أزمة البيض.. فى بريطانيا
أزمة البيض، التى تشهدها بريطانيا، منذ أسابيع، ليست سوى البداية، حسب «الاتحاد الوطنى للمزارعين» البريطانيين، الذى أكد أن منتجات زراعية عديدة ستواجه نقصًا فى المستقبل القريب، ودعا رئيس الحكومة إلى التدخل ومساعدة المنتجين الذين يعانون ضغوطًا شديدة نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف والأسمدة والوقود. غير أن ذلك، لم يمنع رجلًا، اعتقلته الشرطة المحلية، أمس الأول، الثلاثاء، من إلقاء بيضة على الملك تشارلز، خلال قيامه بجولة فى «لوتون»، شمال غربى العاصمة لندن!.
الفترة الواقعة بين نوفمبر ١٩٧٨ وفبراير ١٩٧٩ معروفة، فى التاريخ البريطانى، باسم شتاء الغضب، السخط، أو الاستياء، Winter of Discontent، إذ شهدت المملكة خلالها موجة واسعة من الاضطرابات والإضرابات، شملت العاملين فى القطاعين العام والخاص، وراحت ضحيتها حكومة جيمس كالاهان، الزعيم العمالى الأسبق، وأتاحت للمحافظين، بقيادة مارجريت تاتشر، فوزًا سهلًا فى انتخابات مايو التالى، ليظل حزب العمال بعيدًا عن الحكم، إلى أن تمكّن من استعادته سنة ١٩٩٧ تحت قيادة تونى بلير.
الآن، ومع اقتراب شتاء بريطانى أكثر قتامة، وأشد برودة وغضبًا وسخطًا، تشهد المملكة اضطرابات واحتجاجات واضرابات متزايدة، شملت قطاعات لم تقم بإضرابات طوال تاريخها، وشاغلين لوظائف مرموقة، بسبب زيادة الأسعار، وارتفاع فواتير الطاقة، وفقدان أجورهم لقيمتها، فى ظل تضخم يُعدّ الأعلى منذ عقود. ومنذ أيام أعلن اتحاد الخدمات العامة والتجارية، عن اعتزامه القيام بسلسلة إضرابات، بين ١٦ ديسمبر الجارى و٧ يناير المقبل، كما أعلنت نقابات تمثّل عاملين فى القطاعين العام والخاص عن تحركات شبيهة، تم التخطيط لها، أو جرت عمليات تصويت بشأن موعد تنفيذها، ما قد يشل الحياة فى تلك الدولة.
فى هذه المعجنة، وبينما كانت شبكة «سكاى نيوز» تنقل عن مينيت باترز، رئيسة الاتحاد الوطنى للمزارعين، أن الغذاء فى بريطانيا بات مهددًا، وينتظره مستقبل مظلم.. وبعد أن كشف استطلاع رأى، أجراه معهد «ويتش»، عن قيام غالبية البريطانيين بخفض وجبات طعامهم، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية، بى بى سى، تقريرًا طويلًا، رصدت فيه الجدل الذى أثاره ارتفاع أسعار الذهب فى مصر، على شبكات التواصل الاجتماعى، وحاولت معرفة مدى تأثير ذلك على الأسر ذات الدخل المنخفض!.
المهم، هو أن متاجر بيع تجزئة كبرى عديدة، فى المملكة التى كانت توصف بالعُظمى، باتت تفرض قيودًا على شراء البيض. ومنذ منتصف نوفمبر الماضى، ينشر المتسوقون، فى حساباتهم على «تويتر»، صورًا لرفوف فارغة، أو لافتات تعتذر عن عدم وجود البيض، أو تشير إلى نقص المخزون منه، كان أبرزها، وأطرفها، تغريدة للرئيس التنفيذى لشركة «جروسرى إنسايت»، Grocery Insight، الاستشارية، ظهرت فيها لافتة فى أحد متاجر «ليدل» تطالب الزبائن بأن يكتفوا بثلاث بيضات فقط فى كل عملية شراء!.
الجمعية البريطانية لمنتجى البيض، قالت إنها سبق أن حذرت من أن المنتجين سيعلقون إنتاجهم، أو يوقفونه إذا لم يحصلوا على أسعار عادلة، واتحاد المزارعين، قال إن منتجات غذائية عديدة، خاصة تلك التى تستهلك الطاقة بكثافة، قد تتأثر بمشكلات الإمداد. وبالفعل، ارتفعت أسعار الحليب والشاى والسكر والسمن والبطاطس و... و... وغيرها. كما سبق أن أعلن «اتحاد التجزئة البريطانى»، British Retail Consortium، أواخر الشهر الماضى، عن أن الأسعار تتزايد بأعلى معدل لها منذ سنة ٢٠٠٥، وأرجعت هيلين ديكنسون، الرئيسة التنفيذية للاتحاد، ذلك إلى زيادة تكاليف المدخلات، وارتفاع أسعار الطاقة وسوق العمل الضيقة، وأشارت إلى أنه سيؤثر على التضخم الأوسع فى المملكة، الذى يتوقع خبراء ومحللون وصوله إلى ١٨٪ خلال العام المقبل.
.. أخيرًا، وبينما تستعد مراكز توزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين، لأكثر فصول الشتاء ازدحامًا وأكثرها برودة، تستعد الحكومة البريطانية، أيضًا، لمواجهة تزايد الاحتجاجات والاضطرابات والإضرابات، وأشار ناظم الزهاوى، رئيس حزب المحافظين الحاكم، إلى أن الحكومة «قد تستعين بالجيش»، وقال للمحتجين والمضربين والنقابات العمالية، إن هذا ليس وقت الإضرابات، بل وقت السعى والتكاتف والتفاوض.