جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

سيادة الرئيس.. الإرهاب قضيتنا


«كُتِبَ عليكم القتالُ وهو كُرهٌ لكم». صدق الله العظيم. حقاً لقد كُتِبَ على مصر ولا راد لأمر الله أن تخوض الآن أهم وأخطر وأشرس حروبها فى تاريخها الحديث، وهى حربها المقدسة ضد الإرهاب دفاعاً عن دينها وهويتها ووجودها ومحيطها القومى. ويا ليت حديثى اليوم يصل إلى السيد الرئيس وكل المهتمين بالشأن العام، فالأمر جد خطير ويحتم أن نتفق جميعاً على كلمةٍ سواء.
بدايةً فمن المناسب أن نعرض بإيجاز للتفرقة بين معنى التطرف والإرهاب، فالتطرف هو غلوٌ فى الفكر وتشددٌ فى الرأى قائمٌ على نقصٍ فى العلم وفسادٍ فى الاستدلال وجهلٍ بأدوات البحث، وهو مع غيره من الظروف ما يجنح بصاحبه إلى المعتقد الخاطئ الذى قد ينزلق به إلى براثن السلوك الآثم. أما الإرهاب فهو ارتكاب الجرائم الجنائية المختلفة ليس قصداً لذات نتائجها المحتومة فحسب، ولكن قصداً لأغراضٍ وأهدافٍ سياسية يعتقد الجانى بإمكان تحققها جرّاء جرائمه الجنائية، والجانى هنا قد يكون شخصاً أو جماعةً أو دولةً، بيْدَ أن دائرة الاتهام الجنائى تحيط بكل من أسهم فى إرتكاب تلك الجرائم، سواءً كفاعلٍ أصلى أو كشريكٍ بالاتفاق أو التخطيط أو التحريض أو المساعدة.

وفيما يتعلق بالدولة فإنها يمكن أن تمارس الإرهاب بنفسها، ومن صور ذلك جرائم إغتيال الشخصيات السياسية التى تُقْدمُ عليها بعض أجهزة الاستخبارات أو جرائم الإبادة الجماعية التى أقدمت عليها بعض الدول بقصد التصفية العرقية. كما يمكن للدولة أن تستخدم غيرها من الجماعات والتنظيمات الإرهابية كأداةٍ فى صراعها الدولى، وهو ما نشهده الآن بوضوح على الساحة الدولية بصفةٍ عامة وعلى الساحة العربية بصفةٍ خاصة، حيث تنتهج الولايات المتحدة الأمريكية هذا المنهج الإرهابى الذى يُسمى الجيل الرابع من الحروب بعد الحروب العسكرية والاقتصادية والثقافية. ومن ثَمَّ نستطيع الجزم بأن الإرهاب الجارى هو حربٌ بالوكالة عن دولٍ بعينها ضد الدول المستهدفه، لفرض أيديولوجيات معينة وتحقيق أهدافٍ سياسيةٍ محددة.

وبالنظر إلى منطقتنا العربية وقلبها النابض مصر، فلا أريد تكرار ما صار معلوماً للجميع عن المخطط الذى يستهدفها والجماعات الإرهابية المستخدمة لتنفيذه بدءاً من جماعة الإخوان المتأسلمين حتى جماعة داعش الشيطانية، ولكنى أعيد الإشارة إلى أن ثورة 30يونيو إذا كانت قد أوقفت ذلك المخطط اللعين، فإنها لم تسقطه وستظل الإدارة الأمريكية مصرةً عليه، وفى المقابل ستظل مصر رافضةً له، وبالتالى فلا مناص من مواجهتها فى ساحة الحرب التى اختارتها وفرضتها علينا وهى ساحة الحرب الإرهابية، إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً.

نأتى إلى بيت القصيد حيث يجب الانتباه إلى أن الأعمال الإرهابية فى إطار مخططها المرسوم بمنطقتنا العربية، تستهدف النيل من الدين الإسلامى واستعداء العالم ضده، بل وزعزعة العقيدة فى نفوس المسلمين أنفسهم، وهو ما يظهر جلياً من كلمات وفتاوى التنظيمات الإرهابية التى يتم بثها مع مشاهد الجرائم التى ترتكبها، وبالتالى يجب أن نؤمن بأن محاربة الإرهاب على أرضنا العربية قضيةٌ دينيةٌ وقومية لا تعنى أحداً غيرنا، وهو ما أرى معه الآتى: [1] تتويج حربنا بشعار «الحرب المقدسة ضد الإرهاب دفاعاً عن الإسلام والعروبة»، واعتياد استخدامه لما له من ثمارٍ عظيمة. [2] دعوة الدول الإسلامية لمؤتمرٍ بالقاهرة لتوحيد الرؤية والصف، واضطلاع كل دولةٍ بواجبها مادياً وسياسياً وأمنياً فى هذه الحرب المقدسة بقيادة مصر. [3] مطالبة دول التحالف الغربى المزعوم بالانسحاب من الأرض العربية والتعهد بعدم مساعدة الإرهاب، أما محاربته فإن أهل مكة أدرى بشعابها. [4] تهيئة المناخ السياسى لإعلان حالة الطوارئ وتعبئة الدولة للحرب مع ما يستتبعه ذلك من قيودٍ على الإعلام والاتصالات، فقد يصير هذا الإجراء لازماً فيما بعد.. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء - بالمعاش