رشدى أباظة يروى مواقف "جدعنة" فريد شوقى معه فى السراء والضراء
غادر دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 1980، واحد من ألمع نجوم الفن السينمائي المصري خلال القرن العشرين، رشدي أباظة، الدنجوان، ساحر النساء، والفنان الذي جمع بين أسطورتي الرقص الشرقي زوجتيه تحية كاريوكا وسامية جمال.
جرب رشدي أباظة الكتابة، حيث حمل العدد الـ361 من مجلة الكواكب، والمنشور بتاريخ 1 يوليو عام 1958، مقالًا بعنوان "الدنيا بخير"، وفيه يروي أباظة بعضًا من المواقف الحياتية التي عايشها ومر بها، وكيف كشفت له عن أصالة وطيبة من قابلهم.
ومن هذه المواقف ما مر به خلال تصوير فيلم "تجار الموت"، وكانت زوجته في المستشفى تعاني آلام الوضع، يقول رشدي أباظة: كنت أمثل دورًا في فيلم "تجار الموت"، وفي صباح هذا اليوم دخلت استديو نحاس، حيث يصور الفيلم، وفي صدري عاصفة من الأفكار المتشائمة، فقد تركت زوجتي في المستشفى تصارع القدر في انتظار وليدنا الأول.
ودخلت الاستديو وكل جارحة من جوارحي تنطق بما أعانيه من أحزان، نظراتي التائهة التي لا تستقر على شيء، رأسي المثقل وخطواتي البطيئة الواهنة، وفي الاستديو التقيت المخرج كمال الشيخ والزميلين محمود المليجي وفريد شوقي، وأسرعوا يسألونني عما بي، وقلت إن زوجتي تنتظر حادثًا سعيدًا في المستشفى وسكت، وفهموا كل شيء.
ــ فريد شوقي يبشر رشدي أباظة بالخير
ويمضي رشدي أباظة في مقاله ساردًا بعض المواقف التي تعرض لها: واجتمع الزملاء في شكل مؤتمر ثلاثي وقرروا أن ينتزعوني من براثن أفكاري السوداء وتناثرت ضحكاتهم وقفشاتهم تتخللها عبارات التشجيع والمداعبة والتهنئة بالمولود الذي لم ير النور بعد، وبين وقت وآخر كان يقوم واحد منهم فيتصل بالمستشفى يسأل الأطباء عن آخر أخبار المريضة التي تنتظر حادثًا سعيدًا ثم يعود ليروي لنا ما سمع.
استمر العمل في تصوير المناظر إلى وقت متأخر من الليل، وبين اللقطات كان الثلاثة يلتفون حولي، ويتابعون الاتصال بالمستشفى، وأخيرًا حصل فريد شوقي على آخر خبر هناك، ورأيته يرقص بعد أن ألقى سماعة التليفون، وفي رقصه وفرحه جاء إلينا يزف النبأ السعيد على إيقاع رقصه ويقول "مبروك يا رشدي ولدت بنت" وشعرت في تلك اللحظة بأن "فريد" يعيش معي في فرحتي وتجربتي.
ــ فريد شوقي سند رشدي أباظة في السراء والضراء
وموقف آخر يذكره رشدي أباظة عن طيبة و"جدعنة" فريد شوقي معه، مضيفًا في مقاله: ومرة أخرى وكنا نعمل في فيلم "سلطان" ووقفت أمام البلاتوه حائرًا لا أدري ماذا أفعل مع "قسمت"، وقسمت ابنتي، وقد تركتها في البيت مريضة ترتفع حرارتها إلى أربعين درجة وتطفو فوق جسدها أشياء مخيفة، واتصلت قبل أن أخرج بخمسة أطباء ليطمئنوا عليها، ولكني إلى الآن لم أتبين النتيجة. وكلما تذكرت أنني لا أطيق البعد عن "قسمت" اقشعر جسمي وارتجفت إشفاقًا عليها وعلى نفسي.
والتقيت زميلي فريد شوقي وقال لي في مرحه المعروف: "ماذا بك؟"، فقلت له "قسمت مريضة" ووصفت له المرض، وفكر فريد ثم جذب يدي وأسرع إلى التليفون وهو يقول: تعالى نسأل "هدى".
وهدى سلطان زوجة فريد أم فلا شك أن عندها ما يبعث الطمأنينة في نفسي، وردت هدى على فريد وقال لها كل شيء ثم أعطاني السماعة، وفي صوت يشيع الاهتمام في نبراته أكدت لي أن هذه حالة "تسنين" يمر بها كثير من الأطفال.