رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور المرأة فى الدعوة للأخلاق والمُثل « ٢-٢ »


أستكمل مقالى الذى بدأته حول تراجع الأخلاق من حياتنا كمصريين فى السنوات الأخيرة إلى حد أنها أصبحت عملة نادرة فى المجتمع، وتحدثت فى حديثى السابق عن رصد التغييرات التى حدثت وتحدث فى سلوكياتنا، وأن مصر كان لها ريادة فى كل المجالات، فعلى سبيل المثال كانت القاهرة من أجمل العواصم، وفيها أجمل الفنون والموسيقى، وفيها كل أنواع الإبداع الراقى، وكانت حفلات أم كلثوم الشهرية نموذجا فى الرقى فى أناقة الحضور سواء من الرجال أو من النساء فى صور المسرح التى نراها، حيث كان الكل حريصا على الأناقة والرقى فى المظهر والسلوك، واحترام الموسيقى الراقية، كما كانت الأوبرا تشهد أرقى الأزياء للمرأة والرجل، وأرقى أنواع الموسيقى والحفلات التى تبث العروض الكلاسيكية الراقية العربية والأجنبية.

ثم بدأت الخطط الممنهجة لتخريب مصر تظهر على السطح شيئا فشيئا، وبدأ معها موجة من الفن الهابط والإعلام الفوضوى ونشر الفكر المتطرف والتحرش بالبنات وتصدير الكراهية للمرأة العصرية شيئا فشيئا، ومع ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ بدأت خطط نشر الفوضى الهدامة فى مصر، وبدأت خطوات تنفيذ المخطط الدولى لإسقاط مصر، كما حدث مع الدول العربية الأخرى، واندس الفكر الأكثر تطرفا بين فئات المجتمع مستغلا الفقر والجهل، وتم تجنيد البلطجية والخونة لإضعاف الدولة وبدأت سلسلة من الفتاوى المضللة من خلال دعاة جدد كان من دورهم تهميش المرأة المصرية، والحط من شأنها حتى يمكن أن يتم إرجاع الزمن إلى الوراء من خلال عزل نصف المجتمع، ومن ثم التحكم فى النصف الآخر، وبدأت محاولات التحول بمصر من دولة نامية إلى دولة متخلفة يمكن إسقاطها بسهولة، ودولة ضعيفة بلا أخلاق أو قيم تكون حائط صد أمام خطط التخريب وتفتيت المجتمع المصرى العريق، صاحب أقدم حضارة إنسانية فى العالم لكن شاءت إرادة الشعب أن يرفض الظلام والتخلف، فقامت ثوره ٣٠ يونيو٢٠١٤، لتؤكد أن الشعب المصرى محب للتقدم وكاره للتخلف، وظهرت المرأة تقود الصفوف الأولى للثورة مطالبة بالحرية والكرامة لها ولوطنها وأعتقد أن على المرأة اليوم دوراً مهماً جداً للحفاظ على توازن المجتمع واستقراره، وهو نشر الأخلاق الحميدة، والسلوكيات الراقية، والاحترام والتواصل مع الآخر بشكل مهذب فى البيت أولاً ان المد الخليجى الذى اتسع فى التسعينيات من القرن الماضى قد أدى إلى تغيير مظهر وملابس النساء فى مصر، ولم يصاحبه وعى بضرورة المحافظة على الزى المصرى، والأناقة المصرية، ومع اتساع استخدام الدين كخطة ممنهجة لنشر الفكر المتطرف، بدأ دعاة جدد يحاولون حجب المرأة ليتقوقع دورها وتتغير هويتها وتتقيد حريتها، فبدأت الدعوة إلى فكرة ان الحجاب فرض رغم أنه ليس بفرض،، وهذا ما أكدته أخيراً والحمد لله فتوى صادرة من الأزهر الشريف تؤكد أن الحجاب ليس فرضا فى الدين الإسلامى، والحقيقه أنه لابد من نشر هذه الفتوى المهمة التى أصدرها الأزهر الشريف مؤخراً، لأن فى الإسلام لدينا ٥ فروض وليس من ضمنها الحجاب، وفكرة أن المرأة عورة، وأن عملها حرام وأن ظهورها حرام وبدأ سيل من الفتاوى الغريبة هدفها بلبلة المجتمع وإعادة عجلة الزمن إلى الوراء.

ومن هنا فإننى أعتقد أن هناك دورا مهما فى ظل التغيرات التى تشهدها المنطقة فى السنوات الأخيرة ويشهدها الوطن، على المراة أن تلعبه باعتبارها صمام الأمان للحفاظ على قيم الأسرة المصرية، حيث إن عليها استكمال دورها الذى بدأته مع ثورة ٣٠ يونيو من أجل الحفاظ على تماسك المجتمع، وعلى الهوية المصرية الأصيلة. إنها هى الأقدر على القيام بهذا الدور قبل غيرها، ويتمثل فى ضرورة توعية أبنائها بأهمية الحفاظ على الأخلاق الحميدة، وعلى القيم والمثل العليا التى نشانأ عليها حينما كنا صغارا، وتعلمناها فى أسرنا، عليها أن تحرص على بث القيم والأخلاق بين أبنائها باعتبارها أساسا فى شخصيتهم، وقاعدة فى تعاملاتهم مع الآخرين، إن الاهتمام بالتربية السليمة، والتمسك بالأخلاق الحميدة، كاد ان يندثر، وأصبح وكأنه عملة نادرة من زمن ولى فى السلوكيات اليومية بين أفراد المجتمع.

وللحديث بقية