رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مساعد وزير الخارجية: التحديات المشتركة في أفريقيا تستلزم التعاون مع باريس

السفير محمد إدريس
السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية

أكد السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية أن زيارته إلى فرنسا تأتي في إطار التشاور المصري الفرنسي المستمر حول القضايا ذات الصلة بالقارة الأفريقية.

وقال السفير محمد إدريس -في تصريحات له اليوم الجمعة- إنه استعرض مع الجانب الفرنسي تطورات الأوضاع على الخريطة الأفريقية في ضوء العلاقة المتشعبة ومتعددة الأبعاد بين مصر وأفريقيا.

وأوضح أنه تم التطرق إلى مجمل الأوضاع في القارة الأفريقية سواء التطورات السياسية أو الأمنية في القارة، بالإضافة إلى شق الإرهاب الذي يمثل تحديا متزايدا لدول القارة والعالم، فضلا عن التنسيق في المحافل الدولية وبشأن عمليات حفظ السلام الأممية في أفريقيا.

وأضاف أن الموضوعات الأفريقية تهم مصر وفرنسا بشكل كبير ولا تقتصر مدخلاتها أو مخرجاتها على القارة وحدودها، موضحا، "مدخلات كثيرة لما يحدث في القارة تأتي من خارجها، ومخرجات كثيرة مما يحدث في القارة تؤثر على أطراف كثيرة جدا إقليمية ودولية، وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تشاور بين دولة مهمة في القارة كمصر وكقوة دولية مهمة لها ارتباطها الوثيق بالقارة كفرنسا".

وأشار إلى أنه تناول كذلك مع الجانب الفرنسي الأوضاع في القرن الأفريقي وهي منطقة تهم الطرفين ولها أهمية استراتيجية كبرى لمصر وأيضا لأوروبا التي تمر 60 % من تجارتها عبر البحر الأحمر، بالإضافة إلى الأوضاع في الصومال وبوروندي والكونجو وأفريقيا الوسطى ومنطقة الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا.

وتابع أن التشاور مع الجانب الفرنسي تطرق إلى مسار التطور السياسي في القارة الأفريقية إذ أن هذا العام سيشهد 17 عملية انتخابية في 17 دولة أفريقية والتي من الضروري أن تتم في أجواء من الاستقرار.

وذكر السفير محمد إدريس بأن مصر الآن عضو في مجلس الأمن الدولي وانتخبت في القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا عضوا في مجلس السلم والأمن الأفريقي، موضحا أن هذه العضوية المشتركة تضع مسؤولية إضافية ودورا أكبر على مصر في التنسيق والتشاور مع شركائها من أجل تحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية.

ووصف المشاورات التي أجراها بباريس مع الجانب الفرنسي بأنها كانت متعددة الجوانب وتمت مع كبار المسؤولين بالخارجية الفرنسية المعنيين بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط والأمم المتحدة وأيضا مع المستشارين السياسيين بالرئاسة الفرنسية ووزارة الدفاع، بالإضافة إلى لقاء مع رئيس مجموعة الصداقة بين فرنسا والقرن الأفريقي بمجلس الشيوخ الفرنسي.

وأكد السفير محمد إدريس أنه طرح - خلال هذه اللقاءات - رؤية مصر ودورها في القارة مع التأكيد أن مصر لها مصالح استراتيجية كبرى في القارة الأفريقية وأنها طرف حريص وساعٍ وقادر على المساهمة بشكل كبير في السلم والأمن والتنمية في القارة الأفريقية في ضوء الارتباط الوثيق بينهم.

كما شدد على أن هناك تحديات مشتركة تستلزم التعاون الوثيق بين باريس والقاهرة ومنها قضية الإرهاب التي أصبحت تمثل تحديا كبيرا لكل دول القارة الأفريقية وللعالم بأسره، وأضاف أنه لكل من مصر وفرنسا رؤية ودور في هذا الموضوع ومصالح يتعين التعاون والتنسيق للمحافظة عليها والدفع بها.

وتابع أن الإرهاب قضية كبرى ولا بد من التعامل معها في أكثر من جانب، ولا يمكن مواجهة الإرهاب في بقعة ما وتركه في أماكن أخرى لأن هناك شبكة دولية متصلة الأبعاد بين المنظمات الإرهابية في الأماكن المختلفة وهناك دعم وتنسيق بينها.

وأوضح السفير محمد إدريس أنه لمواجهة الإرهاب هناك شق أمني وعسكري ومعلوماتي واستخباراتي إضافة إلى شق يتعلق بالمواجهة الفكرية وتصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة عن الدين، لافتا إلى أن مصر لها هنا إسهام ودور مهم في تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة.

كما أوضح أن هناك أيضا بعدا تنمويا، فمصر حريصة على توثيق علاقاتها في هذا المجال بالقارة الأفريقية من خلال "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية" التي أنشئت بوزارة الخارجية المصرية منذ يوليو 2014 بهدف تقديم برامج عديدة في مجالات فنية مثل الكهرباء والري والتعاون التجاري والقضائي والمسائل الخاصة بالمرأة والشباب بالإضافة إلى التعاون الأمني مع وزارة الدفاع وأكاديمية الشرطة وكذلك التعاون في مجالات التعليم والصحة.

وأضاف أن هناك مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على تسوية النزاعات وعمليات حفظ السلام، الذي استضاف مؤخرا ورشة عمل لمكافحة التطرّف في منطقة القرن الأفريقي والصومال.

وأشار إلى أن هذين الذراعين يقومان بدور مهم في التعاون مع الأشقاء الأفارقة في بناء القدرات والمؤسسات وفي وضع برامج تنموية تسهم في تحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية.

كما لفت السفير محمد إدريس إلى التعاون بين المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر ووزارة الأوقاف بين مصر والدول الأفريقية لطرح رؤية دينية عقلانية مستنيرة تواجه التشويه المتعمد للدين.

وعما إذا كان تم التطرّق إلى ملف سد النهضة مع الجانب الفرنسي، قال السفير محمد إدريس إن إثيوبيا دولة أفريقية شقيقة وكبرى في القارة الأفريقية تربطها علاقات قوية بمصر وفرنسا وبالتالي فإنه تم التطرق والحديث عن العلاقات المصرية الإثيوبية.

وأضاف أن مصر- في هذا السياق - تحرص على التوضيح أن علاقتها مع إثيوبيا عميقة وعريقة ضاربة القدم وليست فقط على المستوى الحكومي ولكن أيضا الشعبي ولا تقتصر على ملف المياه والسد ولكن لها أبعاد كثيرة ومتعددة وتحرص مصر على تطويرها وتنميتها في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والبرلمانية والمؤسسات الدينية.

وقال إن ملف سد النهضة يشغل المواطن المصري؛ لأنه يخص شريان الحياة الأساسي له وهو نهر النيل وبالتالي فهي قضية حيوية وأساسية على المستوى الرسمي والشعبي.

وأكد أن هذه القضية ثلاثية وتضم مصر وإثيوبيا والسودان، مشيرا إلى ضرورة أن يكون نهر النيل مساحة للتعاون والتكامل والتنمية والازدهار المشترك وليس ساحة للصراع والاختلاف والنزاعات.

ولفت إلى أن تحقيق ذلك يتطلب أن تكون المعادلة واضحة لكل الأطراف في إطار المصلحة المشتركة وعدم التسبب في ضرر لطرف من الأطراف، مضيفا أن هناك مسارا سياسيا وآخر فنيا يتحركان ونأمل أن يكون إيقاعهما متواكبا.

من ناحية أخرى، ذكر السفير محمد إدريس بأنه تم التوافق مؤخرا على أن يقوم بالدراسات الفنية الخاصة بسد النهضة مكتبان استشاريان فرنسيان وهما مكتبان مستقلان لا يعملان في إطار حكومي ومصر لديها ثقة أن هذه المكاتب التي اختارتها الأطراف الثلاثة ستكون قادرة على النهوض بهذه المسؤولية.

وشدد على أنه تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على احترام نتائج الدراسة والالتزام بها وعلى أن ذلك ما تم التأكيد عليه في شهر مارس الماضي بالخرطوم وأيضا في اللقاءات السياسية في مختلف المحافل الدولية بما في ذلك خلال اللقاءات التي تمت على هامش القمة الأفريقية الأخيرة في أديس أبابا.

وأكد "أننا لا نعمل فقط لليوم ولكن نعمل للمستقبل وللأجيال القادمة.. فنحن أمام مسؤولية تاريخية وبالتالي؛ فإنه على القيادات والشعوب في هذه المرحلة أن تترك ميراثا من التعاون والوفاق والتنمية المشتركة وليس ميراثا من النزاع والصراع".

وكشف أنه خلال الشهر الجاري سيعقد الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والري وأنه سيتم الاتفاق مع المكاتب الاستشارية على التفاصيل الخاصة بإجرائها لهذه الدراسات.

وقال إنه في اتفاق الخرطوم مشتملات منها أن عملية البناء تراعي مدى التقدم في الدراسات، كما أن هناك اتفاقا على أن الملء الأول والتشغيل يتم بالتوافق بين الدول الثلاثة في ضوء نتائج الدراسات الفنية.

ومن المقرر أن يغادر السفير محمد إدريس مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في وقت لاحق اليوم، الجمعة، عائدا إلى أرض الوطن في ختام زيارته للعاصمة الفرنسية التي استغرقت ثلاثة أيام.