جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

الشرطة المصرية المظلومة

جريدة الدستور

* تعني كلمة الشرطة في المفهوم العام ـ قوات نظامية مدنية لحفظ الأمن الداخلي ـ ومكافحة الجريمة ـ وتعقب الجناه ـ واتخاذ التدابير الوقائية للمحافظة على أمن المواطن المصري.
* لكن ـ الآن في حقيقة الأمر ـ فإن الشرطة المصرية تواجه حرب عصابات ـ تنفذها مجموعات ـ مدربة تعتمد على خطط مدروسة ـ ومتزامنة لتنفيذ عمليات إرهابية باستخدام القنابل ـ وأسلحة بالغة الحداثة.
الشرطة ـ في حقيقة الأمر ـ تواجه مصاعب ومشاكل لا حصر ـ لها في تنفيذ مهامها ـ وتكمن المعادلة الصعبة التي يواجهها رجال الشرطة الشرفاء ـ في كيفية تعقب الإرهابيين ـ والتعامل معهم ـ وفي ذات الوقت احترام القوانين ـ فإذا أراد الشرطي أن يطبق قواعد القانون بصرامة فقط يفقد حياته ـ وإذا دافع عن نفسيه في مواجهة الإرهابيين بطريقة سريعة ـ وفقاً لمجرى الأحداث فقد يجلس في قفص الإتهام ـ وتأسيساً على ذلك قد يتوانى ضابط الشرطة في التعامل مع الإرهابيين خوفاً ـ من تحمله المسئولية ـ مما يضعف أداؤه ـ ويقوض قدراته.
هناك مشكلة أخرى ـ يعاني منها كل رجال الشرطة بلا استثناء ـ هذه المشكلة تكمن ـ في الرواتب والتعويضات ــ فهناك ـ قاعدة أساسية في تحديد الأجور وفقاً للمعايير العالمية فالأجر يجب أن يتناسب مع المخاطر التي يتعرض لها ـ الموظف ـ ولا شك أن رجال الشرطة هم في الصف الأول للمخاطر ـ فهم دروع ـ للوطن ـ وفداء له ـ وإذا كان رجال الشرطة ـ يبذلون كل ما في وسعهم ـ لتحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب ـ فإنهم مدفوعين بحبهم لمصرـ أما من ناحية رواتبهم ـ فكيف يعيش ضابط شرطة بمرتب يكفي لدفع إيجار شقة فقط !! .
لو حسبنا وأخذنا في الاعتبار نظرية المخاطر في تحقيق الأجور ـ لكانت رواتب رجال الشرطة ـ أعلى أجور في مصر.
والطامة الكبرى ـ في الشهداء ـ الشهيد دائماً في الجنة ـ لكن أسرته ما زالت تعيش في الأرض ـ وما الحال إذا فقد الأولاد والدهم ـ أو الأب ابنه ـ أو الأم ابنها ـ آلام مبرحة لا توصف ولا تقدر بمال وهنا نجد أن التعويضات التي تمنح لشهداء الشرطة ـ تعويضات هزيلة ـ لا تكفي لشراء سيارة مستعملة ـ حتى شركات التأمين تعزف عن عمل بوالص تأمين لرجال الشرطة ـ لشدة المخاطر حسب النظرية الأكتوارية ـ لحساب المخاطر ودفع التعويضات التي تنتجها هذه الشركات .
بالرغم من أنها تحقق مليارات الجنيهات ـ مكاسب تأمينيه ـ هذه الشركات يجب أن تساهم ـ في دعم رجال الشرطة من منطلق الوطنية في عمل بوالص تأمينية لهم ـ تؤمن حياة كريمة لأولادهم.
لا شك ـ أن دعم رجال الشرطة ـ مادياً ـ والتأمين عليهم بمبالغ كبيرة ـ يجعل رجل الشرطة مطمئن نفسياً ويحفزه على مزيد من الأداء.
إن رواتب العساكر في دول الخليج ـ تفوق رواتب لواءات الشرطة في مصر ـ بالرغم من تضائل المخاطر ـ بالنسبة لهم ـ علينا أن نعيد النظر في التعامل مع الشرطة ـ ورواتبها ـ والتعويضات الخاصة بالشهداء والجرحى.
أمر أخير ـ فتسليح الشرطة المصرية ـ يجب أن يكون أكثر تطوراً ـ فما زال جنود الأمن المركزي يستخدمون ـ الخرطوش من موديلات بالغة القدم ـ معظمها لا يعمل ـ وتالف.
علينا أن نسلح الشرطة بأحدث الأسلحة ـ التي تعمل بالليزر ـ والسترات الواقية الحديثة ـ التي تشكل عبئاً ثقيلاً على صدورهم ـ وتحد من حركتهم كذلك ـ في مواجهة القنابل ـ ما زالت الشرطة المصرية تستخدم طرق بدائية ـ لتفكيك القنابل هناك الإنسان الآلي ـ هناك السجادة الرصاصية التي تلقى على القنبلة ـ فتحد من انفجارها ـ هناك السيارات المصفحة ـ والمعدة بصندوق للتفجير ـ هناك ـ القنبلة الكهرومغناطيسية صغيرة الحجم التي تدمر الدائرة الكهربائية للقنبلة ـ وتعطل عملها ـ كذلك ـ يجب أن ينشأ وحدة طيران شرطية ـ تتبع جهاز الشرطة ـ لسهولة التنقل وكشف العمليات الإجرامية وتعقب الجناه.
* إذن ـ توفير الحماية القانونية لضباط الشرطة ـ في إطار حدود الدفاع اللشرعي ـ وتوفير رواتب وتعويضات مناسبة لرجال الشرطة ـ وتسليح رجال الشرطة بأسلحة حديثة يؤدي إلى المزيد من التفاني لهؤلاء الرجال الشجعان المخلصين.
* سطرت هذا المقال بعد أن أبحرت نفسي في ذات أحد رجال الشرطة ـ من رجال المباحث ـ فوجدته إنسان ـ صادق ـ يحمل روحه على كفه من أجل الوطن ـ وكذلك زملاؤه ـ لم يشتكي لي ـ من شيء ـ لكني شاهدت مواطناً مصرياً ـ بسيطاً لا يبالي من عمله المحفوف بالمخاطر من أجل عشقه لتراب وطنه ـ إنه أحد رجال شرطة قسم السابع ـ بمدينة 6 أكتوبر هذا القسم الذي كان هدفاً ـ لاعتداءات إرهابية.
حمى الله مصر ـ وشعبها ـ وشرطتها ـ وجيشها.