضغوط التى تؤدى ببساطة لانفجار المشكلات الاجتماعية والنفسية بشكل ملحوظ.

■ وما الحل لمواجهة هذا التدنى النفسى فى المجتمع؟

- لابد من بناء الكيان المجتمعى السليم، وهذا يرتبط ببناء الدين الحقيقى، ورفع الوعى لدى المواطنين، وبناء الثقافة، وخلق حالة من التفهم للآخرين، وبالطبع تحسين الظروف الاقتصادية للبلاد، وأيضًا الاستعانة بالمختصين، كل فى تخصصه، من أجل مواجهة المخاطر التى تحيط بنا جميعًا.