رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ضرورة محاكمة المحرضين على الإرهاب


خرج علينا أشخاص لا يعرف أحد مؤهلاتهم ليقدموا فتاوى شيطانية تحرض على قتل الشباب العربى والمسلم.. هؤلاء المحرضون قاموا باستغلال الإعلام المرئى والمكتوب والإنترنت وحتى المساجد للوصول إلى الشباب ليبثوا فى عقولهم سمومهم وسط غياب تام من الدولة.. إذن علينا الاعتراف بوجود قصور واضح فى مواجهة انتشار الأفكار المتطرفة والتكفيرية فى المجتمعات العربية، هذا القصور ندفع ثمنه يومياً فى هجمات أصبحت مثل خبز الصباح على الموائد العربية.. حتى إن البعض تبلد احساسهم من أخبار العمليات الإرهابية وصار يتعامل معها كأخبار الطقس والرياضة.



إن وضع أكثر من خطة والسير على أكثر من طريق لمواجهة ومحاربة المحرضين على الإرهاب..يسهم بشكل جاد فى وقف نزيف الدماء التى تزهق على يد الإرهابيين.. فالإرهابى الذى يقتل نفسه كـ«الحوت» بسبب مرضه النفسى أو فقدانه البوصلة.. لن يجد فى هذه الحالة من يدفعه لقتل آخرين أبرياء باسم الدين.. كما أن بداية مكافحة الإرهاب تبدأ بإجراءات عالمية صارمة لعل أولها إصدار قرار واضح من مجلس الأمن والأمم المتحدة بغلق جميع الفضائيات التى تحرض على العنف فى العالم ليصبح القرار عالميًا يشمل جميع البلدان.. ولابد أيضًا أن تضع المنظمات العالمية قيودًا صارمة لمنع ظهور أى شخص يحرض على الإرهاب.. بل ومحاكمته أمام القضاء فى دوله.

وبالتوازى مع غلق الفضائيات.. هناك ضرورة عالمية لقطع دابر التحريض على الإرهاب والعنف على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت، فبحسب أكثر من دراسة إقليمية وعالمية.. فإن أغلب الذين يتم تجنيدهم لتنظيمات إرهابية يتعرفون على الفكر التكفيرى الشيطانى عبر الإنترنت..ومن هنا فإن منع وصول المحرضين على الإرهاب إلى الشبكة العنكبوتية يظل أولوية على الأجندة العربية والإسلامية فقط وأيضاً العالمية على السواء.

والأهم أن يتم التنفيذ بشكل جدى وحاسم ويأخذ خطوات أكثر وضوحاً فى الفترة المقبلة.. وفى المقابل لابد أن يركز الجميع على طرح الصورة الصحيحة للإسلام من خلال المؤسسات الإسلامية الوسطية وفى قلبها الأزهر الشريف ومجلس علماء المسلمين.. وهو ما يجب أن يتوافق مع تكثيف الجهود لإعادة تأهيل الدعاة فى العالم العربى والإسلامى.

والتحريض-بحسب علماء اللغة-هو كل نشاط عمدى يهدف به صاحبه إلى دفع شخص ما إلى ارتكاب فعل يؤدى إلى وقوع جريمة، ولا يقاس التحريض بـ«كمه» بل بـ«نوعه» أيضًا، فالتحريض على ارتكاب جريمة ضد مدنيين عزل يختلف فى حجمه بالإجرام على العصيان المدنى، على سبيل المثال، مع أن كليهما يُعدّ جريمة.

هذا وقد تنوعت سبل التحريض وأدواته واختلفت من تحريض مباشر عبر التجمعات والمحاضرات والمنابر، حتى أصبح إلكترونياً من خلال منصات الإعلام الجديد، كنوع من الفتنة التى يديرها أصحابها من بيوتهم وهم بين أهاليهم ينعمون، حيث أغاظهم ما ننعم به فى هذا الوطن من نعمة تطبيق الشريعة والأمن والأمان واللحمة بين القيادة والشعب، لذا يسعى الأعداء من الخارج والداخل لزوال هذه النعم العظيمة، مستخدمين فى ذلك كل وسائل الاتصال الحديثة فى التحريض الإلكترونى لاستعطاف العامة وإثارتهم وتهييجهم للخروج عن الجماعة وتمزيق المجتمع ونشر الفوضى.. إذا تعتبر الجريمة الإرهابية هى أى جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذاً لغرض إرهابى فى أى دولة أو على ممتلكاتها أو مصالحها أو على رعاياها أو ممتلكاتهم يعاقب عليها قانونها الداخلي، وكذلك التحريض على الجرائم الإرهابية أو الإشادة بها ونشر أو طبع أو إعداد محررات أو مطبوعات أو تسجيلات أيًا كان نوعها للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها بهدف الإضرار بالأمن العام.. لهذا نوصى:

السعى لتطوير المنظومة القانونية الدولية المتعلقة بالإعلام من أجل حظر الخطاب الإعلامى المحرض على العنف والكراهية والتكفير والإرهاب والأنشطة الدعائية التى تروج وتدعم الجماعات الارهابية.

ومن الضرورى أيضاً حث الدول على تنظيم تدابير وتشريعات وطنية قادرة على منع الإرهابيين من استخدام قوانين اللجوء والهجرة للوصول إلى مأوى آمن واستخدام أراضيه كقواعد للتجنيد والتدريب والتخطيط والتحريض وشن العمليات الإرهابية منها ضد دول أخرى.. وكذلك ضرورة تفعيل الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وضرورة توافر الإرادة السياسية لتنفيذ هذه الاتفاقيات.. يضاف إلى ذلك اعتماد استراتيجيات وطنية لمكافحة الإرهاب.. تتضمن الجوانب القانونية والأمنية، بالإضافة إلى معالجة جميع أسبابه الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية.. ثم نشر ثقافة حماية وتعزيز حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية التى تعد عاملاً أساسيا للقضاء على الإرهاب، وكذلك تعزيز دور المرأة فى مكافحة الإرهاب حسب قرار مجلس الأمن 1325.. ودعوة المجتمع الدولى لتحديد يوم عالمى لتخليد ضحايا الإرهاب... وأخيرًا مطالبة الدول بإعداد برامج تربوية وثقافية تستهدف تحصين الشباب من التطرف الفكرى والدينى الذى ينمى ظاهرة الإرهاب.