إلا الوطن
نحن الذين شاركنا مع الملايين من المصريين في ثورة شعب مصر الهادرة في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ للخلاص من الظلاميين نعرف قيمة الوطن، وندرك أنه مهما حاول السفهاء أو المتآمرون أن يثيروا الفتن، فإنهم لن ينجحوا.. ومهما حاول الظلاميون أن يحاولوا بث الكراهية بين فئات الشعب أو استخدام الخطاب الديني المتشدد؛ لتقليب الناس بعضهم علي بعض فإنهم لن ينجحوا.
ومهما حاولوا إثارة الفرقة بنشر الشائعات المغرضة أو كتبوا علي مختلف مواقع التواصل الاجتماعي الأكاذيب والقصص الملفقة فإنهم لن ينجحوا، ومهما حاولوا تأجيج الغضب لدي أي من فئات الشعب الذين قاموا بثورة ٣٠يونيو لأي سبب أو لجأوا لاستغلال مشاكلنا الاقتصادية مثل مشكلة ارتفاع الأسعار بسبب جشع التجار، أو وجود نسبة من البطالة في بلدنا فإنهم لن ينجحوا في تحقيق أهدافهم الهدامة ومآربهم في التخريب والتدمير لكل ما تم تحقيقه أو إنجازه خلال الـ ٨ سنوات الماضية.
فلقد انكشفت ألاعيبهم جميعًا وأدرك كل من شارك وخرج من بيته في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن أي محاولات لإعادة الظلاميين أو المخربين لن يسمحوا بها أبدًا، فلا عودة لمحاولات تخريب الوطن ولا عودة للظلاميين للقتل وسفك دماء المصريين.
إن ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لم يمض عليها الكثير، فلم يمض عليها سوي ٩ سنوات فقط ولا تزال كل لحظة فيها نتذكرها ونتذكر جميعًا أننا خرجنا نساء ورجالًا، كبارًا وصغارًا من بيوتنا مطالبين برحيل الظلاميين وأتباعهم والمتآمرين معهم في صيحة عالية «ارحل.. ارحل».. كان مطلبًا شعبيًا أساسيًا أن يرحل الظلاميون من سدة الحكم ورجالهم وأتباعهم وكل الوجوه القبيحة التي عرفناها وكانت تهدد الشعب المصري بكل صفاقة بالموت والحرق والقتل والسحل.
والتي كانت تحتقر النساء والبنات وتستبيح الأعراض وتحرق الكنائس وتكفر كل من ليس من أتباعهم وتقتل جنود وضباط الجيش، والشرطة الذين كانوا يحمون الوطن، لن ننسي الوجوه القبيحة التي كانت مفروضة علينا في الإعلام, والتي كانت تدلي بتصريحات فيها من التطرف والكراهية وتصدير الرعب للناس ما كان يمكن أن يملأ القلوب فعلا بالرعب من النزول ضدهم في ٣٠ يونيو، لن ننسي الفتاوي الدينية المقيتة المتطرفة التي كانت ومازالت تستخدم الدين لتكفير كل من ليس منهم، لن ننسي أنهم كانوا في البرلمان يحيكون قوانين لنشر فكرهم الظلامي والعودة عن كل ما حققناه من مكتسبات للمجتمع، لن ننسي أننا وقعّنا علي ورقة «تمرد» جميعنا للخلاص من الإخوان وزبانيتهم.
لن ننسي أننا كنا ندعو الله أن يظهر من بيننا رجل شجاع لإنقاذ الوطن وتخليص الشعب المصري من أهل الشر والتطرف والخيانة الذين كان التنظيم الدولي بالنسبة لهم هو الآمر الناهي في مصير الوطن، وأن الخطة المتفق عليها كانت تقسمه إلي ٤ أقسام بعد إراقة دماء المصريين الذين لا ينتمون إلي جماعتهم، أتذكر تمامًا ما كنت أكتبه أملًا في الخلاص وكان من بين مقالاتي في الأهرام مقال بعنوان «نزيف الوطن»، كتبته في شهر يناير ٢٠١٣ بعد أن رأيت مشهد قتل الشباب في ستاد بورسعيد وإطلاق الرصاص علي الذين كانوا يسيرون في جنازة شهداء بورسعيد.
وبعد أن قتلوا العشرات من الشباب في مباراة كرة قدم ببورسعيد، وكانوا يلقون بهم من أسوار استاد بورسعيد، وأتذكر أني كتبت مقالًا غاضبًا أطالب المسئولين في الدولة من الإخوان الذين يجلسون علي سدة الحكم بأن يقولوا لنا من الذي يقتل المصريين؟ وأن الوطن ينزف ولا أحد يحاسب علي قتل المصريين، وتم منع نشر هذا المقال الأسبوعي الذي كنت أكتبه في صحيفة الأهرام اليومية، فرفضت الاستمرار. وأخذت مقالي الذي منع نشره رئيس مجلس الإدارة الإخواني ورئيس التحرير الإخواني أيضًا وتركت مكتبي ولملمت أوراقي وكتبي ومتعلقاتي وتركت رسالة غاضبة لرئيس مجلس الإدارة الذي كان قد قرر منع مقالاتي وإقصائي من الكتابة ومن مكتبي في مسلسل إقصاء كتاب الأهرام الذين يعارضون سياسة الإخوان.
وكنت أول كاتبة في الأهرام يتم إقصاؤها لأنني كنت أنتقد سياساتهم القمعية وممارساتهم ضد المجتمع وخاصة ضد المرأة في بلدنا منذ أن تولي «مرسي» السلطة في ٢٠١٢، وكان كل شيء يتدهور من حولنا، وكانوا يظنون أنهم بالسلاح والسحل والقتل سيتمكنون من الاستيلاء علي البلد وإسكات وترويع المصريين ليبقوا في الحكم إلي الأبد، إلا أنهم لم يدركوا أن الشعب المصري هو شعب بلا كتالوج وهو شعب توحده الأزمات وتقوي من عزيمته، وكان الشعب قد كشف وفاض به الكيل من ممارساتهم المتطرفة والإجرامية والتكفيرية، وكان منع مقالي من الأهرام هو السبب في انضمامي لأسرة صحيفة «الدستور» اليومية ككاتبة حيث دعاني رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة إلي الانضمام لأسرة صحيفة «الدستور» اليومية المناهضة للممارسات الإخوانية.
وذلك في نفس يوم منع مقالي في صحيفة الأهرام، التي قررت تركها حفاظًا علي كرامتي ككاتبة في الأهرام التي توليت فيها مسئوليات عديدة علي مدي ٣٠ عامًا لم يُمنع لي فيها مقال أو كلمة كتبتها من قبل، وتشرفت بانضمامي لأسرة «الدستور» التي نشرت لي مقالي الممنوع «نزيف الوطن» مع تنويه واضح وببنط عريض في الصفحة الأولي عن انضمامي لأسرة «الدستور» ككاتبة، وذلك في صباح ٢٨ يناير ٢٠١٢، ومازالت صحيفة «الدستور» تمثل لي بيتًا ثانيًا أعتز به وأعتز بأنني كاتبة فيها.
وما زالت لصحيفة «الدستور» لها معزة خاصة في قلبي وأحرص علي مقالاتي الأسبوعية فيها وعلي انتمائي لها وأعتز برئيس مجلس إدارتها ورئيس تحريرها د. محمد الباز الكاتب الصحفي والإعلامي القدير وبكل أسرة «الدستور» التي أكتب فيه بكل حرية وبكل صدق مقالاتي الأسبوعية في الشأن العام، وفي موضوعات عديدة أري أنها من الضروري الكتابة عنها، وأشهد أنني منذ أن التحقت بأسرة «الدستور» فإنني أكتب فيها رأيي ووجهة نظري بصراحة في أي قضية تهم القارئ أو موضوع أري أنه من الضروري طرحه ومناقشته من منطلق وطني، وحرص تام علي الصدق والأمانة في عرض رأيي.
ولهذا فإنني وجدت نفسي اليوم أتذكر موقف شعب مصر والملايين التي شاركت في ثورة ٣٠يونيو٢٠١٣، والتي تجاوز عددها أكثر من٤٠ مليونًا كما ذكرت مواقع جوجل الغربية وأنني أري أننا قد تجاوزنا هذا العدد بكثير لأنها تعتبر أكبر ثورة شعبية عددًا قام بها شعب ضد الحكم في التاريخ، ما زلت أتذكر أننا رفضنا التآمر علي الوطن وطالبنا برحيل المتآمرين جميعًا، ولهذا فإنني وأنا أتابع محاولات إثارة سخط الشعب والدعوة للتظاهر في ١١ نوفمبر المقبل فإنني علي يقين بأنها لن تجدي، ولأننا حينما دعونا أن يظهر لنا منقذ ليخلصنا من الإخوان وجرائمهم الوحشية ضد أبناء الشعب المصري فقد خرج من وسط الجيش المصري الباسل قائد شجاع هو عبدالفتاح السيسي الذي كان وقتذاك وزيرًا للدفاع، ودعاه الشعب المصري لمحاربة الإرهاب كما دعاه الشعب المصري ليتولى قيادة الوطن لبر الأمان والاستقرار والكرامة والحرية من تسلط الظلاميين علي الشعب وخططهم الدنيئة لتقسيم الوطن وتحقير نسائه وقتل شبابه وجنوده.
ظهر من وسطنا قائد شجاع لا أكون مغالية إن قلت إنه منقذ مصر وزعيمها الذي حظي بشعبية فريدة لدي جموع الشعب المصري المحب للوطن والذي حقق بعد توليه المسئولية وانتخابه رئيسًا للجمهورية قفزات نوعية ومشروعات قومية وبنية تحتية بسرعة الصاروخ، وما زال يواصل العمل ليلًا ونهارًا للتقدم بمصر نحو مستقبل آمن، كما حقق أيضا لنا علاقات دولية ومشاركات في المحافل العالمية أكسبته احترامًا دوليًا وبما حقق لمصر مكانة مهمة وسط الدول الكبري ووسط العالم بشكل عام، كما أوفي بوعده في تحقيق الأمان والاستقرار للمواطن المصري ومحاربة الإرهاب الأسود الذي كان موجهًا ضد أهل مصر، وهو قبل كل هذا الداعم الأكبر لمكانة المرأة المصرية.
واستطاع تحقيق قفزات كبيرة في اتجاه تقدمها وتعيينها في المناصب الرفيعة والعالية ومشروعات عديدة لتوفير حياة كريمة للمرأة الأكثر فقرًا والغارمات، واستجاب لمطالبنا في تشديد بعض العقوبات في ممارسات العنف ضدها وما زلنا نأمل في المزيد للمرأة لتحسين أحوالها المعيشية، وما زلنا نأمل في المزيد من تحسين أحوال المواطنين وحل المشاكل الاقتصادية، ورفع مستوي معيشة المواطنين وحل مشكلة البطالة وارتفاع الأسعار، وتحسين أحوال التعليم والصحة.
نعم أدرك تمامًا أن لدينا الكثير من المطالب الملحة من الرئيس عبدالفتاح السيسي لرفع مستوي المعيشة المواطنين، وتحسين أحوال المرأة المعيلة، وغيرها من المشاكل الاقتصادية وجذب الاستثمارات وزيادة الإنتاج وتذليل معوقات الصناعة والاستثمار باعتبارهما عصب الاقتصاد، إلا أننا أيضا لا بد أن نعمل بجدية ونشارك في العمل والإنتاج، ومن ناحية أخري فإنه في تقديري أن كل هذه المشاكل لا بد أنها في طريقها للحل،، لأن مرحلة تجهيز البنية التحتية وإنشاء شبكة الطرق السريعة وإصلاح الكهرباء وبناء جيش قوي قد أوشك علي الانتهاء منه.
ولا بد أن الدولة ستتجه الآن إلي تحسين الظروف المعيشية للمواطن العادي والفقير والاهتمام بأحوال الطبقة المتوسطة، التي هي عماد الاستقرار والاهتمام بالثقافة والقوة الناعمة لمصر والتي تمثل قوتها الحقيقية وفكرها المستنير ورفع درجة وعي الشعب ضد أفكار الظلاميين، وضد من يستخدمون الدين لبث الكراهية والفتن والدين منهم براء، وسوف نقف جميعًا يدًا واحدة لحماية وطننا الغالي لأننا وضعنا ثقتنا في رئيس وطني شجاع وضع أمان مصر ومصلحتها نصب عينيه ووقف مدافعًا شرسًا عن أمن الشعب ضد الإرهاب الذي كان يريد أن يقتلع الأخضر واليابس، والذي كان يهدف لقتل المصريين وإراقة دمائهم في الشوارع.
نعم إنني علي يقين تام بأننا نحن الذين شاركنا في ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ندرك تمامًا أنه ليس هناك مصري مخلص أو مصرية مخلصة لأرض وعرض الوطن سينزل من بيته؛ للمشاركة في أي خطوة ضد الرئيس السيسي، لأن الشعب المصري يعي تمامًا أنه لن يسمح لأي مخرب أن يتلاعب بمصير الوطن، ولن يسمح بإعادة أي من الوجوه القبيحة المتخلفة أو الخائنة، وسنقف جميعًا درعًا داعمًا للوطن، وسندًا للسيسي كما فعل هو معنا عندما دعوناه ودعونا الجيش المصري الباسل؛ ليقف في ظهر الشعب في ثورة يونيو ٢٠١٣.
وسنتحمل قليلًا المصاعب وسنعبر الصعب لكننا سنحمي استقرار هذه الأرض الطيبة التي نشأنا فيها، بروحنا، وبكل قوانا، لأنه، إلا الوطن، فلا مساس به، أو بآمنه أو باستقراره، لأننا لن نفرط في استقراره أو أمانه أو تقدمه أبدًا، فكلنا نساء ورجال ممن شاركوا وثاروا ضد الإخوان والمتآمرين وزبانيتهم في ثورة ٣٠يونيو ٢٠١٣، كلنا الآن حماة للوطن الحبيب.