ولا عزاء لمنتجى الدواجن
الاستيراد من الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية الصعبة التى تشهدها مصر حالياً وارتفاع سعر الدولار وانخفاض قيمة الجنيه ثم تعويمه، وعلى مدار العقود الكثيرة الماضية الحكومات المصرية المتعاقبة فتحت باب الاستيراد على مصراعيه مما أدى إلى تدمير الصناعة الوطنية المصرية وإغلاق المصانع وتكوين مافيا للاستيراد استفحلت حتى أصبحت أقوى من سلطة الحكومة نفسها وتتحكم فى قراراتها، حتى وصل بنا الحال إلى استيراد كل شيء والمبالغ التى أنفقتها مصر على الاستيراد والاقتراض كانت كفيلة لإنشاء قلاع صناعية ضخمة واستصلاح ملايين الأفدنة وتطوير التعليم والصحة والبنية الأساسية، الاستيراد هو الحل شعار رفعته الدولة المصرية ليس فقط فى السلع ولكن أيضاً فى التعليم والصحة والسياحة فكثير من المواطنين «ميسورى الحال» يفضلون العلاج فى الخارج وقضاء أجازتهم وأيضاً إرسال أبنائهم للتعليم وكذلك إقامة حفلات الزفاف وأعياد الميلاد، بعد أن كنا قبلة العالم فى ذلك، هى بلاشك مؤامرة على البلد ولكن بأيدٍ مصرية، حينما يحدث عجز فى أى سلعة الحل الأسهل أمام الحكومة هو فتح باب الاستيراد حدث ذلك فى أزمتى الأرز والسكر وقامت باستيرادهما، وحينما حدثت أزمة فى الأدوية قامت الحكومة بفتح باب الاستيراد للأدوية ومن قبلها أزمة ألبان الأطفال وأيضا المحاليل بعد أن أغلقت المصنعين المنتجين للألبان والمحاليل، ومؤخراً أصدر رئيس الوزراء قراراً بإعفاء استيراد الدواجن المجمدة من الجمارك وهو قرار غريب أثار استياء أصحاب المزارع واعتبروه تدميراً لهذه الصناعة الوطنية المستقرة التى يعمل فيها ملايين المواطنين ينتجون أكثر من 90% من احتياجات السوق المحلى من الدواجن و100% من البيض وحجم استثمارات أكثر من 60 مليار جنيه، صحيح أن القرار مؤقت لمدة ستة أشهر ولكن هذه المدة كفيلة بأن تؤدى إلى خسائر فادحة للمنتجين المحليين وحتى يستطيعوا العودة مرة أخرى سوف يحتاجون وقتاً طويلاً تكون فيه البلاد استنزفت مليارات الجنيهات وتشرد مليون عامل.
وهذا يذكرنا بما حدث فى السابق حينما تم القضاء على الثروة الداجنة بحجة مكافحة أنفلونزا الطيور مما تسبب فى انهيار هذه الثروة بعد أن كنا نحقق الاكتفاء الذاتى من الدواجن ونقوم بتصدير الفائض للخارج بالعملة الصعبة وما إن بدأت تتعافى من أزمة أنفلونزا الطيور حتى فوجئنا بقرار رئيس الوزراء الأخير وكأن الحكومة تقوم بحماية وتدعيم المنتج الأجنبى على حساب المنتج المصرى، لا أعرف لماذا صدر هذا القرار وفى هذا التوقيت؟ ولمصلحة من؟ ولماذا يتم تنفيذ القرار بأثر رجعى؟ ولماذا لم يتم التشاور مع أصحاب الشأن؟ وأين شركة السلام التى كانت رائدة فى إنتاج الدواجن؟ إذا كانت الحكومة فى حاجة لسد العجز المحدود فى الاستهلاك المحلى كانت تستطيع إسناد ذلك إلى القوات المسلحة أو وزارة الزراعة أو وزارة التموين بدلاً من فتح البابعلى مصراعيه للقطاع الخاص لتدمير الصناعة الوطنية، والحل الأفضل للقضاء على المشكلة نهائياً هو أن تبحث الحكومة مشاكل الشركات الوطنية المنتجة للدواجن وتقوم بإعفاء الأعلاف من الجمارك وتخصص أراضى بالمجان للمستثمرين لإنشاء مزارع وبالتالى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار والإنتاج فى مصر بدلاً من الاستيراد وتدمير الصناعة واستنزاف العملة، الإنتاجهو الحل لكل المشاكل وليس الاستيراد، قرار إعفاء الدواجن المجمدة من الجمارك بمثابة شهادة وفاة لصناعة الدواجن ولا عزاء لأصحابها.