على جمعة: العلاقة بين المسلمين وغيرهم أمر يجب على كل الإنسانية أن تلتفت إليه
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن العلاقة بين المسلمين وبين غير المسلمين أمر يجب على كل الإنسانية أن تلتفت إليه، وأن يشيع بين الناس، حيث يقول سبحانه وتعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} آية قوية يبين فيها ربنا سبحانه وتعالى أنه يا أيها المسلم لا ينهاك الله سبحانه وتعالى { عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ }.
وتابع «جمعة» خلال مشاركته في برنامج القرآن العظيم، القضية أن هناك من اعتدى علينا وأخرجونا من ديارنا، ما الذي حدث؟ الذي حدث أن النبي ﷺ يدعو إلى ربه على بصيرة هو ومن اتبعه ويدعو إلى ربه بالجدل الحسن، فلم يلق إلا الأذى والتكذيب والإهانة والتعذيب في مكة، وبالرغم من ذلك لم يدعو إلا بالتي هى أحسن {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} فأخرجوه من دياره، اضطر الصحابة أن يرحلوا إلى الحبشة، وسمعوا أن النبي ﷺ قد اصطلح مع المشركين - إشاعة ظهرت - فعادوا، ثم لما رأوا الحالة كما هي رجعوا مرة أخرى إلى الحبشة فكان هناك هجرة الحبشة الأولى والثانية ، ثم ضاق الأمر حتى حصر رسول الله ﷺ واتفقوا على قتله، فأنقذه الله وأخفاه منهم وذهب إلى المدينة المنورة حيث الأنصار الذين نصروا الله ورسوله والمهاجرين ، وبدأ الإسلام في المدينة بداية جديدة وأصبحت الدولة تحت سلطان النبي ﷺ، وبالرغم من ذلك إلا أنه وضع تلك القاعدة المبدئية ودلل على هذه القاعدة الذهبية {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} فمن قاتلنا من أجل أن نترك ديننا دافعنا عن أنفسنا، وحق الدفاع مكفول عند كل البشر إذا تعرضت الذات لعدوان، كل العقلاء من بنى آدم أجازوا أن يدافع الإنسان عن نفسه، حتى مقررات جنيف الأولى والثانية في قضايا الحرب وقواعدها ، كله أقرت أن الإنسان له أن يدافع عن نفسه.
وتابع قائلا: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} فماذا نفعل إذا أخرجونا - كما فعل الصهاينة في الفلسطينيين، أخرجونا من ديارنا، ولازالوا إلى الآن يخرجوا الفلسطينيين من ديارهم حتى ينشأوا المستعمرات-؟ إذا فعلوا هذا فمن حق من اعتدى على نفسه، اعتدى على عرضه، اعتدى على ماله، اعتدى على دينه، من حقه أن يدافع عن نفسه؛ هذا أمر يقره كل العقلاء، ولكن يتم تلبيس حول هذا {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وأوضح: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} ويكون بيننا وبينهم علاقات ، وتجارة ، وجيرة، وتعاون {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }، {وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} يعنى تنصفوهم، تعطوهم حقوقهم ، يعنى تكرموهم، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} إن الله يحب المنصفين، أهل العدل يحبهم الله سبحانه وتعالى، {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ}.
في هذه الآية ثلاث صفات: 1- أنهم قاتلونا من أجل أن نرتد عن ديننا.
2- وأخرجونا من ديارنا، الإخراج من الديار - كما ترون - ألحقه الله بالعدوان على الذات والعدوان على الدين، 3- {وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} عندما يأتي هؤلاء القوم يعتدون علينا، وهذا العدوان نراهم يظاهرون وينصرون من اعتدى، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} فهذه تكون خيانة، وأيضا هذا موجود في كل شعوب العالم فيما يسمى بـ«الخيانة العظمى للأوطان»، يخونون المجتمع والناس والدولة، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الذين يفعلون هذا الفعل -الخيانة- مع المعتدين الحقيقة أنهم من الظالمين.