فوضى إعلانات التبرعات!!
منذ لحظة الإعلان عن حادث اغتيال المستشار هشام بركات فى العاشرة صباح الإثنين الماضى وحتى الساعة الثالثة عصرًا لحظة إعلان خبر الوفاة ثم الساعة السابعة مساء قبل الإفطار مباشرة والقنوات الفضائية الخاصة مستمرة فى تقديم برامجها التافهة ومسلسلاتها الهابطة وكأنه لم يحدث شىء فى البلد وكأن لدينا مليون نائب عام، فالشهيد هشام بركات كان النائب العام الوحيد فى مصر وتعرض لمحاولة اغتيال واستشهد بسببها، فالحادث كان جللاً والمصيبة كبيرة والقنوات الخاصة مستمرة فى تقديم تفاهاتها المعهودة، وكانت ستستمر لولا صدور تعليمات عليا، فغيرت برامجها عقب الإفطار إلى برامج التوك شو، فمن الواضح أننا نفتقد للرجل الكبير فى مجال الإعلام الذى يرشده إلى الطريق السليم لمساعدة الوطن فى العبور إلى بر الأمان، نفتقد إلى الرجل الكبير ليس فقط فى الإعلام ولكن فى كل المجالات، فليس من المنطقى أن نلجأ إلى رئيس الجمهورية فى كل صغيرة وكبيرة ومطلوب منه أن يتدخل لإنهاء إضراب الطيارين، وخلافات بين الشرطة مع المحامين ثم مع الصحفيين، ومشاكل البورصة، والمستثمرين، والمصانع المغلقة ويتابع بنفسه المشروعات الكبرى والصغرى، وأهم شيء نحتاج فيه إلى الرجل الكبير هذه الأيام هو وقف مهزلة إعلانات التبرعات التى تُهين المصريين، الهيئات والمؤسسات والجمعيات التى تطالب الشعب بالتبرع أصحبت ظاهرة مستفزة وإذا لم تتدخل الدولة سوف يتجاوز عددها شعر الرأس ويكون لكل مواطن جمعية تجمع له التبرعات، هل هناك رقابة من الدولة على هذه المؤسسات؟وهل كل من هب ودب من حقه أن يجمع تبرعات؟وأن يكون ذلك من خلال حملات إعلانية ضخمة فى وسائل الإعلام؟هل هذه الوسائل المهينة لجمع التبرعات تُرضى رئيس الجمهورية والمسئولين فى الدولة؟وهل هم سعداء بهذه الصورة التى تُظهر المواطن المصرى وهو يتسول طعامه وشرابه وعلاجه ومسكنه؟هل هناك رقابة على الملايين التى يتم إنفاقها على الحملات الإعلانية؟ أحد مستشفيات علاج السرطان إعلاناتها فاقت الوصف وتتجاوز عشرات الملايين، وتجمع مئات الملايين، هل نتائج هذا المستشفى تتناسب مع المبالغ الكبيرة التى أنفقتها فى الدعاية والتى جمعتها من التبرعات؟مركز الجهاز الهضمى بالمنصورة يقوم أسبوعيًا بإجراء عمليتى زراعة كبد لمواطنين فقراء بأقل التكاليف وبتبرعات زهيدة جدًا، وكذلك مركز الكلى بالمنصورة يقوم بزراعة ثلاث عمليات كلى أسبوعيا مجانًا كل هذا يحدث دون صخب أو حملات إعلانية وتبرعات ضخمة والمركزان يقدمان خدمة طبية على أعلى مستوى ونتائج متميزة لملايين المرضى الفقراء، لابد وأن تكون هناك رقابة من الدولة على المصروفات والواردات والنتائج أيضا لأن ما جمعه هذا المستشفى كان كفيلاً بإنشاء مدينة طبية عالمية متكاملة تحقق لمصر دخلاً يعادل قناة السويس، أختتم بعبارة أكررها فى كل مقالاتى وهى يجب أن نشعر بهيبة الدولة فلا تترك الدنيا فوضى لكل من يريد شيئًا يفعله.بداية من الاستيلاء على الرصيف فى الشارع وحتى الإضرار بالأمن القومى المصرى.
■ مذيع ومدير عام بالإذاعة المصرية