جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

العلاقات المصرية الإيطالية على المحك.. بعد قرار مجلس الشيوخ الإيطالي وقف المساعدات الحربية لمصر.. الخارجية المصرية تعبر عن عدم ارتياحها للقرار.. ومراقبون: القرار رمزي ولن يؤثر على العلاقات الاقتصادية

جريدة الدستور


نفق مظلم ومسار مضطرب تشهده العلاقات المصرية الإيطالية حاليًا، فلم تلبث الأخيرة باتخاذ قرار وقف المساعدات الحربية لمصر احتجاجًا على مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، إلا وسارعات مصر بالتعبير عن عدم ارتياحها بشأن القرار، لتصبح العلاقات الثنائية بين البلدين على شفا توترات سياسية مرتقبة.

مجلس الشيوخ الإيطالي وافق، أول أمس، على قرار بوقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات (إف-16) الحربية، على خلفية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك بعد مناقشة حامية انتهت بتصويت 159 نائبًا لصالح ما يعرف باسم "تعديل ريجيني" مقابل رفض 55، ليمثل القرار أول خطوات تجارية ضد القاهرة.

وقال نيكولا لاتوري، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، ماتيو رينتسي، إن التصويت كان يهدف لزيادة الضغط على مصر للمساعدة "على ظهور الحقيقة بسرعة أكبر" في قضية مقتل الطالب.

بينما حذر نواب من أحزاب يمين الوسط في إيطاليا من أن ذلك قد يضر بالعلاقات مع مصر، التي هي حليف في المعركة مع الإرهاب.

من جانبها قالت وزارة الخارجية المصرية إن القاهرة تابعت "بعدم ارتياح" قرار مجلس الشيوخ الإيطالي وقف تزويد الجيش المصري بقطع غيار لطائرات حربية احتجاجًا على مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.

وذكرت الوزارة، في بيانها أمس الخميس، "إن مصر تابعت بعدم ارتياح القرار الصادر عن مجلس الشيوخ الإيطالي... وهو الأمر الذي لا يتسق مع حجم التعاون القائم بين سلطات التحقيق في البلدين منذ بداية الكشف عن الحادث والعلاقة الخاصة التي تجمع بين البلدين على كافة المستويات"، وأضافت أنها كلفت السفير المصري في روما بنقل رسالة هامة إلى الجانب الإيطالي.
وقال البيان إن "مصر سوف تراقب التطورات في هذا الشأن لاتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بأسلوب إدارة العلاقات المصرية الإيطالية والذي تحرص على استمرارها".

وتباينت آراء الخبراء حول جدوى القرارات الأخيرة ومدى تأثيرها على العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث رأى البعض أن إيطاليا تهدف إلى الضغط على مصر، نظرًا لعدم تقديم بيانات وأدلة قوية حول أسباب مقتل ريجيني، بينما أكد آخرون أن القرار سوف يضر بالعلاقات المصرية الإيطالية، ولابد من التعامل معه بشئ من الندية.

الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام السياسي والاستراتيجي، أكد أن قرار مجلس الشيوخ الإيطالي بوقف المساعدات العسكرية سوف يضر كثيرًا بالعلاقات المصرية الإيطالية، خاصة وأن العلاقات الثنائية تربطها العديد من مجالات التعاون الاستثمارية، لاسيما عقب اكتشاف حقل الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وتبادل الزيارات بين البلدين باستمرار، وبالتالي فإن القرارات الأخيرة سوف تؤدي إلى توترات شديدة بين القاهرة وروما.

وأشار العزباوي، إلى أن المجال الحربي هو مجال التعاون الرسمي بين الدول وليس كباقي المجالات التابعة للقطاع خاص، لذلك فإن قرارا إيطاليا الأخير هو اجراء تعسفي ضد مصر، خاصة وأنها تعلم حاجة مصر للسلاح بعيدًا عن الولايات المتحدة، مشددًا على ضرورة تعامل الدولة المصرية مع القرار بشئ من الندية.

من جانبه قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن القرار الإيطالي هدفه الأول هو الضغط على مصر، مشيرًا إلى أن البرلمان الإيطالي طالب وزير خارجية إيطاليا باتخاذ اجراءات شديدة وتصعيدية ما لم تكشف مصر عن أسباب قتل وتعذيب الطالب ريجيني، وبالتالي فإن قرار مجلس الشيوخ الإيطالي جاء تنفيذًا لتصريحاتهم.

ولفت إلى أن وزير الخارجية الإيطالي صرح في وقت سابق عن رغبة إيطاليا في التعاون مع السلطات المصرية، إلا أن البيانات الصادرة من الجانب المصري جاءت دون المستوى، كما أن الجانب الإيطالي طلب سابقًا الاطلاع على تسريبات المكالمات الأخيرة، إلا أن النيابة العامة في مصر رفضت ذلك، وهو ما اعتبرته إيطاليا عدم تعاون من الجانب المصري.

ونوه رخا، إلى أن اختيار إيطاليا وقف التعاون في المجال الحربي هو أمر له دلالته الرمزية لكنه لن يؤثر على العلاقات الاقتصادية بين البلدين حتى الآن، نظرًا لحرص إيطاليا على علاقتها بمصر عقب اكتشاف حقل الغاز الجديد.

وأشار إلى أن العلاقات العسكرية بين القاهرة وروما ليست كمثيلتها مع روسيا و فرنسا، مشددًا على العلاقات المصرية الإيطالية سوف تشهد سحابة من التوترات ما لم يتم معالجة قضية ريجيني وحسمها بشكل أفضل.