رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رباب» تستحق هلاوسكم!


خليط من الغيظ والضيق والقرف، ينتابنى كلما تذكرت الصيغة التى نعى بها «نادى قضاة مجلس الدولة»، نائب رئيس المجلس المستقيل ثم المنتحر!

صحيح أنه لم تثبت إدانته، لكنه استقال، وتحديدًا تم إجباره على الاستقالة. وبموافقة المجلس الخاص على تلك الاستقالة، تكون صلته بمجلس الدولة «وناديه» منعدمة ويضاف إلى صفته «صفتيه» كلمة سابق. ويصبح اللقب، الذى يسبق اسمه، خطأ شائعًا يقع فيه عامة الناس، ولا يصح أن يقع فيه «النادى» الذى نشر نعيًا فى جريدة «الأهرام» سبق فيه اسم المدعو وائل سعيد شلبى بـ«معالى السيد المستشار» وتجاهل أن يضيف «السابق» أو «سابقًا» إلى صفته: نائب رئيس مجلس الدولة.

وإلى الآن، ما زلت عاجزًا عن تفسير تلك السقطة، كما عجزت عن إيجاد سبب لتلك «الهلاوس» التى رددّها من شككوا فى واقعة الانتحار. إذ لا تكفى الدوافع السياسية أو حتى النفسية، للاستناد إلى «فيلم سينمائى» كذلك الذى استند إليه المشككون والمتعاطفون، لإثبات هلاوسهم!

وقبل انتحار «وائل شلبى»، كانت حملات التشكيك، المبنية أيضًا على «هلاوس»، من نصيب «جمال اللبان»، مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، الذى وجدت الرقابة الإدارية مغارة «على بابا» فى منزله. ثم اعترف لاحقًا، فى تحقيقات نيابة أمن العليا العليا، بأن المبالغ الضخمة التى تم ضبطها، هى حصيلة تجارته غير المشروعة فى العملات الأجنبية، وعرض التنازل عن المبلغ الذى يقترب من المائة وخمسين مليون جنيه!

وحدها «رباب»، هى التى لم تنل حظها من «الهلاوس»، ولم يتعاطف معها أحد، ولم يشكك المشككون «فى أى شىء وكل شىء» فى الاتهامات التى طالتها، وغدر بها الجميع حتى زوجها!

كمواطن صالح، التزمت بقرار حظر النشر الذى يخص القضية رقم 1150 لسنة 2016 حصر أمن دولة عليا المعروفة إعلاميًا بـ«قضية الرشوة الكبرى»، وهو القرار الصادر فى «يوم مجهول» من شهر يناير 2017 الساعة 11:30 صباحًا، والمفترض أن يكون قد سقط أو انتهى بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات، وبعد أن انتهت نيابة أمن الدولة العليا من تحقيقاتها التى كشفت أن المتهمين جمال الدين محمد إبراهيم اللبان، ووائل سعيد شلبى، تقاضيا عطايا تمثلت فى مبالغ مالية وفوائد غير مادية على سبيل الرشوة. كما كشفت التحقيقات وتقارير خبراء إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى عن قيام المتهم جمال اللبان بتزوير محضر أثبت فيه، على خلاف الحقيقة، قيام لجنة الفحص بتسلم أثاث مورد من المؤسسة لمجلس الدولة بموجب المناقصة المشار إليها وإمضائه بخط يده بأسماء أعضاء هذه اللجنة وتزوير إذن إضافة ذلك الأثاث إلى المخازن دون أن يتم توريده فعليًا إلى مخازن المجلس.

وبين ما تضمنته الوقائع، حصول المتهمين على «رشوة جنسية» مقابل إرساء بنود توريد أثاث مكتبى بالمناقصة المحدودة رقم 8 للعام المالى 2016 / 2017 وإجراء تعلية على بنود المناقصة بشراء أثاث إضافى بأسعار المناقصة نفسها دون إجراء مناقصة جديدة وصرف المستحقات الخاصة بتلك التوريدات بالمخالفة للقانون وبسعر يزيد على قيمتها دون إجراء أى توريدات فعلية إلى مخازن مجلس الدولة.

بطلة «الرشوة الجنسية» هى «رباب»، المتهمة الثانية فى القضية، التى رفضت حضور المحامى الموكل من زوجها معها فى التحقيقات، لعدم رغبتها فى إطْلاعه على اعترافها بأنها أقامت علاقات جنسية مع جمال اللبان، ومع المنتحر وائل شلبى.

المتهمة كانت تعمل فى شركة اسمها «بريمير هوم» ونجحت فى اقتناص عدد من العمليات لحساب تلك الشركة، بسبب علاقتها بجمال اللبان ووائل شلبى، مقابل «عمولة» كبيرة، قبل أن تحدث مشكلة بين «اللبان» و«الحاج أحمد» صاحب الشركة لأن الأول أعطى الثانى نصف قيمة مبلغ الرشوة المتفق عليها، فعرض «اللبان» على رباب أن تعمل لحسابها، وعرض عليها أن يأتى لها بشركة أخرى «تاخد الشغلانة» مقابل 10% من المكسب، فرفضت لأنها رأت أنها وزوجها وأولادها أولى بالـ10% التى ستحصل عليها الشركة. وكان زوجها يمتلك شركة دعاية وإعلان، فأقنعته بتغيير نشاطها إلى «الأثاث المكتبى»، وعبر تلك الشركة، كان يتم توريد الأثاث على الورق «على الورق فقط»، وتحصل رباب وزوجها على ثمن ما لا يتم توريده!

ولعل الإشارة تكون مهمة إلى أن الزوج، خريج المعهد الفنى التجارى بشبرا، كان يملك «تاكسيين» ثم عمل فى سمسرة الأراضى والعقارات والسيارات، قبل أن يعمل فى الدعاية والإعلان ثم «الأثاث المكتبى».
ولعل الإشارة تكون مهمة أيضًا إلى أنه قال فى التحقيقات: «زوجتى كانت بتساعدنى بمجهودها واسمها لأنى كنت باستخدم اسمها فى المعاملات التجارية، وكانت أشطر منى فى هذا المجال».

وكالعادة، اعترف الزوجان، أو المتهمان الثانى والثالث، ليستفيدا من المادة «107 مكرر» التى تعفى الراشى والوسيط من العقوبة. أما الطريف فهو أن «الزوج» تقدم ببلاغ إلى قسم المعادى حمل 1778 لسنة 2017 إدارى يتهم فيه زوجته بارتكاب واقعة الزنا، استنادًا إلى اعترافاتها وإلى أقوال المتهمين وتحريات الرقابة الإدارية والمحادثات التليفونية، التى أجرتها الرقابة الإدارية، مؤكدًا أنه لم يكن يعلم بأن زوجته على علاقة بالمتهمين، إلا عند إعلانه بقرار الإحالة!

ألا تستحق «رباب» قدرًا من «الهلاوس»، كتلك التى استند إليها المشكّكون والمتعاطفون مع «المرتشى» و«المنتحر»؟!

هلوسوا من أجل «رباب»، فهى الأولى بهلاوسكم.