جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

"الدستور" ترصد مآسي الأطفال بالمستشفيات .."الداية" "تعود من جديد ودكتور يصيب طفل بـ"ضمور"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أصبح الإهمال الطبي في المستشفيات "عرض مستمر" وتحول ملائكة الرحمة كما يطلق عليهم بعيدون تماما عن أية رحمة في ظل العشوائية التي تمر بها منظومة الصحة في مصر وتحولت المستشفيات إلى "مقبرة للمرضى".
فعندما نتحدث عن المستشفيات لابد أن تأتي مصحوبة بكلمات الإهمال و التقصير ، فلم يكن مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر وسائل الإعلام، والذي أثار غضب الرأي العام قبل أيام قليلة الذي يوضح وضع سيدة جنينها خارج مستشفى كفر الدوار بمحافظة البحيرة بعد رفض الأطباء استقبالها ، الأولى من نوعه و لن تكن الأخيرة في ظل استمرار الحال علي ما هو عليه دون محاسبة
فداخل المستشفيات تجلس العشرات من الأمهات الثكلى و الآباء حاملين أطفالهم ضحايا الإهمال الطبي ، لديهم في جعبتهم الكثير من القصص و الحكايات ليرونها ، يحتاجون أذانا تصغي باهتمام و أيدي تضرب على رؤوس الفساد داخل المنظومة، لتعاقب المقصر و تقف إلى جوار الضحايا لتخفف عنهم معاناتهم.
في البداية أكدت أم نادر ، أنها بدأت رحلة معاناتها مع المستشفيات بعدما هاجمتها آلام المخاض ذات ليلة في بداية شهرها التاسع من الحمل، علامة باقتراب موعد الولادة.
توجهت برفقه زوجها ووالدتها إلى أقرب مستشفى وهي أحمد ماهر ، أسرعت إلى قسم الاستقبال و هي تصرخ من شدة الآلام وهي على وشك الولادة ، إلا أنها فوجئت برد الطبيب " دي مش حالة ولادة .. استنو لآخر الشهر "
غادرت المستشفى وفوق آلامها خيبة و حسرة على تعامل الأطباء بالمستشفى بتهاون و استهتار مع المرضى ، اعترضته والدتها قائلة "إزاي مش حالة ولادة الأعراض واضحة للناس العادية يبقى أنت طبيب إزاي و مش فاهم " ، احتدم النقاش بين الأم و الطبيب رفض على إثره الطبيب استقبال الحالة أو صرف أي مسكنات لآلام المريضة ، غادرت المستشفى وهي تحدث نفسها قائلة " لعل الطبيب معه حق و أهلي مش فاهمين حاجة "
ولكن المفاجأة أنه ما لبثت أن قطعت مسافة طريق العودة إلى منزلها وازدادت الآلام ، استدعى الأهل "الداية" لمساعدتها ، مقابل الحصول على 500 جنيه أجر بعد أن رفضت المستشفى استقبالها.
مرت الأشهر الأولى بسلام على ولادة نادر، لاحظت الأم أعراض غريبة على طفلها حيث ظل غير قادر على الحركة كالأطفال في نفس عمره وفاقد للنطق ، و قالت والدته "اكتشفت أنه مش بيتحرك و لا بيتكلم زي باقي الأطفال العاديين ، ولا يعرف يقعد أو يسند ظهره ، ولو مشي بيتحرك بس خطوتين و رجله تتقوس و يقع على الأرض و بيتبول على نفسه و يبكي باستمرار ولا أعرف ما يعانيه من ألم ؟.
وتابعت "أسرعت إلى مستشفى أبو الريش لعرضه على الأطباء ، لكنهم أكدوا أنه لا يعاني من أي أمراض ، توجهت إلى طبيب استشاري طلب إجراء أشعة رنين مغناطيسي لتشخيص الحالة ، و تبين بعدها إصابة نادر بخلل في وظائف الرئة و ارتجاع في المريء نتيجة خطأ في عملية الولادة و التي تمت في المنزل ، كان يستوجب على إثره وضع الرضيع على جهاز تنفس صناعي لكن الداية ليست بالطبيبة و لا تستطع معرفة ما يعاني منه الطفل فور ولادته".
"
نفسي أعالج نادر بس مش معايا فلوس و جوزي بيعمل باليومية ".. بهذه الكلمات لخصت أم نادر أحلامها، مضيف بعيون تغمرها الدموع " نادر محتاج إلى دكتور تخاطب و تأهيل عشان يقدر يتكلم ، ومحتاج إلى أدوية و حقن ب 100 جنيه في الشهر ، اشتريت الدواء مرة و لم أستطع تكرار العلاج بسبب الظروف المادية الصعبة التي نمر بها ".
أما محمود ،6 سنوات، فحكايته مع المرض تسطر صفحات جديدة في سجل الإهمال الطبي في مصر، تركه الطبيب بأحد العيادات الخاصة داخل رحم الأم رغم تجاوز موعد الولادة حتى أصيب بالاختناق ، لتكتشف الأم بعد ذلك إصابة رضيعها بضمور في المخ ، أدى إلى تعرضه لتشنجات عصبيه باستمرار و توقف نمو جسده .
وأضافت أم محمود " ابني عنده 6 سنوات بس جسم طفل عنده سنتين ، لا يستطيع الإمساك بالملعقة أثناء تناول الطعام و يأكل بنفسه و يحتاج إلى المساعدة دائما في إطعامه و دخول الحمام ، فمازال يرتدي الحفاضات حتى الآن رغم كبر سنه وبتعامل معه كطفل رضيع".
وتابعت "سألت في مستشفيات الحكومة لكن مفيش مستشفى مجهزة بالإمكانيات لإجراء العملية ، توجهت لعلاجه بالعيادات الخاصة لكن الحالة لم تتحسن حتى بعد العلاج الطبيعي و التخاطب ، ونفسي بس محمود يعمل العملية عشان يعرف يدخل المدرسة و يتعلم أو حد يساعدني في تحمل مصاريف العلاج المكلفة و التي تصل إلى 100 جنيه حقن كل خمسة أيام ، و جلسة العلاج الطبيعي ب40 جنيه ، بالإضافة إلى جلسة التخاطب ب 30 جنيه ".