رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلى يكتب..الأيدي الخفيه في مجلس الوزراء

جريدة الدستور

كان المهندس إبراهيم محلب رئيس وزراء فريد من نوعه ..ليس هذا من قبيل المديح أو الذم .. ولكن الرجل فعلا كان نموذجا فريدا لم نعهده من قبل .. عاصرت رؤساء الحكومات منذ حكومة الجنزوري الأولي عام 96 وحتي حكومته الأخيره عام 2012 كمحرر لشئون مجلس الوزراءبجريدة الوفد ،واقتربت من معظم رؤساء الحكومات في تلك الفتره باستثناء عصام شرف وهشام قنديل..لأنني كنت علي قناعه بأن كلاهما لا يصلح لهذا المنصب وأن قدرات ومؤهلات كل منهما لاترقي به لأكثر من رئيس حي .. باستثناء ذلك كان منصب رئيس الوزراء يعني الكثير ، وترك كل من شغله في هذه الفتره بصمه .. حتي الدكتور أحمد نظيف الذي أعتبره أقل كفاءه من الذين سبقوه .. إلا أنه حقق أعلي معدل نمو في عهد الرئيس مبارك حيث تخطي وقتها حاجز ال٦% ..صحيح أن المجموعه الإقتصاديه وقتها كانت تضم كفاءات يصعب تكرارها خاصه الثلاثي محمود محي الدين ويوسف بطرس ورشيد محمد رشيد.. إلا أن النجاح في النهايه يحسب للحكومه ورئيسها .
أما المهندس إبراهيم محلب فكان يتصور نفسه وزيراللتنميه المحليه أو وزيرا للمتابعه وليس رئيسا للوزراء ..كان الرجل يقوم بجولات بمناسبه وبدون مناسبه ..كان يفتتح أي شئ وكل شئ ،ويزور المواقع بصرف النظر عن أهميتها ، ويحضر الحفلات والمهرجانات حتي حفلات الصحف ووسائل الإعلام .
كان حريصا علي الظهور الإعلامي ..عندما تفتح أي قناه فضائيه تجد محلب ، وعندما تستمع إلي الراديو تسمع صوت محلب ، وعندما تقرأ الصحف تجد الرجل يتصدر عناوين الصفحه الأولي والصفحات الداخليه .. باختصار كان محلب وزير متابعه ميدانيه ، وكان الإعلام شغله الشاغل وحول مقر مجلس الوزراء إلي إداره للتلميع الورنيشي. 
وعندما جاء المهندس شريف إسماعيل اختلفت الصوره .. ظهر من اللحظه الأولي أن الرجل يدرك الدور الحقيقي لرئيس الوزراءوهو كما تعلمته من الدكتور كمال الجنزوري والمرحوم عاطف عبيد رسم السياسات علي "ترابيزة" الإجتماعات ، وبعدها تأتي الجولات والزيارات الميدانيه ولكن بحساب ..أما الافتتاحات والإحتفالات والمهرجانات فلها بروتوكول وقواعد تحكمها ويجب أن تكون في إطار يحافظ علي هيبة رئيس الوزراء - الشخص والمنصب - وبدا أن رئيس الوزراء الجديد يسير علي نفس الخطي..  ولكن كانت الصوره مرتبكه غير واضحة المعالم حتي ظهرت أيدي خفيه في مجلس الوزراء أعادت رسم الصوره بإضافات تجمع بين الحداثه ومواكبة التطورات وبين الخبره والتجربه التي تراكمت بفعل السنين .
شاهدنا رئيس الوزراء وهو يجري حوارات بردود جريئه علي شاشة الفضائيات ، ويدلي بتصريحات صحفيه تحمل رسائل موجهه ، وعاد الكتاب ورؤساء تحرير الصحف إلي قاعات مجلس الوزراء يحاورون رئيس الحكومه في مختلف القضايا ، وفتح رئيس الوزراء ذراعيه لأعضاء البرلمان وجلس مع نواب كل محافظه علي حده ، وأعاد إلي الأذهان لقاءات عبيد ونظيف التي ساهمت في ضبط الإيقاع بين الحكومه والبرلمان في تلك الفتره .
وعندما سألت عن تلك الأيدي الخفيه التي أزالت الرتوش وتعمل في صمت عرفت أنه تامر عوف ابن مجلس الوزراء الذي التحق بالعمل  في المجلس أيام المرحوم عاطف صدقي قادما من أحد الأجهزه الرقابيه الهامه ، واكتشفه الدكتور كمال الجنزوري وكان مقربا منه ، ثم اقترب من المرحوم عاطف عبيد خاصه في سفرياته الخارجيه لأنه يجيد 5 لغات ودبلوماسي موهوب ، ثم أصبح مستشارا سياسيا للدكتور أحمد نظيف .
قال لي حكيم الوفد المرحوم الدكتور محمد علي شتا نائب رئيس حزب الوفد الأسبق أن القيادي الناجح هو الذي يحسن اختيار معاونيه ، وهو الذي يدير عن طريق الآخرين ..وإذا كان الدكتور شريف إسماعيل قد نجح في اختياره لتامر عوف فإن الأمر يتطلب توسيع الدائره والإستعانه بكفاءات في المواقع الهامه بالوزارات تضيف إلي المنصب الذي تشغله لا أن تأخذ منه حتي تنصلح الأحوال .