رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين نحن من سعيد؟


طلب الخليفة عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، من أهل حمص أن يكتبوا له أسماء الفقراء والمساكين بحمص ليعطيهم نصيبهم من بيت مال المسلمين.. فوجيء عمر بن الخطاب رضى الله عنه بوجود اسم حاكم حمص «سعيد بن عامر» من بين أسماء الفقراء!!. تعجب عمر، متسائلاً كيف يدرج اسم والى حمص من بين فقرائها.. وأخذ يسأل أهل حمص عن سبب فقره؟. فأجابوه: بأنه ينفق كل راتبه على الفقراء والمساكين ويردد: «ماذا أفعل وقد أصبحت مسئولاً عنهم أمام الله تعالى». وعندما سألهم عمر: هل تعيبون عليه شيئا؟ فأجابوا: «نعيب عليه ثلاثاً: فهو لا يخرج إلا وقت الضحى.. ولا نراه ليلاً أبداً.. ويحتجب علينا يوماً فى الأسبوع.

سأل الخليفة عمر سعيد عن السبب فأجابه: هذا حق يا أمير المؤمنين.. أما أننى لا أخرج إلا وقت الضحى... وذلك لأننى لا أخرج إلا بعد أن أفرغ من حاجة أهلى وخدمتهم، فأنا لا خادم لى وامراتى مريضة.. أما سبب احتجابى عنهم ليلاً، فلأننى جعلت النهار لقضاء حوائجهم والليل جعلته لعبادة ربى.. أما سبب احتجابى عنهم يوماً فى الأسبوع فلأنى أغسل فيه ثوبى وأنتظره ليجف لأنى لا أملك ثوباً غيره... بكى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه.. ونحن لابد أن نبكى الآن، وإسلاماه.. وعامراه..

أين نحن من هذا المسلم؟ أين نحن من هذا المؤمن؟. أين نحن من هذه الأخلاق؟.. أين نحن من هذا الزاهد فى الدنيا، الراغب فى الآخرة؟. أين نحن من هذا المسئول؟. فقد اشترى الآخرة وباع الدنيا.. فقناعته أقوى وأعظم من أى ثروة... إن القناعة والعفاف.. ليغنيان عن الغنى فإذا صبرت عن المنى.. فاشكر فقد نلت المنى.. «سعيد بن عامر» لم يهتم بالمظاهر أو بالثياب «لا تجعل ثيابك أغلى شىء فيك حتى لا تجد نفسك يوماً أرخص ما ترتدى» صدقت يا جبران خليل جبران. فلقد استصغر الدنيا ووجد ضالته وسعادته فى تقوى الله.. لعمرك ما السعادة جمع المال.... ولكن التقى هو السعيد. وتقوى الله خير زاد ذخراً.... وعند الله للأتقى مزيد.

اللهم أكرمنا وارزقنا بزهد، بأمانة، بتقوى، بعفة، بعدل، بشرف سعيد بن عامر فى كل وزارة، مؤسسة، هيئة، إدارة، محافظة، مدرسة، جامعة،.... اللهم أكرمنا بالزهد وبتقوى الله مثل سعيد «إن أكرمكم عند الله أتقاكم». اللهم باعد بيننا وبين شهوة المال أوحب السلطة أوحب الدنيا. اللهم باعد بيننا وبين من وصفهم عمر بن الخطاب «يهدم الإسلام زلة عالم، جدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون». آمين يارب العالمين. اللهم اجعلنا نعيش كل لحظة كأنها آخر لحظة فى حياتنا حتى نتقى الله ونعيش الحياة مثل سعيد بن عامر... موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.