جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

أوهام التنظيمات الإسلامية «2-3»


كتبت فى المقال السابق، عن أحلام وأوهام تنظيم القاعدة، فى مبايعته للملا منصور زعيم طالبان الجديد، أميراً للمؤمنين، وذلك بعد الإعلان المتأخر عن وفاة الملا عمر رحمه الله تعالى. واليوم نكتب عن أحلام وأوهام الإخوان المسلمين فى رابعة والنهضة، وأذكر هنا، بكل الألم والحسرة، أهم تلك الأحلام والأوهام التى تسببت فى كوارث عديدة للوطن وللإخوان، بعد ذلك ولاتزال: أولاً: تشبيه «مرسى» بعد الإعلان عن فوزه فى انتخابات الرئاسة، بسيدنا يوسف عليه السلام «يوسف العصر»، لأنه خرج من السجن إلى الرئاسة. ثانياً: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، جلس مع الرئيس مرسى، وعندما جاء وقت الصلاة، قدَّم الرسول عليه الصلاة والسلام – الرئيس مرسى، ليؤم الناس فى الصلاة، فى وجود الرسول صلى الله عليه وسلم. وكأن مرسى هو أبوبكر العصر. ثالثا: تفسير رؤية الحمامات الثمانى على كتف مرسى، وأنها السنوات التى سيحكمها مرسى. وكانت تفاسير هذه الرؤية غريبة، لأنه كان تفسيراً قاطعاً ووحيداً، ولم يدر بخلد أحدهم أن الحمامات قد تكون مثلاً سنوات سجن أو اعتقال.

رابعا: نزول سيدنا جبريل عليه السلام – فى ساحة رابعة، وأداء الصلاة مع المعتصمين لتثبيتهم. رغم أن الملائكة كما يقول القرآن «لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ». ولا يمكن أن يفعلوا شراً ولا ينهزمون، لأنهم يفعلون ما يؤمرون من الله تعالى.. خامسا: إعطاء مهلة وراء أخرى فى رابعة، وموعد وراء آخر – حتى من البلتاجى نفسه - لعودة مرسى إلى الحكم، بل بشَّر أحدهم فى رابعة بخروج مرسى فعلاً من مقر احتجازه، وتوجهه إلى رابعة ليخطب فى المعتصمين. وكان المعتصمون ينتظرون ذلك ولايزالون حتى اليوم.سادساً: ادعاء صفوت حجازى بأن، وضع صور مرسى مع قتلى موقعة الحرس الجمهورى، تخفف عنهم أهوال عذاب القير. رغم أن هناك عدة أقوال فقهية فى الصورة،وهى مسألة فيها اختلاف، فكيف تكون للتخفيف؟ ولماذا يحتاج هؤلاء القتلى إلى تخفيف إذا كانوا شهداء؟ كل هذا الوهم يا سادة، رغم أن البند الثالث من أصول الفهم العشرين – كما قلت من قبل مراراً وتكراراً – من رسالة التعاليم، للإمام حسن البنا ينص على: «وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله فى قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه». وكل هذه الاحلام والرؤى تصطدم باحكام الدين ونصوصه، وهذا له مجال آخر.

كان على الإخوان المسلمين- وخصوصاً المجاهدين منهم، الذين تم توجيه – هذه الرسالة لهم، أن يفهموها حق الفهم، لأنها تتعلق بالعقيدة والفهم الشامل للإسلام والوسطية، والابتعاد عن البدع والخرافات والأوهام وتتعلق بقضية التكفير، فوقع الإخوان للأسف الشديد فى معظم تلك المنهيات المذكورة فى منهج الإمام البنا، بصرف النظر عن اختلاف بعضهم تجاه منهج الإمام البنا الإصلاحى، رغم وقوع أخطاء بل جرائم فى عصر الإمام البنا، مثل قتل النقراشى والخازندار وغيرها من الجرائم، وقال عنهم البنا مقولته الشهيرة «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» يقول الدكتور أحمد عبدالرحمن، رئيس مكتب المصريين بالخارج، فى مقال له يوم 16 أغسطس 2015 «إن الجماعة بالفعل قد حسمت قرارها بالاندماج فى الحالة الثورية، وحركت الجسم الإخوانى فى ذلك الاتجاه منذ أكثر من أربعة أعوام». ثم يواصل فيقول «إنه ليس من السنن الكونية أن ينتصر الخير بمجرد أن يستقيظ الخيرون، بل من السنن أن يحدث تدافع بين الحق وخصومه، حيث إن الزمان لا يعترف باحتكار المراكز، وسرعان ما يستدعى الأقوى، آخذين فى الاعتبار أن استراتيجية اختيار البديل الأقل تكلفة تخرج دائماً بأقل المكاسب». ونستكمل فى المقال الثالث بمشيئته تعالى.. والله الموفق.