رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعداد الأقباط.. تأسيس لفتنة قادمة


تموج الساحة السياسية وتتكاثر فى المشهد السياسى مشاكل كثيرة وقضايا عديدة سواء كان هذا على المستوى الداخلى أو المستوى الخارجى فلماذا اخترنا هذه المشكلة وتلك القضية، حيث إنها من حيث الظاهر لا تعتبر قضية ملحة ومشكلة حالة حتى نناقشها فى مثل هذه الظروف. ولكن المشكلة لا تكون دائماً فى القضايا الساخنة والمشاكل عالية الصوت فمثل هذه القضايا وتلك المشاكل يمكن الاهتمام بها نظراً لهذا الشكل الظاهر. ولكن مشكلة تعداد الأقباط التى نسمع عنها كثيراً ولكن فى صورة متقطعة وغير متصلة. مرة فى صورة تساؤل عن عدد الأقباط. ومرة أخرى وبصورة لا تبعد عن الخبث الذى وراه هدف ما فنجد من يتطوع ويعلن رقماً لعدد الأقباط مدعياً المعرفة متقمصاً دور الواعى والعليم بأمور لا يعلمها غيره خاصة لو كانت هذه المعلومة التى تدعى أنعدد الأقباط قارب على العشرين مليون قبطى. وفى الغالب الأعم أن هذه الأرقام للأسف تعلن من ناحية مدعى البطولة الزائفة والمتاجرين بما يسمى بمشاكل الأقباط سواء من أقباط الداخل أو ما يسموا بأقباط المهجر وفى الغالب كلاهما يرتبطون بمنظمات العمل الأهلى التى لها علاقات بدول خارجية ذات أجندات لها أهدافها التى لا تخفى على أحد.

ويضاف إلى هؤلاء وأحياناً بعض رجال الدين الذين يستهويهم الظهور الإعلامى الذى قد أصبح من الأمراض المستعصية الآن. إضافة لتصريحات البابا شخصياً وهذا للأسف الشديد. هذا إضافة إلى حلول الذكرى المئوية لاتفاقية «سايكس ــ بيكو ١٩١٦» والتى تم تقسيم المنطقة العربية فيما بين فرنسا وبريطانيا الشىء الذى كان يهدف إلى تقسيم المنطقة وخلق المشاكل الحدودية بينها. ناهيك عن زرع الكيان الصهيونى ليفصل شرق العالم العربى عن غربه. فما بالنا الآن وبعد مائة عام يتم العمل الدءوب والمستمر والذى لا يهدأ لتقسيم المنطقة على أساس طائفى وعرقى حتى يتم تقسيم المقسم وتجزىء المجزأ حتى تكون إسرائيل هى الدولة الرائدة والقائدة فى المنطقة، وهذا ليس سراً أو إدعاء للمؤامرة بل هو مخطط ومعلن جهاراً نهاراً والأهم فنحن نرى الآن وعلى أرض الواقع تنفيذ هذا التقسيم وذلك المخطط. ومن المعروف أن تقسيم مصر هو الهدف الأهم الذى يطلق عليه الجائزة الكبرى.

وتقسيم مصر ليس وليد اللحظة أو هدف هذا المخطط الذى ينفذ الآن ولكن تقسيم مصر واستهدافها منذ القديم فالمحاولات مستمرة ولا تنقطع منذ الحملة الفرنسية والاستعمار البريطانى وصولاً إلى الأشكال الحديثة للاستعمار الأمريكى الذى غير الشكل الاستعمارى بأشكال أخرى أكثر عصرية مثل الإدعاء بتطبيق الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الأقليات الدينية. ومالنا نذهب بعيداً فالنموذج اللبنانى مازال صالحاً لكى يكون النموذج والقدوة التى يجب أن تتبع، فالتقسيم الطائفى فى لبنان بين الطوائف الدينية وعلى أساس دينى. قد حول لبنان ذلك البلد العريق والجميل والمتطور والراقى إلى دولة فاشلة لا تستطيع اختيار رئيس لها منذ حوالى ثلاث سنوات.

ناهيك عن الصراع الطائفى الخفى والمعلن طوال الوقت. وهذا ما يراد له أن يحدث فى مصر عن طريق زرع التناقض بين الثقافات الخاصة ونشر الطائفية عن طريق اختراق المشاكل العادية والطبيعية التى يعيشها أى مجمتع لتضخيمها وإثارتها واستغلالها. ودائماً ورقة الأقباط هى عنوان الطائفية التى تستغل لشق الصف الوطنى. وبدأ طريق الطائفية دون أن يدرى الكثيرون بتحديد كوتة فى انتخابات ٢٠١٥ بناء على مادة انتقالية فى دستور ٢٠١٤، نتمنى ألا تتكرر بعد ذلك فالحديث دستورياً عن نسب طائفية هى التأسيس الفعلى والعملى لذرع الطائفية وتحويل مصر إلى نظام الطوائف الدينية، فلماذا الحديث عن عدد الأقباط؟ ولماذا الإدعاء ورفع العدد الجزافى كل فترة؟ وما دخل الكنيسة بهذا العدد وما هى مسئوليتها الدستورية والقانونية؟ وما الشرعية السياسية للكنيسة حتى تتحدث عن هذه القضية؟ غير المطالبة بعد ذلك لما يسمى بحقوق الأقباط على أسس طائفية وعددية. نعم هناك مشاكل للأقباط لاشك فى هذا.

فهم محرومون من الوصول إلى المناصب الكثيرة والكبيرة دائماً وكفى مشكلة محافظ قنا المسيحى الذى لم يتمكن من استلام الموقع لكونه مسيحياً والأمثلة كثيرة ولا تعد ولا تحصى. ولكن من قال إن الحل هو التقسيم الطائفى؟ فهذا لن يكون حلاً بل ناراً ستحرق الجميع بلا استثناء وطريقاً ممهداً للتدخل الأجنبى بصوراً شتى. ناهيك عن خلق فرز طائفى لا يصلح مع مصر التاريخ، فالحل يا سادة هو السياسة وممارستها والمشاركة على أسس حزبية وسياسية لا دينية طائفية. والعدد المعتبر لنجاح الأقباط الفردى وليس القائمة فى انتخابات البرلمان هى خير دليل على أن الحل سياسى لا طائفى. وعلى الكنيسة أن ترفع يدها عن الأقباط فهذا ليس طريقك ولا اختصاصك ولا قدرة لكِ عليه. وإلا لماذا نتمسك بالمادة ٥٣ من الدستور والتى تحقق المواطنة بين المصريين بلا تمييز فهذا هو الحل العملى السياسى الذى يحقق المواطنة ويؤكد الحقوق للجميع بلا تمييز ودون استثناء وحتى تصبح مصر لكل المصريين.