جريدة الدستور
رئيس مجلسي التحرير والإدارة
د. محمد الباز

هل يزول أثر "المسمار" بعد اقتلاعه؟

«فضيحة التقارير المفبركة».. «الجارديان» تعترف بنشر معلومات كاذبة عن مصر وتحذف 13 موضوعًا مخالفًا للحقيقة.. الخارجية تدرس اعتذار الصحيفة البريطانية ومطالبات بإغلاق مكتبها في القاهرة

الجارديان و طائرة
الجارديان و طائرة مصر الطيران

رغم أن واقعة اختطاف الطائرة المصرية، إلى قبرص، كان أمرًا واقعًا، لكن شيئًا ما اختفى حينها، وسط صخب الحادث، وضجيج التصريحات، وهو تكذيب المتحدث باسم الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، بشأن أنه أدلى لها بتصريحات بخصوص هذا الحادث.

وقتها، لم ينتبه أحد، إلى خطورة الأمر، فمتحدث الخارجية، لم يصرّح بشيء، ومن ثم كيف ادعت الصحيفة أمرًا كهذا، كيف ادّعت أنه صرّح لها، حتى ولو كانت الواقعة حقيقية، خصوصًا وأنه ليس مسؤولا عاديًا، إنه متحدث وزارة الخارجية، المهم أن الخبر حينها سار بمحاذاة أخبار أخرى في هدوء تام، دون أن يعلّق أحد عليه.

اعتذار يكشف فضيحة
لكن ما نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، بالأمس، يلقى الضوء على هذه الواقعة، حيث أصدرت الصحيفة واسعة الانتشار بيانا قالت فيه إنها حذفت 13 تقريرا كاذبًا، كتبها مراسلها بالقاهرة، جوزيف مايتون، بعد أن تبين أن المقابلات، ومصادر الصحفي ملفقة ومجهولة، ولا وجود لها على أرض الواقع.

كما كشفت الصحيفة أن جوزيف كان قد عمل في مصر خلال عامي 2009 و2010 ثم انتقل للولايات المتحدة الأمريكية، مضيفة أن لجنة التحقيق قد محت 37 تقريرًا لجوزيف، في الفترة بين عامي 2015 و2016 بعد أن تبين أنه لم يجرِ مقابلات مع المصادر المذكورة.

وحين لم يستطع مايتون أن يقدم دليلا مقنعا عن المقابلات التى أجراها فى تقرير منشور فى فبراير الماضى، لجأت الصحيفة إلى محقق خاص لدراسة عمله السابق فى الجريدة، ووجد أن هناك مقالات مفبركة، منها تقريران قال المنظمون للأحداث فيها إن الصحفى لم يحضر، كما أن عددا من المصادر لم يتم التوصل إليها، إما لأنهم غير موجودين على الإنترنت أو لأنهم مجهولون، كما أن عددا من المصادر نفت أن مايتون تحدث معها أو أن يكونوا قد أدلوا بالتصريحات المنسوبة إليهم.

الخارجية تدرس الأمر
وذكرت مصادر بوزارة الخارجية المصرية، اليوم الجمعة، إنه يتم دراسة ومراجعة تفاصيل ما جاء بصحيفة "الجارديان" البريطانية حول إقرارها بأن مراسلها بالقاهرة قام بفبركة تقارير حول مصر، مشيرة إلى أنه لن يتم الإعلان عن موقف رسمى حول إعلان الصحيفة البريطانية، إلا بعد مراجعة التقرير المنشور بالصحيفة البريطانية .

مطالبات بإغلاق المكتب
ومن جانبه طالب الكاتب مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب، هيئة الاستعلامات المصرية بغلق مكتب صحيفة "الجارديان" البريطانية داخل مصر، بعدما اعترفت الصحفية بفبركة مراسلها تقارير ضد مصر، مضيفا أن اعتراف الصحفية بفبركة تقارير ضد مصر يدل على أنها فقدت مصداقيتها وأنها لم تلجأ إلى الاعتذار بعدما هدد عدد من المصادر التى استندت إليها الصحفية بفضحها وتكذيبها ولذلك اضطرت أن تحقق فى الأمر وتعلن اعتذارها.

سوابق تهز مكانة الصحيفة
الواقعة ليست وليدة اللحظة، إذ إن الصحيفة لها سوابق مماثلة، حيث كذّبها مكتب "توني بلير" رئيس الوزراء البريطانى السابق، بعدما نشرت أن بلير وافق على العمل كمستشار للرئيس عبد الفتاح السيسي في برنامج إماراتي لإجراء إصلاحات اقتصادية، لدعم الحالة الاقتصادية المزرية التي تمر بها مصر.

ومن قبل ذلك، كانت للصحيفة سابقة بعيدة عن غرف السياسة، حيث كذبها سيسك فابريجاس لاعب وسط برشلونة بعدما نقلت تصريحات عنه تشير إلى تقليله من ناديه السابق آرسنال ونفى فابريجاس عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ما تداولته الصحيفة عنه قائلا: "مرة أخرى يثبت الكثير من الناس في الصحف أنهم ينشرون ما يريدون وأنهم غير احترافيين".

وفي اليمن، سبق وأن كذب مصدر أمني مسئول ما نشرته الصحيفة من معلومات مغلوطة عن وجود عناصر للقاعدة داخل الأجهزة الأمنية فى اليمن قائلا: إن من كتب هذا الموضوع قد استقى معلوماته من عناصر معارضة معادية لليمن، منوها الى ضرورة أن تتحرى وسائل الإعلام الحقائق والالتزام بالمصداقية والمهنية الإعلامية التي تكسبها احترام القراء وتجنب الوقوع في مثل هذه الأباطيل المضللة التي تفقدها المصداقية.

سياسة تحريضية
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ففى فبراير الماضي انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية، فى معرض حديثه عن أزمة مقتل ريجيني، إصدار أحكام بشأن نتائج التحقيقات الجنائية الرسمية، وذلك فى رده على الخطاب المقدم من عدد من الأكاديميين والذي نشرته صحيفة الجارديان بشأن وفاة طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني التى استبقت نتائج التحقيقات.

ومن الواضح أن الصحيفة تعمّدت نشر تقارير، تستهدف تحريض الشعب مؤخرا فى مصر، بعدما قالت إن القمع في عهد الرئيس السيسي أسوأ منه في عهد المخلوع مبارك أو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والسؤال الذي تطرحه قضية الاعتذار، هل يزول أثر "المسمار" بعد اقتلاعه؟