رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كلهم بدون مصر هامش


أعرف أن الحقيقة موجعة، تهزم الضعفاء، تعريهم، تجعلهم ينظرون إلى أنفسهم فى المرآة بخجل، وأعرف أيضاً أنه لا أحد يستسلم لهذه الحقيقة بسهولة، بل يتنكرون لها، يهاجمون من يواجههم بها، يهيلون عليه التراب، ويشوهون صورته، ولا يتأخرون فى عقابه.

كان وزير العدل الكويتى فالح العزب هنا فى القاهرة، يشارك فى أحد اجتماعات الجامعة العربية، زار جامعة القاهرة، وهناك فى مؤتمر صحفى قال نصاً: «نحن لا نجامل عندما نقول إننا فى بلدنا الثانى مصر، بل نحن فى بلدنا الذى زودنا بكل جوانب الحياة، الكويت والأمة العربية بأكملها بدون مصر دول على الهامش لا قيمة لها بدون القائد فى جمهورية مصر العربية».

لم يخاصم الوزير الكويتى الواقع، لم يقل شيئاً يتجاوز به الحقيقة، فمصر حتى وهى فى أضعف حالاتها هى حائط الصد والسند ومانحة القيمة لكل الدول العربية، وليس دول الخليج فقط.

لكن هذه الحقيقة التى لا ينكرها إلا جاحد أغضبتً بعضا ممن فى قلوبهم مرض وغل وحقد تجاه مصر، وجد الوزير الكويتى نفسه فى مرمى السهام، وطبقا لتقارير صحفية منشورة، فقد انتقده جمعان الحربش، عضو مجلس الأمة الكويتى، قائلاً: «الإشادة بمكانة مصر يجب ألا تكون عبر التقليل من مكانة الكويت ودول الخليج، وتصريح وزير العدل مهين، وعليه الاعتذار».

لم يتوقف الهجوم عند مطالبة الوزير بالاعتذار، بل وصل إلى مرحلة التهديد. أحمد العدسانى نائب مجلس الأمة قال هو الآخر: على رئيس الوزراء توجيه وزرائه، للوقوف عند مسئولياتهم، وإذا كرر وزير العدل تصريحه: (بدون مصر)، سنصبح دولاً على الهامش، سنجعله هو وزيراً على الهامش».

لم يتجاوب الوزير الكويتى مع مطالبته بالاعتذار، ولم يخضع لسكين التهديد، رد بقوة، فما قاله فى القاهرة كان يستهدف الإشارة إلى مواقف مصر التاريخية، تجاه قضايا العرب بشكل عام، وقضايا الكويت بشكل خاص، ودورها المؤثر فى خدمة الجامعة العربية، انطلاقا من مكانتها، وأهمية دورها فى تحقيق التكامل العربى المنشود فى مختلف الجوانب.

بادل الوزير الكويتى من هاجموه بهجوم، قال إنهم تصيدوا تصريحه، وإن جملته عن مصر ودول الخليج والهامش تم استقطاعها من سياقها، وهو ما يثير الاستغراب والريبة.

كان يمكن لهذه المعركة أن تكون عابرة، لا نلتفت إليها ولا نتوقف عندها، لكنها تؤكد أن هناك من يريد تجاوز الحقيقة وإنكار الواقع، فبالتاريخ والجغرافيا، ستظل مصر هى الكبيرة التى تقود ولا تقاد، لها فى كل شارع عربى علامة، وعلى كل بيت فضل، ولن يشغلنا تفاهات من يعترضون على ذلك، لأن الدول العربية بدوننا هامش فعلا، حتى لو أنكرت ذلك وتنكرت له، وهذه حقيقة أخرى أردنا فقط أن نثبتها ونوثقها.