رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الثقافة الغائبة فى الإعلام العربى!! « 2-2 »


يستخدم الإعلام لتصفية الحسابات بين الأشخاص، فقد أصبح المتلقى من الذكاء بحيث أضحى فى إمكانه التمييز بين المدافع عن الحقيقة والمدافع عن المواقف الشخصية ونجد الأول لا يخاف فى قول الحق لومة لائم، بينما الثانى له مصالحه وأهدافه الخاصة وعليه فقد أصبحت لدى المتلقى قدرة على التمييز بين من يستخدم الوسيلة الإعلامية للهدم والآخر الذى يستخدمها للبناء.

ولابد أن نشير إلى أن محتوى البرامج فى القنوات التليفزيونية والشبكات الإذاعية يحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر من القائمين عليها، فهناك من يتعامل فقط مع النصف الفارغ من الكوب ويصر على النظر إلى الواقع من خلال منظار أسود، وفى اعتقادى أن هناك الكثير من القصص والأحداث فى مجتمعنا التى تدعونا إلى الفخر و الالتفاف حول علم الوطن ليكون عاملا محفزا على العمل والإنتاج.. بعبارة أخرى إن «التوازن» يظل القاعدة الذهبية لإنقاذ الرسالة الإعلامية والانتقال بها إلى آفاق التنوير وهو بيت القصيد!! وهكذا يمكن القول إن إعمال العقل فى مواجهة الخرافات والتمسك بالعلم فى مواجهة الجهل يحقق هدف الرسالة الإعلامية فى بناء المجتمع وهذا ينطبق على كل عالمنا العربى- دون استثناء –ومن هذه النقطة يتم التخلص من الأمية الإعلامية وبالتالى نصبح أمام آفاق جديدة من التنوير الفكرى والإرتقاء بالذوق العام والحفاظ على قيم المجتمع العربى من أجل بناء شخصية الإنسان العربى الواعى لمصالحه والمدرك لحقوقه والقادر على الإنجاز فى معركة التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

فإذا تحقق ذلك من الطبيعى أن تسود المجتمعات العربية ثقافة إعلامية بانية تحافظ على الإستقرار وتضيف للإطار المرجعى للمتلقى جديدا كل يوم و تجعل من تعرضه اليومى للمؤثرات الإعلامية له مردود سليم يصب فى إزالة حقيقية للأمية بكل أشكالها وبصفة خاصة محو الأمية الإعلامية!! ولابد من الإشارة إلى أن الأمية الإعلامية على مستوى القائم بعملية الاتصال تنعكس على إدارة المؤسسات الإعلامية التى تتطلب أن يكون مديرها مدركا لأهمية الوسيلة الإعلامية وطبيعتها وأهدافها وبالتالى ليس كل من امتلك أموالا يصلح لأن يكون مديرا ومالكا لمؤسسة إعلامية صحيفة أو قناة، خاصة أن أحد عوامل نجاح أى مؤسسة إعلامية هو فصل الملكية عن الإدارة وعليه إذا لم يتفهم المالك هذا العامل سيكون الفشل ملازما للمؤسسة.

من هنا يصبح محو الأمية الإعلامية عملية إعادة صياغة لفكر المجتمع على مستويات الإدارة والتنفيذ والأهداف وهو ما يفرق بين الأداء العشوائى والأداء المهنى، الأول نجده ينزلق إلى تناول موضوعات سطحية تعتمد على الإثارة وبث طاقة سلبية من خلال تناول كل ما يتعارض مع النظام القيمى للمجتمع، ونجد الآخر ينسجم وهذا النظام ويقدم موضوعات تعظم من كل مصادر الطاقة الإيجابية اللازمة للارتقاء بفكر وعقل الإنسان!!