المرأة.. والبرلمان القادم
وتحدثنا أيضا عن المواطنة وعدم التمييز بين المواطنين على أساس النوع «رجلا أو امرأة» أو الفكر أو الدين أو العقيدة أو الوضع الاجتماعى أو الجغرافى. كما تحدثنا عن قانون العمل وأنه لابد من احتوائه على تشريعات تحمى المرأة وتتصدى للتحرش فى العمل وتوفر الحضانات فى أماكن العمل وتضمن أجازة الوضع وكفالة الأسرة. رصدنا محليا، كما رصدت التقارير العالمية، انخفاض مساهمة المرأة على المستوى العربى ومستوى مصر فى قوة العمل، وارتفاع نسبة البطالة بين النساء، مع تركز العمل فى قطاعات معينة بالنسبة للنساء مثل قطاعات الزراعة والخدمات. وفى مصر نجد أن نسبة النساء المتعطلات ترتفع إلى 25% من قوة العمل النسائية، فى الوقت الذى تسجل فيه نسبة البطالة فى الرجال 9.6%.
تحدثنا كثيرا عن تهميش المرأة فى الوظائف العامة والمناصب الكبرى، ففى مصر، وبعد ثورتى يناير 2011 ويونيه 2013، ودستور أقر فى المادة 11 بمشاركة المرأة فى تولى الوظائف والمناصب القيادية، ما زالت المرأة الوزيرة لا تزيد على ثلاث أو أربع داخل مجلس الوزراء الذى يحتوى على ثلاثين وزارة. كما أنه فى حركة المحافظين الأخيرة لا توجد امرأة محافظ، رغم قدرة المرأة على الإدارة ورغم أن مشاركة المرأة فى المناصب العليا تؤدى إلى أداء حكومى أكثر نزاهة وشفافية مما يساعد فى القضاء على الفساد.
إن تقليل الفجوة بين الجنسين، وزيادة مساهمة النساء فى الحياة العامة وفى العمل يؤدى إلى تحسين النمو الاقتصادى، ويعمل على خفض الفقر وزيادة الناتج المحلى الإجمالى وفقا للإحصاءات العالمية. وإذا انتقلنا للحديث عن المشاركة السياسية للمرأة المصرية عامة، والمشاركة فى البرلمان القادم، تصدمنا هذه الإحصائية التى تقول إن مصر كانت فى المركز 139 من بين 189 دولة فى تمثيل المرأة فى البرلمان، بنسبة 2% فى برلمان 2011. وكان عدد العضوات 11 عضوة، تسعة بالانتخاب واثنتين بالتعيين.
وبنظرة سريعة على تمثيل المرأة فى البرلمان نجد امرأتين فى برلمان 1957، ثم ثبتت النسبة بعد ذلك بما لا تزيد على 2% فيما عدا برلمان 2010، الذى تم تحديد كوتة للنساء فيه بـ64 مقعداً. أى أن المشاركة السياسية للمرأة كانت ضعيفة ولا تتناسب مع كونها نصف المجتمع، وكونها شريكة فى قوة العمل وفى صنع القرار.لننتقل معا للحديث عن الوضع الحالى بعد فتح باب الترشح للبرلمان. طالعتنا الصحف وأنا أكتب هذا المقال بأن عدد المتقدمين للترشح حتى يوم الاثنين 4136 مرشحاً منهم 230 سيدة بنسبة حوالى 6%. وطبعا نحن نعرف مدى صعوبة المنافسة الفردية للمرأة للعديد من الأسباب فى مقدمتها الثقافة المجتمعية السائدة بأن النائب نائب خدمات وليس نائبا من أجل تشريع القوانين ومراقبة الحكومة فى أدائها. هذا غير الدور الذى يلعبه المال السياسى، والذى يملكه كبار رجال المال والأعمال، غير الثقافة التى تفضل، فى العائلات الكبيرة، الذكور عن الإناث. وأيضا انتشار الفكر الرجعى فى مصر فى السنوات الأخيرة الذى يقوم على التمييز ضد المرأة واعتبارها كائنا ضعيفا لا يصلح إلا للمنزل وتربية الأطفال، ويحرم أن تتولى المرأة المناصب الكبرى. تلك الأفكار المتشددة التى خلقت ثقافة معادية للمرأة. كل هذا يقف حائلا أمام حصول المرأة فى المقاعد الفردية على عدد مناسب. ولكننا رغم ذلك نحن النساء لابد أن نشجع على انتخاب المرأة على أساس الكفاءة والقدرة والعطاء. إن الأمل موجود فى فوز عدد من المقاعد الفردية، بزيادة وعى الشعب المصرى وتقديره لدور المرأة، وإعطاء صوته لمن يستحق، وليس لمن يشترى صوته بالمال والزيت والسكر واللحم، مستغلا فقره وحاجته. وإذا كانت القوائم بها عدد 56 امرأة غير 14 امرأة سيعينهن رئيس الجمهورية، أى أنه من المضمون وصول 70 امرأة للبرلمان غير المرشحات الفرديات، مما يساعد على أن تصل نسبة مشاركة المرأة فى عضوية البرلمان القادم إلى نحو 15%. على لجان الوعى الانتخابى التى أشرت إلى أهمية تشكيلها فى المقال السابق، أن تقوم بحملات توعية فى كل أماكن مصر، وخاصة فى القرى والنجوع والكفور، لإبراز دور المرأة وأهمية انتخاب الرجل والمرأة على أساس الكفاءة والبرنامج الانتخابى والقدرة على الدفاع تحت قبة البرلمان عن مصالح الشعب المصرى كله. وعلى الإعلام المصرى المرئى والمسموع والمقروء أن يقوم بدوره بتقديم التوعية باختيار المرأة فى البرلمان وإعطاء مساحة إعلامية للمرأة مساوية للرجل لعمل الدعاية اللازمة والحديث عن البرامج الانتخابية. وعلى الأحزاب والقوى السياسية والتى تتشدق بأنها تحترم المرأة وتضعها فى كل الهيئات الحزبية بما فيها القيادات، أن تدفع بالمرأة وتدعمها فى هذه المعركة. إننى أحلم وكلى أمل بتحقيق الحلم بوجود مائة امرأة على الأقل فى البرلمان القادم. إنما البداية.