رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يبدأ من 400 جنيه ولا يتم إزالته إلا بالليزر هوس "التاتو" صيحة جديدة في عالم الشباب أستاذ أمراض جلدية: عدم تعقيم أدوات رسم "التاتو"يصيب بالتهاب الكبد الوبائي متخصصي رسم "التاتو": نستخدم مواد طبيعية لرسم ما يريده "الزبون".. وهناك قلة تطلب رسم طلاسم حماية

هوس "التاتو".. صيحة جديدة في عالم الشباب

احمد عمر هاشم
احمد عمر هاشم

اقترب عيد ميلادها وتريد فعل شئ مختلف تلفت به أنظار الحاضرين، وأثناء حديثها مع صديقتها لمحت على يديها رسومات غاية في الروعة، فبدأت بسؤالها عن ماهية هذه الرسومات، وكيف حصلت عليها، فردت صديقتها بأنه وشم أو "تاتو" ويمكنها الحصول عليه من خلال مركز متخصص في ذلك، فأعجبتها الفكرة، وقررت أن تفعل نفس الشئ في عيد ميلادها.
بعد قرائتك عزيزي القارئ لهذه الفقرة، ستدور في ذهنك عدّة تساؤلات، سنحاول الرد عليها من خلال هذا التحقيق.

بداية، "الوشم" إحدى أشكال التعديل الجسدي، ويمكنك الحصول عليه من خلال وضع علامة ثابتة في الجسم بغرز الجلد بالإبرة -إحدى الأدوات المخصصة لصناعة الوشم على الجلد- ثم وضع الصبغ عن طريق هذه الفتحات والجروح ليبقى داخل الجلد ولا يزول.
وهناك أغراض عديدة من وراء الحصول على هذا الوشم، منها أسباب تجميلية وعاطفية وتذكارية ودينية وسحرية، وأخرى تستخدم كرمز يضعه الشخص لبيان انتمائه أو لتمييزه مع مجموعات معينة من الناس، بما في ذلك العصابات الإجرامية والمجموعات العرقية.

وللحصول على معلومات أكثر عن تلك الرسومات، التي انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بين الشباب، الذي يهوى تقليد كل ما هو جديد وغريب، وضح متخصصون ذلك الأمر بشكل متكامل.

ونستهل حديثنا مع الدكتور أحمد البديوي أستاذ الأمراض الجلدية في كلية الطب جامعة القاهرة ورئيس قسم الجلدية بمعهد البحوث القومي، حيث قال إن بعض أنواع الوشم التي يتم رسمها على الجلد تكون ضارة به، لأن هذه الأنواع تعتمد على مواد صناعية تؤدي إلى الحساسية والتورم وظهور فقاقيع الماء.
وأضاف: "من أراد رسم هذا الوشم فليتأكد من استخدام موادًا طبيعية، سواء بالنسبة للرسم ذاته أو الألوان المستخدمة فيه، كذلك التأكد من أن الأدوات المستخدمة معقمة بشكل جيد وخاصة "الإبرة"، وذلك حتى لا تنقل العدوى كالتهاب الكبد الوبائي".

وتابع "البديوي": "أنواع البشرة الأكثر عرضة للتأثر بالأعراض الضارة للوشم هي التي يملكها الذين يعانون من حساسية مفرطة تجاه تلك المواد التي يتعرض لها الجلد، والتي تكون لديها استعداد لظهور تلك الحساسية، وتكون في الغالب نتيجة عامل وراثي، حيث تتأثر بأي مادة كيميائية بسيطة فتسبب التهابًا جلديًا لها".

واختتم حديثه قائلاً: "يمكنك استبدال الرسم بالوشم، الذي يتم استخدام فيه المواد الكيميائية والألوان الصناعية الضارة بالبشرة بالحنة لأنها عبارة عن مواد طبيعية".

أما بالنسبة للمتخصصين في رسم "التاتو" فقد أوضحوا نوعية الرسومات المطلوبة والأسعار التي تبدأ بها هذه الرسومات، فقال ماريو، أحد المتخصصين في رسم "التاتو"، أن أسعار "الوشوم" تكون حسب كونها دائمة أو مؤقتة -التي تستمر 10 أيام.

وتابع أن ذلك يتحدد أيضًا على حسب حجم الرسم المطلوب سواء أكان صغيرًا أو بطول الجسد، وأيضًا الألوان المطلوبة للرسم لها تكلفة خاصة، و"الوشم" الدائم لا يتم إزالته إلا من خلال الليزر، مستخدمًا موادًا طبيعية، كذلك يتم استخدام أدوات جديدة في كل مرة نرسم فيها ما يريده "الزبون".

واعتبر أن أكثر الفئات المقبلة على هذا الأمر شباب من الجنسين، كما يكثر الطلب على رسم "التاتو" في أوقات الصيف، حيث المصايف والرحلات والإجازات.

والتقط منه أطراف الحديث "هاني"، أحد منفذي رسومات "التاتو"، قائلاً: "مفيش حاجة اسمها وشم مؤقت هو مفيش غير الدايم بس"، مستطردًا أن أكثر الرسومات المطلوبة منه هي الخاصة بالخطيب وخطيبته و"واحد وحبيبته"، فيطلب كل منهم كتابة أسمائهم كوشم، وهناك فئة قليلة تطلب رسم معين بادعاء أنه طلسم حماية من الحسد وخلافه، ويكون عبارة عن مجموعة الحروف المتداخلة باللغة الأسبانية ومن لغات أخرى.

وأشار إلى أن الأسعار تبدأ من 400 جنيه، مضيفاً: "هناك هوس في مجتمعنا حين بدأ الحديث عن «التاتو» أهو حلال أم حرام، كذلك اتجاه الشباب للترويج لمثل هذه الرسومات، ومجتمعنا يحب تجربة كل ما هو جديد باستمرار".

أما عن رأي الدين، فقال الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، إن كل "الوشم" يمنع ماء الوضوء أو ماء الطهارة من أن يصل إلى الجسم، وما دام الأمر كذلك فمن الضروري إزالته لأن الأصل في الإسلام تحريم استخدامه، مستشهدًا بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لعن الله النامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة والفالجة والمتفلجة".

وأضاف: "إذا قرأت في المسيحية تجد أن معظم المسيحيين ليس لديهم مشكلة مع الوشم، لكن هناك أقلية مسيحية تدعو إلى التمسك بوجهة النظر اليهودية بعدم جوازه، استنادًا إلى سفر اللاويين 19:28، إلا أن الوشم برموز مسيحية عادة شائعة، بدليل أنه خلال الحج يقوم بعض المسيحيين بالحصول على وشم صغير يكتب فيه تاريخ الحج وصليب صغير، وعادة ما يتم هذا على الساعد"، أضف إلى ذلك أن الكاثوليك الكروات في البوسنة والهرسك يستخدمون الوشم خاصة على الأطفال، وذلك بغرض حمايتهم من التحويل القسري إلى الدين الإسلامي خلال الاحتلال التركي للبوسنة والهرسك (1463م - 1878م).

واستمر هذا النوع لفترة طويلة لاحقة بعيدًا عن الدافع الأصلي له، وتم الحصول عليه خلال فصل الربيع أو الاحتفالات الدينية الخاصة مثل عيد القديس يوسف، وتتكون في معظمها من صلبان مسيحية على اليدين والأصابع والذراعين وأسفل العنق وعلى الصدر، وإذا قرأت في اليهودية تجد أن الوشم محرم استنادًا إلى التوراة (سفر اللاويين 19:28): "ولا تجرحوا أجسادكم لميت وكتابة وسم لا تجعلوا فيكم أنا الرب".

وهذا التحريم يفسره الحاخامات المعاصرين على أنه جزء من الحظر العام على تعديل الهيئة البشرية من دون أن يخدم غرضاً طبياً (مثل تصحيح التشوه)، حيث يوضح موسى بن ميمون، أحد أبرز علماء القرن الثاني عشر في القانون والفكر اليهودي، بأن الحظر المفروض على الوشم هو رد اليهودية على الوثنية.