جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

حكومة الفضائيات

جريدة الدستور

هى تلك الحكومة الصامتة ، التى لا تعمل شيئا فى الوزارة سوى الرد على المداخلات والمكالمات والاستفسارات من مذيعين البرامج الفضائية ،وليس من المواطنين أنفسهم ، لا تقدم سوى الكلام والشعارات والوعود، ترى مشاكل الناس وتعالجها من وراء المكاتب المكيفة والنوافذ المغلقة ،ولا تنزل الشارع لرؤية مشاكل ومعاناة الناس ،بل لركوب السيارة المكيفة والذهاب للمنزل أو النادى أو المطارأو البرامج الفضائية !
وزير ،وحكومة ورئيس ،وبينهم مواطن تائه حائر، حكومة لا هم لها سوى الظهور فى الفضائيات للحديث عن الخطة المستقبلية (واللى دايما مستبلقية ليه مش حاضرة متعرفش لتطوير كذا ،ولتنمية كذا ،ولإصلاح كذا ،وللبحث عن كذا ،ولتصدير كذا ........وهذه الخطة المستقبلية ستعود بفائدة على القطاع الاقتصادى ،وستدعم حركة التنمية ،وستساعد على تحريك عجلة التنمية ،وستفعل وستفعل ، إلى أن يتم تغيير الوزير واستبداله بآخر، لنسمع نفس الفيلم السابق مع بعض التعديلات على السيناريو حتى لا يمل المشاهد أقصدالشعب مثل : (هناك رؤية جديدة لتحقيق معدل اقتصادى ،هناك رؤية جديدة لتنفيذ الخطة ،هناك استراتيجية متكاملة وخطة شاملة للوصول ،وللعلاج ووللوقوف وووووو........).. أما المسكن القوى جدا لما الوزير( يتزنق فى سؤال من مذيع رخم :وهى فين يا افندم الخطة ،وما فعلتم للتنفيذ ، أو أن الشعب لا يشعر بتنمية حقيقة وملموسة و...... لتأتى ‘إجابة الوزير الجاهزة ( بالفعل قمنا بخطوات جادة وحقيقة نحو التنمية والإصلاح ،ودفع عجلة التنمية )(هى ايه يا افندم )، هذه الخطة تتمثل فى ....(.هى ايه يا افندم ): بالفعل تعاقدنا مع شركات فى فرنسا وامريكا و.......ولو وزير اسكان يقولك :تعاقدنا على إنشاء 46 وحدة سكنية لإسكان الشباب قربت تجهز !ولو محافظ يقولك :تعاقدنا مع شركات نظافة اجنبية جديدة لتطوير وتجميل ولتنظيف القاهرة وبعد 100 سنة العشوائيات ! -
أما المضحك حقا فى حكومات الفضائيات ،فهو ظهور السيد الوزير لتبرير فشله بطريقة ظريفة جدا ،بعد كشف حساب معاه ينتهى بأن سيادته لم يقدم أى شئ بالأدلة والبراهين يقولك (لاحظ أننا نعمل تحت ضغط ،وتحت ظروف اقتصادية صعبة ونعمل فى اجواء سياسية ملتهبة وأحداث ساخنة وووووو) – وهى أشهر حجة نسمعها اليوم – والسؤال :(وليه قبلت الوزارة يا معالى الوزير) يتنهد فى حزن وأسى باعتبار أنه سيعلن عن سر دفين وهم تقيل ويقول بكل حماس :مصر ناديتنى فلبيت النداء من أجل خدمة الوطن ! مصر طلبتنى فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها والمشحونة بهذا الكم من الأحداث ،والمظاهرات ،والوقفات الاحتاجية ، فلابد أن أخدم بلدى فى هذه المرحلة الحساسة ،وأنى رفضت فى البداية ،ولكنى قبلت تحت ضغط والمهم أنه يعمل أكثر من 24 ساعة فى اليوم متعرفش ازاى صحيح ؟سمعت هذا المقطع الموسيقى الجميل عشرات المرات من أهم وزراء الفضائيات ،وكأنه (بيقول مش كفاية قبلت أكون حته وزير انتم ايه ،وبعدين شوفوا اللى قبلى اشمعنى انا يعنى هه بس- هه بس دى من قاموسى بصراحة-)
إلى أن يأتى السؤال العبقرى : وامتى ستتخلى عن منصبك معالى الوزير يقولك :لما أشعر بأنه ليس لدى ما أقدمه!!!!
وعندما أشعر بأن مصر لا تحتاجنى سأستقيل فورا ! وسأكون فى خدمتها فى أى وقت وسأخدمها فى أى مكان آخر حتى لو نادى الجزيزة !-يعنى مستعد اى منصب تانى افهموا يا ناس، هى دى تلبيى نداء الوطن عند الكبااااااار-
طيب فى نهاية الحوار الشيق المثمر الجميل تقول ايه للشعب، للناس ؟ أقولهم كل سنة وأنتم طيبين ،ومع بعض مصيفين ومشتيين وبالكلام وبالشعارات متغطيين!
والأهم من كل هذا عندما يقال الوزير بعد سنوات الفشل والضياع ،تنفك عقدة لسانه ويصبح خبيرا فى حل جميع المشكلات التى تخص وزارته أو وزارة غيره ، وضع حلولا فى ثانية لكل شئ ،والأهم أن يبدأ كلامه بجملة :لما كنت فى الوزارة كنت أنفذ كذا ، وأقوم بكذا وطالبت بتطبيق كذا ،ولكن الزمن لم يمهلنى لتقديم هذه الحلول على أرض الواقع وشكل ملموس يشعر الناس بصداه !!رخامة صينى
طيب الوطن معالى الوزير يناديك : مصر أمانة فى ايديك يا افندم! وأهلا بكم فى حكومة الفضائيات !!!