حق مريم الذى عاد
حان الوقت لتجد الدولة المصرية سبلًا لتحقيق العدالة الناجزة فى القضايا التى تهز الرأى العام المصرى، وأن نتوصل إلى تحقيق الردع السريع والمدوى الذى من الضرورى أن تعمل الدولة على تحقيقه فى المجتمع المصرى فى مواجهة الممارسات العنيفة والجرائم التى انتشرت فى السنوات الأخيرة.
كما أن العدالة الناجزة لكى تكون رادعة فإنه لا بد أن تعمل الدولة على نشرها على أوسع نطاق عند صدور الأحكام فى القضايا التى تؤرق الرأى العام، بحيث يتم إعلان الأحكام الرادعة ونشرها فى جميع وسائل الإعلام المتاحة للدولة المصرية، وذلك لأهمية نشرها فى حينها فى مواجهة الجرائم التى تكون فى حاجة إلى ردع سريع وحتى لا تتكرر، لأنه قد أصبح واضحًا، الآن وليس غدًا، أننا فى أمس الحاجة إلى التصدى للقضايا التى يصحبها العنف والجرائم التى تُرتكب مع سبق الإصرار والترصد بأحكام رادعة يتم إعلانها على نطاق واسع فى نفس الفترة التى وقعت فيها الجريمة أو الواقعة.
وإننا من الضرورى أيضًا مع اقتراب إعلان الجمهورية الجديدة أن نضع أولوية تحقيق الأمان فى المجتمع التصدى للجرائم، حتى نتمكن من القضاء على ممارسات العنف المفرط والعنف الممنهج وأى أشكال أخرى من الممارسات العنيفة وأيًا كان سببها، وأيًا كان مرتكبها.
وإذا ما تابعنا ودققنا النظر إلى الحوادث المؤسفة والأليمة التى هزت الرأى العام فى بلادنا، سنجد أن أغلبها كان ضد شابات أو نساء، وفى رأيى أنه لن تتم حماية شابات ونساء مصر من ممارسات العنف أو العنف الممنهج الذى وراءه فتاوى تستبيح النساء إلا بتنفيذ العدالة الناجزة والقصاص العادل والعاجل.
وأتوقف اليوم حول حادثة أليمة هزت الرأى وقعت ضد فتاة محترمة وجميلة تبلغ من العمر ٢٤ عامًا فى الشارع هى مريم محمد، فى ١٣ أكتوبر ٢٠٢٠، والتى عرفت بقضية «فتاة المعادى»، وكنت قد كتبت حينذاك مقالًا غاضبًا هنا فى صحيفة «الدستور» حول هذه الجريمة النكراء والاعتداء الوحشى الذى أودى بحياتها، وطالبت بالعدالة الناجزة والقصاص العادل بإعدام «قتلة» مريم التى راحت ضحية العنف المفرط جهارًا نهارًا حينما كانت تسير فى الشارع، وتتلخص الجريمة البشعة فى أن مريم بينما كانت تسير فى شارع بالمعادى اندفع أحد الجناة تجاهها قائدًا سيارة بالطريق العام واقترب منها وحاول الآخر انتزاع حقيبة من على ظهرها، وحاولت هى أن تتشبث بها فصدماها بسيارة أخرى متوقفة ودهساها أسفل عجلات السيارة التى يستقلانها قاصدين من ذلك إزهاق روحها ليتمكنا من الفرار بالحقيبة، مما أسفر عن عدة إصابات مميتة أودت بحياتها.
وقال المتهمان وأحدهما سائق ميكروباص والآخر عاطل، خلال التحقيق معهما أمام نيابة حوادث جنوب القاهرة الكلية، إنهما كوّنا تشكيلًا عصابيًا لسرقة حقائب وهواتف المواطنين والمارة فى الشارع بأسلوب الخطف، وقالا إنهما يستخدمان سيارة ميكروباص مطموسة اللوحات فى التنقل بين الشوارع لاصطياد ضحاياهما من المواطنين، وإنهما يقصدان السيدات والفتيات بالذات لسرقة حقائبهن بأسلوب الخطف، وإنهما يختاران الشوارع الهادئة وغير المكتظة بالمارة، وألقت قوات الشرطة القبض على المتهمين وتبين أنهما من أصحاب السوابق.
وها هو حق مريم قد عاد والحمد لله، حيث جاء القصاص العادل منذ بضعة أيام فيما حدث لها ليثلج صدورنا، وأكدت المحكمة فى حيثيات حكمها بالإعدام على اثنين من الجناة: أن الواقعة تتلخص فى أن المتهمين اتفقت رغبتهما الجامحة فى الحصول على المال الحرام وسلكا طريق الشر، وبدأت محاور فكرهما تتلمس المال الحرام ولو عن طريق الغدر وسرقة الأبرياء وإزهاق أرواحهم لتحقيق غايتهما.
إلا أنه فى تقديرى ومع كامل احترامنا وتقديرنا للحكم الرادع الذى صدر كنت أتمنى وكان من الضرورى أن يجىء قبل هذا، وأن يتم الإعدام فى وقت أسرع بحيث تتحقق العدالة الناجزة، ويحدث الردع المطلوب فى حينه وقبل أن تنقضى سنتان على هذه الجريمة البشعة، فالناس أحيانًا كثيرة فى خضم مشاغلها تنسى، ولكى يحدث الردع لا بد أن يكون سريعًا، وطبيعى أنه حينما يصدر الحكم سريعًا فى مثل قضية مريم محمد أو فى القضايا ضد النساء والشابات أن يردع ذلك كل من يفكر فى الإقدام على مثل هذه الجرائم واستباحة المرأة المصرية، أيًا كان عمرها أو مكانها.
وأتذكر أنه حينما وقعت الجريمة البشعة لمريم فإنها قد أثارت موجة من الغضب فى مصر، وتفاعل وعلق عدد كبير من المشاهير مستنكرين الجريمة النكراء وطالبوا بأقصى عقوبة على الجناة، وقد قضت المحكمة منذ أيام قليلة فى الجريمة النكراء، التى تم ارتكابها بواسطة ٣ مجرمين، بإعدام اثنين من المتهمين الثلاثة وحبس الثالث سنة، وتم بالفعل تنفيذ الإعدام بحق المتهمين الاثنين منذ بضعة أيام.
إننا نناشد الدولة بأن يتم حل الإشكالية الحالية والتى تسفر عن تباطؤ إصدار الأحكام، حيث تكون المحاكم متخمة بالقضايا التى تستمر سنوات، ويكون القضاة متخمين بالقضايا التى عليهم الحكم فيها، وبعض قضايا المجتمع يستمر سنوات قد تصل إلى ٥ أو ٧ سنوات مثل قضايا الميراث مثلًا، حيث يكون الأوان قد فات وتأخر فى الوصول لمستحقيه.. إننا نريد أن يتم إصدار الأحكام بشكل أسرع لأن العدالة البطيئة تساعد فى انتشار الجرائم، ومؤخرًا وقعت جريمة بشعة أخرى ضد فتاة شابة جميلة هى نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة وهزت الرأى العام فى مصر وفى العالم العربى، وبعدها بأيام أقدم مجرم آخر على قتل فتاة بعدما أصابها بعدة طعنات فى أنحاء متفرقة من جسدها فى محيط محكمة الزقازيق.
إننا اليوم لا سبيل أمام الدولة المصرية إلا بإيجاد حلول لتحقيق العدالة الناجزة والقصاص العادل فى القضايا أمام المحاكم حتى تتحقق العدالة والقصاص فى كل القضايا وخاصة المتعلقة بالنساء والشابات، بعد أن وضح أنهن مستهدفات من أهل الشر والإجرام والتطرف فى بلدنا.. إن حماية المرأة والفتاة المصرية ضرورة عاجلة وهى مسئولية فى رقبة كل مسئول عن الأمن والعدل فى بلدنا.