رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بورسعيد.. تحت الحصار والظلم الاجتماعى!


.. فقد وقعت مصر فى التسعينيات من القرن الماضى على شروط صندوق اللعين حيث تم الاتفاق على رفع الحظر على الأقمشة والمنسوجات وهى اهم سلع المدينة الحرة.. ومن ضمن الشروط إلغاء المدينة الحرة نفسها خلال خمس سنوات تبدأ بعد 2001.. كان ثمن ذلك غالياً على الوطن كله.. حيث تسبب هذا فى إغلاق ما يقرب من خمسة آلاف مصنع.. والمدن الصناعية الكبرى.. كفر الدوار. المحلة. حلوان. مدينة العاشر. الإسكندرية.. تم تشريد الملايين من العمال.. أصبحت مصر إحدى الدول المستوردة للقطن!! تمكنت تركيا والصين من احتلال 80% من السوق المصرى.. وحققوا الملايين من فرص العمل لشنغهاى وإسطنبول.. كانت بورسعيد الشماعة التى تم تعليق كل المصائب الاقتصادية والاجتماعية عليها.. أخذت المدينة الباسلة تتلقى الضربات وهى تقاوم بكل ما تملك.. لكنها وقفت من كثرة المعاناة والآلام حيث تم حصارها اقتصاديا ومعاقبة أبنائها اجتماعياً.. من يصدق أن المدينة الباسلة هى من أغنى المدن فى حوض المتوسط كله بما تملكه من غاز يمثل 75% من الاحتياطى الوطنى والبترول الذى تفجر فى أرض مروية بدماء الشهداء وقناة سويس يمر ويخترق مبانيها ومصانع وشركات محروم على أبنائها أن يعملوا فيها إلا بالواسطة والمحسوبية.. هذا ما تمتلكه المدينة الباسلة.. الآن.. بها 30 ألف أسرة عاجزة عن دفع الإيجارات. 50 ألف شاب وشابة يبحثون عن فرصة عمل أغلبهم تخطى الثلاثين من عمره، المحلات التجارية مغلقة، شوارع المدينة أصبحت ملاعب لكرة القدم.. أعلى نسبة فقر تضرب ربوع المدينة الباسلة.. منذ أيام تقدم عدد كبير من أبناء بورسعيد للعمل فى شرق التفريعة.. بعد أيام وجدوا الطلبات المقدمة تفترش الشوارع.. كانوا لا يعلمون أن الظلم الاجتماعى أصبح يطارد كل من يحمل شهادة ميلاد من بورسعيد!! الآن.. نريد حلاً.. لن نستطيع الاستمرار فى حياة بمثابة «الميت الحى». سنوات طويلة نسمع تصريحات.. لكن دون قرارات أو تنفيذ. بل كلمات تنتهى عند نهايتها!! إننا لا نطالب بميزة أو حقوق غير مستحقة لنا.. بل نطالب بتحرير السوق المصرى وإعادته إلى أصحابه المصريين.. بعد الاطلاع على اتفاقية الجات والمنظمة نفسها نطالب الحكومة بالآتى.. أولاً: فرض حظر على بعض السلع وأهمها ما كان يتميز به الاقتصاد الوطنى من أقمشة ومنسوجات وأحذية وسلع أخرى.. وهذا الحظر موجود أصلا فى اتفاقيه الجات.. لكن أصحاب المصالح يخفون هذا !! حتى إن لم تستطع الحكومة ان تفعل ذلك عليها أن تطبق المواصفات الأوروبية فى الاستيراد «مفيش حد أحسن من حد».. إن تطبيق أى رسوم للإغراق أصبحت غير مجدية وتم تطبيقها من قبل ولم تأت بأى نتيجة.. ثانياً: إلغاء جميع أنواع الاستيراد المتخفى تحت تسميات «إعادة التصدير».. حيث يتم دخول الأقمشة ويتم بيعها فالأسواق دون جمارك وتصيب الاقتصاد بضربات موجعة ثم تعود الحاويات المصدرة وهى تحمل فى داخلها أحجاراً ومخلفات!! ثالثاً: اعتبار بورسعيد هى المدينة الحرة التى تاتى إليها جميع السلع وتصدر منها أيضا جميع أنواع السلع طبقاً لقانون إنشائها رقم 12 وهو المطبق حاليا على الورق فقط بعد أن تم فتح كل الموانئ والمنافذ البحرية والجوية.. ثم تم حصار بورسعيد اقتصاديا وتوجيه الاتهام إليها بأنها «مدينة التهريب».. ومن يتهمونها هم أصحاب التهريب الرسمى!! إننا لا نطالب بحقوق للمدينة الحرة فقط.. بل نضع الاقتصاد الوطنى هو الأهم.. لقد عاش هذا الاقتصاد فى ظل المدينة الحرة نفسها ولم يتعرض لإغلاق مصنع واحد منه.. وبعد ضرب المدينة الحرة أغلقت آلاف المصانع!! إننا بذلك نحمى الاقتصاد الوطنى ونعيد الحياة للمدن الصناعية المصرية.. ونفتح آلاف المصانع. دون حاجة إلى أى تمويل مالى.. أى أنها قرارات وإجراءات فقط.. إن دعم الصناعات.. مهما بلغ قيمة هذا الدعم لن يستطيع فتح مصنع واحد.. بعد أن أصبحت أسواقنا محتلة وتحت سيطرة الأجنبى.. إننا نعيد الحياة للمصانع ولملايين العمال.. ونعيد الحياة للمدينة الحرة.. إننا نعلم تماما أن هناك من يرفضون ذلك ومصالحهم الخاصة تمنعهم من تحقيق أمانى الملايين من المنتجين إن هذا كله لصالح الرأسمالية الوطنية المنتجة والصناعية.. وبعيد تماماً عن أى كلام غوغائى عن الاشتراكية والتأميم!!