رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أين نحن من هذا الإيثار؟


يحكى قديماً أن رجلين تنازعا على كنز وجداه فى أرض أحدهما. فذهب الاثنان إلى القاضى.. قال الأول «سيدى القاضى... هذا الكنز ليس لى بل له لأنه وجده فى أرضه التى بعتها له» ويقول الآخر» سيدى القاضى، الكنز له لأننى اشتريت الأرض ولم أشتر الكنز»... أين نحن من هؤلاء؟ أين نحن من تلك الأخلاق؟... أين نحن من هذا الزمان؟ أين نحن من حب الخير للناس؟ أين نحنمن هذه القناعة أين نحن من هذا الإيثار؟.. كرم المولى عز وجل أهل البيت وأنزل فيهم آية فى كتابه. أهل البيت الذين طرق بابهم مسكين يقول «انا مسكين من مساكين المسلمين وإنى جائع فأطعمونى» فيطعمونه ويبيتون جائعين. وفى اليوم الثانى عندما أرادوا الإفطار، إذا بالباب يطرق، وسائل جديد يقول «أنا يتيم ويطلب الطعام» ويبيت أهل البيت ليلة أخرى جائعين. وفى اليوم الثالث عند الإفطار، يأتى أسير يطلب الطعام فيعطونه طعامهم. أين نحن من هذا الإيثار؟ «يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا، ويطعمون الطعام على حبه مسكينا، ويتيماً، وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء، ولا شكورا».

عندما طعن المجوسى سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه. طلب عمر من ابنه عبدالله الذهاب إلى أم المؤمنين عائشة ليقول لها « عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين يستأذنك فى أن يدفن مع صاحبيه» فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها «كنت أريد هذا المكان لنفسى، ولأثرن به عمر. «أين نحن من هذا الإيثار»؟ عندما طلب موسى عليه السلام «يا رب... أرنى درجات محمد وأمته.قال سبحانه: « يا موسى... إنك لن تطيق ذلك، ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة، فضلته بها عليك وعلى جميع خلقى». فكشف له عن ملكوت السماء. فنظر موسى إلى منزلة قريبة من الله عز وجل. فقال« يارب بماذا بلغته إلى هذه الكرامة؟ قال: « بخلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار. يا موسى...لا يأتينى أحد منهم قد عمل به وقتاً من عمر إلا استحييت منمحاسبته، وبوأته من جنتى حيث يشاء».

قال سبحانه وتعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة ومن يوق شُح نفسه فأولئك هم المفلحون» «لن تنالوا البر حتى تُنفِقُوا مما تحبون» وقال النبى صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» إذا كنت ممن يكثر العطاء، ولا يؤلمه البذل فأنت سخى...وإذا كنت ممن يعطى أكثر من الآخرين فأنت جواد. واذا كنت ممن يعطى الآخرين مع حاجتك أكثر لمن أعطيت، لكنك قدمت غيرك على نفسك فقد وصلت إلى أعلى مرتبة وهى الإيثار. هذه المرتبة التى لا يصل إليها إلا الأنبياء، والأتقياء، والمؤمن سخى النفس كثير العطاء..

اللهم ارزقنا الإيثار وخلقنا بخلق الإيثار وحببه إلينا. اللهم ارزقنا بإنكار الذات وحب الخير للناس جميعاً... واعصمنا من الأنانية وحب الذات. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.