رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أكاديمي بجامعة ييل.. كتاب "تهافت الفلاسفة" للغزالي لم يقصد به هدم الفلسفة.. "ليت".. المصنف أحيا النقاش الفلسفي عن طريق النقد والتحليل.. "الأزهري": البحث التراثي يتطلب القدرة على تشريح النصوص

جريدة الدستور

في إطار مشروعاتها ومبادراتها المعنية بإعادة صياغة الخطاب الإسلامي المعاصر وتقديم الأبحاث والاستشارات وتوفير مساحات من التواصل الأكاديمي والثقافي، عقدت مؤسسة طابة مساء أمس ندوة فكرية تحت عنوان: «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي وحضوره في البحث الفلسفي عند علماء الأشاعرة والماتريدية.

وقد حل ضيفًا محاضرًا بهذه الندوة الدكتور إريك فان ليت المحاضر بقسم الدراسات الدينية بجامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية والباحث الزائر بمعهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان.

تطرق المحاضر لبعض الأفكار السائدة في دوائر علمية في الشرق والغرب بخصوص كتاب «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي، موضحا أن الإمام أبو حامد الغزالي على عكس الشائع لم يكن في مقصوده من هذا التأليف هدم الفلسفة أو القضاء على الفلسفة، بل أراد إحياء النقاش الفلسفي بطريق النقد والبحث في أخطر قضاياه.

كما أظهر المحاضر أن كتاب «تهافت الفلاسفة» - على عكس الشائع – ظفر باهتمام من قبل علماء الكلام لدى أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية، ولكنه نبه في حديثه على خطورة حصر الإسهامات الفكرية لمتكلمي أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية في نطاق علم الكلام، بل نصّ على أن لهم كتابات فلسفية هائلة، وأنه لا ينبغي أن تصنف مؤلفاتهم بحسب انتمائهم الفكري في البحث الإسلامي الداخلي، وإنما تعتبر من البحث الفلسفي المتعالي على الخلافات الداخلية بين المدارس الكلامية.

وأيضًا من أبرز ما جاء في محاضرة الدكتور فان ليت أن الكتابات التراثية المتأخرة اشتملت على طرح فلسفي عميق جدير بالإحياء والدراسة، وقد تعرض في حديثه إلى أسباب غفلة المؤرخين للفلسفة الإسلامية من الشرقيين والغربيين عن الدور الكبير الذي ساهمت به المدارس الشرعية في إنتاج تراث زاخر وفريد من الشروح والحواشي والتعليقات من شأنه أن يساهم في الإجابة عن أسئلة فلسفية عويصة.

ومما يجدر الإشارة إليه أن الدراسات المقارنة التي قام بها الدكتور فان ليت بين الكتابات التي ألفت في خدمة «تهافت الفلاسفة» للإمام الغزالي احتوت على ملاحظة دقيقة للتباينات الطفيفة بين عبارات كل كتاب ودلالة ذلك على تنوع أساليب ومناهج المؤلفين.

أدار الحوار بهذه الندوة الباحث أحمد حسين الأزهري، المسؤول عن إحدى المبادرات بمؤسسة طابة، والذي أبرز في حديثه النقاط الرئيسية والمحورية التي تعرض لها الدكتور فان ليت في محاضرته.

كما شارك الأزهري المحاضر التعليق على بعض الأسئلة التي طرحها الحضور، ومن أهم ما جاء في التعليق الالتفات إلى جوانب الاتفاق والافتراق بين الشرق والغرب في مفهوم الأصالة والإبداع، والتركيز على قيمة التراكم في الإنتاج المعرفي، والتنبيه على أدوات البحث التراثي المعاصر التي تشتمل على استعمال التطبيقات الرياضية والتكنولوجية في تحليل النصوص القديمة.

وأشار إلى أن البحث التراثي يتطلب القدرة على تشريح النصوص وتحليل عناصرها بالنظر إلى البناء التنظيمي للمؤلفات التي تحتويها وكذلك بالنظر إلى المصادر التي أعتمدت عليها.

هذا وقد شهدت المحاضرة حضور جمع من المتخصصين وعلماء الأزهر والباحثين علي رأسهم الشيخ خالد عمران أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والباحث مصطفى ثابت من إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء أيضًا، والدكتورة سونيا لطفي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الشريف، والشيخ محمود مرسي باحث الماجيستير بجامعة الأزهر ، والشيخ علاء عبد الحميد مدرس الفقه الحنفي والعقيدة بعدد من المراكز التعليمية، والدكتورة أميرة مخلوف المحاضرة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والأستاذ شريف جمال سالم الباحث بالجامعة الأمريكية أيضًا، ومجموعة من الدارسين بجامعة القاهرة وجامعة الأزهر من المصريين والمغتربين.