رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن الإخلاص فى العمل لنهضة مصر..أتكلم


ما الذى حدث ويحدث فى مصر..ما سبب تأخرنا علمياً واقتصادياً وتكنولوجياً..كيف سمحنا لأنفسنا بأن نكون «توابع» لحثالة الأمم ونحن بناة الحضارة الإنسانية بشهادة التاريخ..السؤال:كيف نتغلب على العقبات التى تعرقل مسيرتنا فى النهضة والتنمية؟..الطريق الآن – وحتى قبل الآن – لابد وأن يكون ممهداً أمامنا لنضع مصر فى المكانة التى تستحقها..العمل بإخلاص هو طريقنا لتحقيق هذا الهدف.. «اليابان» التى وصلت اليوم لقمة التقدم فى مختلف المجالات..سبق وأرسلت العديد من البعثات إلى أرض الكنانة فى بداية القرن الماضى للاستفادة من تقدمنا فى: الصناعة والتجارة والزراعة.

كنا متفوقين حتى على الدول الأوروبية آنذاك.. حينها استقل اليابانيون قطار السويس- القاهرة.. ثم من القاهرة إلى الإسكندرية فى الوقت الذى لم يعرفوا فيه القطارات بعد..وليس هذا فحسب.. بل أبدوا إعجابهم أيضاً بكل شىء شاهدوه فى هذه الرحلة..حينها كانت اليابان تنظر إلى مصر كنموذج يحتذى به ومثال وخبرة لابد أن تدرسهما وتستفيد منهما..أرسلت بعثاتها لمصر وأوروبا وأمريكا لتكوين دولة حديثة تحت شعار «دولة قوية.. وشعب غنى».. إذاً اليابانيون تعلموا منا فى الماضى ..وها نحن نتعلم منهم اليوم.. وربما فى المستقبل يتعلمون منا مرة أخرى..هذا ما أوضحه أحد سفراء مصر السابقين بمحاضرة له فى اليابان عام 2007.. بحضور عدد كبير من الشخصيات العامة اليابانية والمصرية.

نرجع إلي النهضة العلمية التى شاهدناها فى عهد محمد على، بدأت أولى خطواتها بتحديث الجيش المصرى لحماية البلاد وبناء دولة عصرية على غرار الدول الأوروبية..وها نحن اليوم فى نفس الظروف وذات التحديات والمؤامرات..مصر كانت من أقوى دول الشرق الأوسط فى النصف الأول من القرن التاسع عشر..ليه؟؟..بسبب إخلاص هذا الوالى الألبانى لها.. واليوم لدينا قائد بكل ما تحمله الكلمة من معنى..لدينا زعيم-وطنى اسمه «عبد الفتاح السيسى»..يعرف جيداً حجم مشاكل مصر وطرق علاجها التى ستضعها فى مصاف الدول الكبرى..والآن ألم يحن الوقت أن نحذو حذو اليابانيين..ليس عيباً ان نتعلم ممن تعلم منا..العيب-كل العيب- أن نقف مكتوفى الأيدى ونبكى على أطلال الماضى.. سُئل امبراطور اليابان عن أهم أسباب تقدم بلاده فأجاب: «بدأنا بكل ما انتهى به الآخرون بعد أن تعلمنا من أخطائهم».

ولكى نصل بمصرنا الحبيبة إلى ما نتمناه لها.. لابد من النهوض بالتعليم والعمل بإخلاص وبروح الفريق الواحد.. فالإخلاص فى العمل الجماعى هو سر تقدم الأمم.. يقول رب العزة جل شأنه :«فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»..«سورة الجمعة-الآية 10» ويقول عز من قائل: «وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (*) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (*) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُون» .. «سورة يس-الآية 35-37»... وقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكُل من عمل يديه، وإن نبى الله داود صلى الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يده» «البخارى».. العمل بغير إخلاص ولا اقتداء ..كالمسافر الذى يملأ جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه «ابن القيم»..الإخلاص سبعة أعشار النجاح فى العمل « جيمس بارتون»..الإخلاص هو أفضل سياسة «بنيامين فرانكلين»..ما قرن شيء إلى شىء أفضل من إخلاص إلى تقوى.. ومن حلم إلى علم .. ومن صدق إلى عمل .. فهى زينة الأخلاق ومنبت الفضائل «على بن أبى طالب» ..ليس الحزن إلا صدأ يغشى النفس .. والعمل بنشاط هو الذى ينقى النفس ويصقلها ويخلصها من أحزانها «محمد الغزالى».. إن المعلومات النظرية التى لم ينقلها العمل من دائرة الذهن إلى واقع الحياة.. تشبه إلى حد بعيد الطعام الذى لم يحوّله الهضم الكامل إلى حركة وحرارة وشعور «عمر بن الخطاب»..كلما عملت أكثر..عشت أكثر «ألبرت أيشنتاين»..إن الله خلق الأيدى لتعمل ..فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية «عبد الله بن مسعود».. اعتزمْ وكدَّ فإِن مضيتَ فلا تقفْ..واصبرْ وثابرْ فالنجاحُ محققُ ..ليس الموفقُ من تُوَاتيه المنى.. لكن من رزقَ الثباتَ موفقُ «أبو العتاهية».. أجل طعامك إلى الغد ولكن.. لا تؤجل عملك «فولتير».. العمل أبو اللذة ..و مصدر السعادة.. وغبار العمل ..و لا زعفران البطالة « أفلاطون» ..قليل من العلم مع العمل به ..أنفع من كثير من العلم مع قلة العمل به «نابليون»..هذا هو قيمة وفضل العمل عند رب العزة ورسولنا الكريم وصحابته وبعض أعلام الفلسفة والأدب والسياسة.

تطرقت لهذا الموضوع بعدما سألنى أحد الأصدقاء عن سبب النجاح المُبهر الذى حققه الأخوة السوريون الهاربون من جحيم الحرب الدائرة ببلادهم فى العديد من الأعمال داخل مصر.. فقلت له إن «الشوام» بطبيعتهم يحبون العمل ويكرهون الكسل..لهذا السبب نراهم يقتحمون الصعاب ويثبتون جدارتهم فى مجالات بعينها مثل: صناعة الحلويات والمخبوزات والمأكولات الشامية والملابس..عاجلنى بسؤال آخر: ولماذا لا نتعلم منهم ونفعل مثلهم حتى نقضى على ظاهرة البطالة التى تضرب مصر حالياً فى مقتل..قلت له إن أفكاره رائعة وتحتاج –فقط- إلى نوع من التوعية الإعلامية والثقافية والدينية والاقتصادية تحت إشراف الدولة مباشرة..وهنا اتفق صديقى معى وتمنى وأنا معه بالطبع أن تعجل الحكومة ومعها مجلس النواب بتبنى مشروع قومى فى جميع المحافظات لحل مشكلة البطالة وذلك من خلال مشاريع صغيرة يدعمها رجال أعمال-وطنيون –مخلصون حتى نضع أقدامنا على الطريق الصحيح مثلما فعلت الصين الشعبية فى بداية سبعينيات القرن الماضى.

النهضة العلمية التى شاهدناها فى عهد محمد على، بدأت أولى خطواتها بتحديث الجيش المصرى لحماية البلاد وبناء دولة عصرية على غرار الدول الأوروبية..وها نحن اليوم فى نفس الظروف وذات التحديات والمؤامرات.