جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

شرف الفأر.. قصة لـ روبير الفارس

شرف الفأر
شرف الفأر

كـ"فأر" سيق للسلخ في مملكة القطط. لم يصلح معه استخدام أي "بامبرز" سيل الإسهال الأصفر المقزز تتطاير على وجه القط الأكبر، الذي وبحركة لا إرادية وضع ذيله في كأس شمبانيا التفاح المستوردة ومسح شواربه. فشعر بالانتعاش وصرخ بصوت عظيم:"التهمة".
وتقدم قط مشلول يستند على عكازين أحدث السير بهما صوت مزعج. وعندما وصل إلى المنصة تقيأ من هول الرائحة النتنة التي تركتها الأطلال المنتشرة لإسهال الفأر. وعندما اعتاد الرائحة فتح ملف ضخم وقال:
- إن الفأر القذر عارض رغبة القط الأكبر في ممارسة اللواط معه. وقد اعترف برفضه.
وسأل القط الأكبر: دون إكراه.
- لا نستخدم هذه الأساليب يا سيدي. وبقاعة المحكمة أكثر من طبيب يمكنهم الآن توقيع الكشف الطبي على الفأر. وإجراء كافة الفحوصات والأشعات.
- ليكن. وهنا تحرك ست من القطط البيضاء. يحملون أجهزة الأشعة والتحاليل وأجهزة رسم القلب. وبكل رفق قاموا بتوقيع الكشف الطبي وإجراء كافة الفحوصات اللازمة. وبعد مرور نحو ساعة حيث ظهرت كل نتائج الكشف صرخوا في صوت واحد. الفأر يتمتع بصحة جيدة. ولا يعاني من أى خدش إلا كسر صغير في ظفر إصبعه البنصر وهو كسر قديم مر عليه أكثر من خمس سنوات. انتعش القط الأكبر وهو ينظر إلى الفأر في اشتهاء خاصة وأن التقارير الطبية أكدت على جمال جسده وتناسق أعضائه وقوة صحته. وبعد دقائق من الصمت. توجه إلى الفأر بسؤال وقلبه يتقطع فى أحشائه
- لماذا إذن ارتكبت جرم؟ رفض زرفت الدموع في عينيِّ الفأر وقال بصوت متهدج الطبيعي أن تأكلني لا أن تغتصبني!!
وقال عضو اليمين في المحكمة
- يا لكم من أغبياء معشر الفئران تريدونها حرباً لا تخمد وترفضون "الحب والسلام". وقال القط الأكبر في دلال:
- ارحم عذابي . آه لو أقدر أن أمزق قلبي الذي عشقك حتى الثمالة.
ورد الفأر
- أنا فأر مجاري حقير كل شعرة في جسدي لا تخلو من وساخة وجرثومة وفيروس. ما الذي يجذبك في نتانتي وقبحي.
تمتم عدد من القطط الحاضرة "الحب أعمى"!!
وصرخ القط الأكبر
- وهل كنا نغسل الفئران قبل أكلها.. إذا كانت معدتي لا تنفر من هضمك بكل قذارتك بل تهلل بمصمصة عظامك العطنة.
وقال الفأر
- لا أستطيع أن أسلمك ظهري.
- وتقبل أن تسلمني رقبتك
- هناك شيء في داخلي يجعلني أرفض هذا الفعل ولا أعرف كيف أعبر عنه.
وتدخل قط عجوز غط الشيب شعر رأسه وحفرت التجاعيد في وجهه علامات حادة.
- اسمع منى أيها الفار المسكين منذ أن قامت ثورتنا المباركة ونحن نمتلك "ظهور" الفئران بكل ما فيها. هناك منا من يعشق"القفا" يخربش فيه ويرسم لوحات سيريالية وهناك من يعشق مصمصة العمود الفقري. وهناك من يعشق المؤخرات. لقد تركنا لكم "البطن" بكل ما فيها بكل خفاياها. ولكن" الظهر لنا".
وهتف الحضور في أوبرالية "الظهر لنا...الظهر لنا" وتمتمة قطة عمياء. "واللي له ظهر". هدأت القاعة. تذلل القط الأكبر من جديد للفأر وغنى له بعض الأغنيات "الله محبة...الخير محبة. قول الحب نونو نعمة" و"رمش عينه اللي جرحني رمش عينه.. مين يا ناس". و"شبابي بينادي شبابك تهرب منه ليه" وهنا ارتفع صوت القطط بالنواح والبكاء والعويل. وقد تأثر الجميع بحالة اللوع التى يعيشها كبيرهم الذى اعترف بسقطته وتنحى عن المنصة. فصعد أكبر القطط عمراً وأخذ مكانه . فأصدر حكم بالإعدام نهشاً على الفأر المتمرد مع ترك مؤخرته سليمة والتوصية بتحنيطها ووضعها في القاعة الحمراء بالمتحف القومي للمملكة.