رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏"دولة أمناء الشرطة": الانتهاكات مستمرة.. والأطباء أكثر الفئات استهدافًا.. وغياب العقاب يدفعهم للمزيد.. ومراقبون: الأمر ينبئ بكارثة

جريدة الدستور

حالات تعد كثيرة قام بها أمناء الشرطة في حق الأطباء، لاسيما خلال الفترة الأخيرة، حتى تحولت ‏المستشفيات من ملجأ للعلاج والراحة إلى بؤرة لانتهاكات الداخلية وأمنائها، وباتت ظاهرها الرحمة، ‏وباطنها العذاب، على يد الأمناء الذين يسعون في الأرض فسادًا.

فلم تهدأ الأمور حول واقعة اعتداء أمين شرطة على طبيبين في مستشفى المطرية، حتى استيقظ ‏المصريون على واقعة أخرى، شهدتها مستشفى كوم حمادة بمحافظة البحيرة، الجمعة، باعتداء أمين ‏شرطة على إحدى الممرضات.‏
‏"واقعة المطرية"

في 28 يناير 2016، كانت الواقعة الأكثر جدلًا من قبل الشرطة تجاه الأطباء، شهدت على إثرها كل من ‏الداخلية ونقابة الأطباء مواجهات حادة بين الاثنين، حينما وصل إلى مستشفى المطرية أمين شرطة ‏يرتدي ملابس مدنية، ومُصاب بجرح في وجهه، طالبًا من الطبيب المكلف أن يثبت إصابات غير حقيقية ‏بالإضافة إلى الإصابة الموجودة به فعليًا في تقريره النهائي.‏

وعندما رفض الطبيب، أفصح المريض عن شخصيته بأنه أمين شرطة، وأن الطبيب عليه أن يكتب التقرير ‏الذي يرغب فيه، وقام أمين الشرطة بالاعتداء عليه، وكان معه وقتها أحد زملائه شاركه الاعتداء على ‏الطبيب وزميله، واقتادوهما لقسم شرطة المطرية، ولكن المأمور أعادهما إلى المستشفى مرة أخرى‎.‎

وعلى إثر الواقعة نظم أطباء المطرية التعليمي إضرابًا عن العمل، لحين اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه ‏بلطجة أمناء الشرطة، وقاموا بإغلاق استقبال المستشفى، وأصدرت نقابة الأطباء بيانًا شرحت من خلاله ‏تفاصيل ما حدث، مؤكدة على حق الأطباء في الامتناع الاضطراري عن العمل.‏

وفي أول رد لوزارة الداخلية على الواقعة، كذبت رواية الأطباء والنقابة، وأكدت في بيانها، أن أحد أمناء ‏الشرطة أصيب أثناء مشاركته في عملية هجومية، ثم توجه إلى مستشفى المطرية للعلاج، وتأخر الأطباء ‏في عملية الفحص، ونتج عن ذلك مشادات كلامية بين الأطباء والمصاب حتى تطورت لتشابك بالأيدي‎.‎

‏"واقعة البحيرة"
وشهدت مستشفى كوم حمادة بالبحيرة، الواقعة الثانية، بعد ما اعتدى أمين شرطة على إحدى الممرضات ‏بالمستشفى عقب مشادات عنيفة بينهما خلال ذهابه لعلاج نجله المصاب بالسخونية، وحينما وصل إلى ‏المستشفى لم يجد أطباء وقامت الممرضة بالاتصال بالطبيب المقيم فلم يستجب لها ولم ينزل من مسكنه ‏لإسعاف الطفل.‏

الأمر دفع أمين الشرطة بتصوير الواقعة والمستشفى خالية تمامًا من الأطباء وكذلك الممرضة وهي تقوم ‏بكتابة التشخيص وروشتة العلاج، وأثناء ذلك قامت الممرضة بتوبيخ أمين الشرطة مما دفعه إلى صفعها ‏على وجهها وخرج بنجله ولم يتلق أي علاج.‏

وقامت الممرضات بتنظيم فعاليات احتجاجية والدخول في إضراب مفتوح عن العمل للتنديد بهذه الواقعة، ‏منذ أمس وحتى الآن، تضامن كل طاقم تمريض الاستقبال مع زميلتهن وأضربن عن العمل للمطالبة ‏بحقها.‏

من جانبها، قامت نيابة كوم حمادة بحبس أمين الشرطة المتهم بالتعدي على إحدى الممرضات بمستشفى، ‏‏4 أيام على ذمة التحقيقات.‏

‎ ‏"مستشفى المبرة"
لم تكن هذه الواقع هي الأولى من نوعها، فقد سبقها في أواخر العام الماضي، اقتحام أمين شرطة، مكتب ‏مدير مستشفى المبرة، وقام بتكسيره والتعدي على ممرضة ومريض بالضرب، على خلفية مشادة وقعت ‏بسبب تأجيل عملية جراحية لوالده‎.‎
وترجع بداية الواقعة إلى حضور أمين شرطة برفقة والده لإجراء عملية جراحية، وعلم أمين الشرطة ‏بضرورة تأجيلها لارتفاع ضغط والده، فقام بالتعدي على الممرضة وضربها في بطنها وهي حامل‎.‎

‎‎وعندما حاول الدكتور هشام عبدالحفيظ، مدير مستشفى المبرة، تحرير محضر، رفض قسم مصر القديمة ‏تلقي البلاغ بسبب أن مرتكب الواقعة أمين شرطة وهو أحد زملائه، رغم أن تأجيلهم للعملية، جاء لعدم ‏إمكانية إجرائها بسبب ارتفاع ضغط المريض حتى لا تتعرض حياته للخطورة.‏

‏"مستشفى دمياط"
قبل يومين، تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، مقطع فيديو يظهر قيام أمين شرطة ‏بإشهار سلاحه في وجه عدد من أطباء وهو يقف في منتصف صالة الطوارئ بمستشفى دمياط الرئيسي، ‏وتهديدهم بإطلاق الأعيرة النارية عليهم، ويلتف حوله عدد من الموجودين لإثنائه عن التهديد وإشهار ‏السلاح في وجوههم‎. 

‎ وطالب‎ ‎الأطباء، بضرورة التصدي للواقعة، وتوقيع عقوبة حازمة على أمين الشرطة، كما طالبوا باحترام ‏الأطباء ومراعاة حرمة المستشفيات وعدم التعدي على العاملين بها‎. 

‎ ‏"واقعة المنصورة":
وفي ديسمبر الماضي، قام أمين شرطة مسئول عن تأمين مستشفي الطوارئ الجامعي بمنطقة جيهان ‏بالمنصورة، بالتعدي على مواطن ووالدته، حينما ذهب لتتلقى الأخيرة العلاج بالمستشفي وتجري بعض ‏الفحوصات الطبية، فرفض الأمين بحجة أنه لا يملك إذن، رغم تأكيده أنه حصل على إذن بالدخول‎.‎

‎ وهنا نشبت مشادة عنيفة بينهم، حتى قام أمين الشرطة بالاعتداء على المواطن الذي كشفت التحريات في ‏النهاية أنه وكيل نيابة بدمياط.‏

‏"واقعة بني سويف"
وفي مايو 2015، اعتدى أمين شرطة على ممرضة بمستشفى إهناسيا المركزي بمحافظة بني سويف، ‏بحجة عدم تقديم العلاج لزوجته المريضة بالمستشفى، وأصيبت الممرضة بخدوش في الكتف الأيمن ‏وتورم بالفخذ الأيمن وتم حجزها بالمستشفى، وحبس أمين الشرطة بعد ذلك 4 أيام على ذمة التحقيقات قبل ‏أن يخلى سبيله بكفالة مالية‎. 
 
‎ ‏"واقعة أكتوبر":
وفي 1 أكتوبر من العام الماضي، اعتدى أمين شرطة مكلف بحماية مستشفى كرموز بالإسكندرية، على ‏أطباء المستشفى بالسب بأبشع الألفاظ، والضرب بالأيدي والركل بالأرجل على بعضهم مما تسبب في ‏إصابة أحد الأطباء‎ .‎

وتعود الواقعة إلى اعتداء إحدى المواطنين على المدير المناوب للفترة المسائية بالمستشفى، وعندما ذهب ‏الأطباء للاستنجاد بأمين الشرطة المكلف بالحماية، لم يجده، فنشبت مشادة كلامية بينهم وقام الأمين ‏بالاعتداء على الطبيب الذي جاؤه يستنجد به وصديقه.‏

‎‎وتعليقًا على هذه الحالات الفردية، قال محمد زراع، المحامي الحقوقي، وعضو اللجنة العليا للإصلاح ‏الجنائي، أن تجاوزات الشرطة الأخيرة في حق أطباء المستشفيات، أسقطت عنها صفة الفردية وبات أنه ‏تصرف جماعي، موضحًا أن جهاز الشرطة لم يطوله أي تغيير منذ ثورة يناير.‏‎ 

‎ ولفت إلى أن الأمر بات كارثيًا ويزيد من حالة الاحتقان لدى المواطن، لاسيما أن العلاقة بين جهاز ‏الشرطة والشعب ليست جيدة، وهي بذلك كمن يجبر الشعب على تبني فكرة "الثورة هي الحل".‏‎ 

‎ وأكد على إلى أن هناك عددًا من التشريعات تزيد من جبروت الضباط، فالقانون يحرم المواطن من تحريك ‏دعوة جنائية ضد الضباط، ولكن يترك الأمر للنيابة العامة هي المنوط بها الفصل في تحريك دعوة أم لا، ‏وذلك يعد قيد مفروض على المواطن في أخذ حقه‎. 

‎ من جانبه، أشار نجاد البرعي، المحامي الحقوقي، إلى أن معدل انتهاكات ضباط الشرطة تجاه المواطنين ‏لم يطرأ عليه أي تغيير منذ ثورة يناير حتى الآن، وأن الأمناء باتوا يتعاملون مع حياة المواطن على أنها ‏بلا قيمة، وأنه لا نجاة لأحد من مطرقتهم لاسيما الأطباء.‏

ولفت إلى أن هذه الانتهاكات أدت إلى وجود شرخ كبير في العلاقة بين النظام والمواطنين، تهدد بوجود ‏مصادمات؛ لأنه ليس هناك مبرر لضرب طبيب أو مواطن لمجرد الاختلاف في وجهات النظر والآراء.‏