جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

طفح الكيل منكم يا «إخوان»


مصر أولى فى قياداتها لمن قاموا بالثورة وحرصوها وعملوا على نجاحها.. ومصر فى النهاية ستنتصر وتدحض أعداءها.. ومصر من الآن فى رعاية وحفظ وكنف الخالق الذى ذكرها فى كتابة العزيز.. ومصر فى حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم بعدما أوصى صحابته الإجلاء بها وبشعبها.. ومصر فوق الجميع رغم أنف القلة.

حقًا وصدقًا.. شر البلية ما يضحك.. بالأمس القريب قصد الأخ الدكتور عصام العريان زائرًا أو حاجًا كعبة الأمريكان «البيت الأبيض».. فماذا قال نائب الحزب الحاكم للأمريكان مخاطبًا ود الصهاينة؟ لقد أكد لهم أن أمن إسرائيل سيكون فى خطر إذا صعدت المعارضة المصرية إلى الحكم!! يا سبحان الله.. لقد ذكرتنى هذه الزيارة بمثيلتها للمحروس جمال حسنى عند ما ذهب هو الآخر لنفس المكان ولذات الأهداف مقدمًا فروض الولاء والطاعة عشمًا فى اعتلاء عرش مصر بعد أن يرحل والده!! ومن الواضح أن طموح «العريان» لا يختلف كثيرًا عما كان يحلم به وريث مبارك.. والحق يقال إن جمال ذهب لأولى أمره سرًا ولولا أن شاهدته مراسلة قناة الجزيرة القطرية لظلت هذه الزيارة فى طى الكتمان.. أما «العريان» فقد سافر نهارًا جهارًا وأدلى بتصريحات تشبه تلك التى سبق ورددها الرئيس السابق ضد جماعة الإخوان المسلمين أى ما أشبه اليوم بالبارحة.. فالكل يعلم جيدًا أن رضا أمريكا وربيبها إسرائيل هو الأساس.. أما رضا الشعب فلا قيمة له.. أو ليذهب إلى الجحيم.. وما الممارسات الإخوانية فى الفترة الأخيرة سوى شاهد عيان على ذلك؟

الأخ «العريان» لم يكتف بذلك.. بل كشف عما بداخله تجاه أولاد العم.. مرحبًا بعودة يهود مصر إليها والإقامة فيها وتعويضهم إذا رغبوا وألقى باللوم والاتهام على الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر الذى تسبب فى طردهم!!.. إن هذا التصريح الخبيث أو العبيط.. سيان.. لا يجب أن يمر مرور الكرام.. بل لابد من محاسبة من أدلى به كائنًا ما كان.. لأن ذلك يعنى الكثير لإيقاظ الحلم الصهيونى فى صناعة الاضطراب والمشاكل داخل أرض المحروسة.. وهنا وجب علينا سؤال د. «العريان» من أنت بحق الجحيم.. وباسم من تحديدًا تتحدث.. هل بصفتك الحزبية.. أم كمستشار للرئيس الإخوانى..أم كعضو مكتب الإرشاد فى الجماعة.. أم لا هذا ولا ذاك؟؟.. أفدنا يا أخ «عريان» أفادك الله حتى نعرف رءوسنا من أقدامنا؟!

المصيبة الكبرى أيضًا أن تصريحات القيادى الإخوانى د. حمدى حسن تليفونيًا مع الزميل وائل الإبراشى فى برنامج العاشرة مساءً جاءت متطابقة مع ما صرح به «العريان».. ولا غرابة فى ذلك والله حاجة تجنن فعلاً!! لقد زاد «حمدى» فى مؤازرته لرفيقه قائلاً «أنا كمسلم وكمصرى لا يمكن أن آكل حق أحد.. وأضاف: إن مصر بعد ثورة 25 يناير تختلف عن مصر عمر سليمان وأمن الدولة».. هكذا يتحدث الأخ حمدى.. وهكذا نسى أو تناسى ربما أن جماعته تمارس الآن ما هو أبشع من النظام السابق ضد الثوار والمعارضين لسياسة الجماعة ورئيسها.. كما نسى الأخ حمدى أيضًا أو ربما تناسى أنه وجماعته عاشوا فى كنف النظام السابق وعملوا تحت إمرته ونفذوا تعليماته.. ولم تكن معارضتهم العلانية سوى لأغراض ومصالح تخص الجماعة لا الشعب.. يا د. حمدى.. أنت لحست كلامك فى آخر لحظة من مداخلة الإبراشى عندما قلت إن طرحك وتصريح «العريان» وجهات نظر أو آراء شخصية.. وأنصحك بمراجعة الحلقة من أولها وحتى نهايتها حتى تحكم على ما بدر منك.. وتسأل نفسك بعدها إن كانت مصر وشعبها يستحقون منكم ذلك أم لا؟!.. وللعلم بالشىء وإحقاقًا للحق أقول إن اليهود الذين خرجوا من مصر لم يطردوا منها.. بل تركوها طواعية ورغبة وحبًا فى دعم وبناء الوطن الغاصب لأرض الحبيبة فلسطين.. ثم بعد ذلك باعوا أملاكهم فى مصر وتبرعوا بجزء كبير منها لهذا الكيان «اللقيط».. ولم يكتفوا بذلك.. بل تآمروا على مصر لصالح الأعداء.. وما موقف عبد الناصر منهم بالظالم أبدًا.. بل كان موقفًا وطنيًا عظيمًا.. وإذا رأيتم أن ما أقوله مجرد «إرهاصات» فلتسألوا خبراء وأساتذة التاريخ.. ولدينا موشى ديان المجرم خير نموذج على ما ارتكبوه ضدنا من جرائم يندى لها الجبين.

لذا أنصحكم - أيها الإخوان - بمشاهدة الفيديوهات الخاصة بتعذيب أسرانا على أيدى أولاد عمومتكم قبل أن تفكروا أو تعلنوا أو تصرحوا أو تعترفوا بحقوق هؤلاء.. وكان الأولى بكم أن تطالبوا بحقوق وتعويضات أسرانا وآثارنا التى نهبتها إسرائيل من سيناء.. فضلاً عن البترول المسروق ومؤامراتهم مع دول حوض النيل ضدنا.. اصحى يا د. حمدى أنت والدكتور العريان.. دى مصر مش عزبة يمتلكها مكتب الإرشاد.. اصحوا يا بشر لقد طفح الكيل وملأت الحناجر من أفعالكم بالغصة والمرارة والحسرة.

أمر مضاف يجب الإشارة إليه.. ألا وهو الموقف الذى أعلنت عنه رئيسة الجالية اليهودية فى مصر السيدة «كارمن» ضد دعوات اليهود الفرنسيين والأمريكان والألمان عندما طلبوا شبه وصايا على المعابد اليهودية وممتلكات اليهود داخل أرض المحروسة.. لقد قالت هذه السيدة «لا يحق لهؤلاء أن يتحدثوا باسم يهود مصر»!! والله أصيلة يا ست كارمن وجزاك الله عنا كل الخير!!..إن مثل هذه التصريحات جعلنى أطالب «العريان» و«حسن» بالاعتذار عن تلك المغالطات التى تدعم ما ذهب إليه يومًا مناحم بيجن أثناء زيارته لمصر عندما ادعى كذبًا أن أجداده هم من بنوا الأهرامات!!

لذا فقد قوبلت تصريحات نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ومستشار مرسى بترحيب عالمى من جميع المتربصين بمصر.. وبهذه التصريحات أيضًا تظهر المؤمرات العالمية الدفينة على السطح ليزداد الخناق على المصريين وتتضاعف مشاكلهم وتضيع ثورتهم وربما إلى الأبد.. فهل هذا ما يريده الإخوان لمصر؟!.

أكتب هذا الكلام وكلى ثقة فى أن هناك عقولاً فى الإخوان المسلمين لا يرضيها مثل هذه المغالطات كما أن فيهم أعضاء لا يرتقون لمستوى المسئولية التى تواجهها مصر الآن.

وهذا يجعلنى أخاطب عقلائهم أن ينصحوا قادتهم بالابتعاد عن هذه المشاكل التى تمر مصر إلى السقوط فى بئر الظلام.. كما أنصحهم أيضًا بألا يكرروا الممارسات الأمريكية واليهودية والألمانية ضد معارضيهم.. فالأمريكان وصفوا أنفسهم بـ«الأنجلو سكسونيين».. واليهود أكدوا أنهم «شعب الله المختار».. أما الألمان فادعوا أيضًا أنهم الجنس الآرى وما دونهم عبيد وخدم ورعاع!! وهذا يذكرنى بما قاله داعية مشهور فى إحدى خطبة عندما ادعى أن الإخوان أسياد العالم فيما هاجم عضو آخر بالجماعة فى برنامج تليفزيونى معارضه بأن «الإخوان أسياده!!.. والآن نسأل الجماعة ما اللقب المناسب الذى تريدون منا مناداتكم به بعد نجاحكم منقطع النظير فى الاستحواذ على مفاصل مصر؟؟ فقط أفيدونا أفادكم الله.

أخيراً.. أقول أن مصر لكل المصريين وليست ملكًا للعريان وأمثاله حتى يتحدثوا باسمها.. مصر للمسيحى قبل المسلم.. مصر لأبنائها المخلصين الذين يرفضون بيعها مهما كانت المغريات.. ومصر أيضًا فى استغناء عمن يجلب لها الغزاة المحتلين..

■ كاتب صحفى

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.