رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"سيد غنيم".. الرئيس السابق لعمليات جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية لـ"الدستور": "دواعش ليبيا" يخططون لأضخم عملية إرهابية.. وسيناء تحولت إلى أرض خصبة للإرهاب

جريدة الدستور

أكد اللواء سيد غنيم مستشار الأمن والدفاع لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والرئيس الأسبق لعمليات جهاز الاستطلاع بإدارة المخابرات الحربية أن هجوم عناصر تنظيم "داعش" علي باريس يُعد 11 سبتمبر جديدة، وان المسلمين سيدفعون ثمن هذا الإرهاب، مبينا أن فرنسا طردت المجنسين العرب المتطرفين للانضمام إلي التنظيمات الإرهابية، وأن تنظيم "داعش" يخطط لتحويل فرنسا إلى مركز لدولته في أوروبا، وأن حادث "باريس" الإرهابي عقابا لمشاركتها في حربها في ليبيا وتونس وسوريا.
وأوضح اللواء غنيم في حواره مع "الدستور" أن "دواعش ليبيا" يخططون لأضخم عملية إرهابية، وان الضربة الاستباقية لأجهزة مكافحة الإرهاب المشتركة يمكن أن تقضي عليها، مشيرا إلى أن "تل أبيب" تستغل اللوبيات اليهودية في تشويه صورة العرب والمسلمين في أمريكا وأوروبا، والحرب العالمية الثالثة حتما ستنطلق من الشرق الأوسط، مؤكدا في الوقت نفسه ان سيناء تحولت خلال العقدين الأخيرين إلي أرض خصبة للإرهاب، وان تنميتها أول خطوة في القضاء علي التطرف بها.
وإلى نص الحوار:
ـ بداية.. كيف رأيت ما حدث في "باريس"؟
ما حدث في باريس عمل إرهابي كبير، وربما يعتبر الأكبر في أوروبا حالياً، وربما كان حدوثه متوقعا لنا ارتباطا بحادثة شارل أيبدو في مطلع العام الحالي، وارتباطا بسياسات فرنسا تجاه العناصر الإرهابية خاصة في ليبيا وتونس وأخيراً في سورياً، بعد مشاركة فرنسا في التحالف ضد داعش في أراضيها.
ـ في رأيك ما الهدف الحقيقي من وراء تلك العمليات؟
محاولات من داعش لإثبات قوتها ووجودها على أرض دولة عظمى تُعتبر من أهم وأكبر دول أوروبا، بالإضافة إلى تمكن داعش من النفاذ إلى مواطنيها ومواطنين جوارها علي الأخص في بلجيكا، من خلال خلاياها النائمة بمدنها، لذلك اعتقد أن أحداث "باريس" كانت ضربة إرهابية توصف بأنها "استباقية"، لفقدان ثقة الشعب الفرنسي في حكومته التي عزمت على ضرب داعش في سوريا.
ـ هل تعتقد أن أحداث باريس مثلت حادي عشر من سبتمبر جديدة؟
شكلاً ربما، ولكن ليس موضوعاً على الإطلاق، فأحداث 11 سبتمبر كانت ضربة نوعية بمعنى الكلمة في قلب أكبر دولة في العالم، خُططت بدقة متناهية استخدمت فيها الطائرات المدنية وراح ضحيتها الكثيرون رغم التجهيزات الأمنية المعروفة بالمطارات الأمريكية، أما أحداث باريس فهي مجرد عمليات إرهابية محدودة بأفراد قليلين استهدفت المقاهي التي لا تدخل ضمن نطاق خطط التأمين ضد الإرهاب أو الجرائم الجسيمة.
ـ هل يمكن أن نتحمل تبعاته كمسلمين وكشرق أوسط كما حدث في بداية الألفية الثالثة من غزو لأفغانستان والعراق؟
للأسف هذا هو الأمر الواقع، ويكفي أن من نتائجها المباشرة إغلاق أوروبا بالكامل تأشيراتها أمام المتوجهين إليها وخاصة العرب لأن معظمهم من المسلمين، والملاحظ أن "تل أبيب" تستغل لوبياتها في بلاد الغرب لتصعيد نبرة العداء ضد العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا، والهدف الواضح الصريح تحفيز زيادة التعاون معها على حساب الهوية العربية مستغلة الإطار العقائدي.
ـ فرنسا كانت أحد أهم الدول الأوروبية التي صدرت جهاديين مرتزقة إلي تنظيم داعش طبقا لدراسة "معهد الدفاع البريطاني" هل تعتقد أنها اليوم تنكوي بنار تلك الخطوة؟
قد لا أتفق معك في كلمة "صدرت جهاديين مرتزقة"، فربما تُؤخذ على أنها مساهمة فرنسية في نشر الإرهاب وهذا غير صحيح، ولكن ما حدث أن هناك نظرياً ثلاث درجات للجنسية في فرنسا، الأولي فرنسيين من أصول فرنسية، والثانية فرنسيين من أصول أخرى ومنها عربية، وقد ولدوا وعاشوا في أوروبا، حيث ورثوا الجنسية عن آبائهم، أما الثالثة فهم فرنسيين مُستحدثون اكتساب الجنسية بأنفسهم من الدولة سواء عن طريق أزواجهم أو بطرق أخرى، وهؤلاء حفزتهم فرنسا على العودة لبلادهم كسوريا وليبيا وغيرها، وعادوا بالفعل ليجدوا فرنسا تستهدف بلادهم من خلال الحرب على الإرهاب، فيقررون العودة لفرنسا ثأراً مما حدث.
ـ هل تعتقد أن العائدين من سوريا والعراق يمكن لن يشكلون حربا خفية علي العواصم الأوروبية؟
على العكس تماما، وان كان من المحتمل بالطبع أن يشكل بعضهم تهديداً رئيسياً على الأمن في أوروبا بأشكال مختلفة ومنها الإرهاب سواء عاجلاً أو آجلاً.
ـ هناك من يربط بين ما حدث في فرنسا ومخططات التقسيم في الشرق الأوسط والتي تحدث عنها لويس برنار؟
فكرة "لويس برنارد" لتقسيم دول الشرق الأوسط تُعتبر أطروحة ضمن أطروحات أخرى ربما فكرت فيها الإدارة الأمريكية بأهداف "مُعلنة" تبدو حميدة شكلاً، ومن ثم قد تُؤخذ على أنها أحد مكونات التخطيط الإستراتيجي بالمنطقة على المدى البعيد لصالح تحقيق الهدف الأمريكي الرئيسي ضد دول عظمى مناظرة، أما ما تم في باريس فضمن تخطيط مقابل يحقق أهداف إستراتيجية للتنظيمات الإرهابية لصالح الدولة الإسلامية المقرر إرسائها في المنطقة، وهناك أيضاً أعمال إرهابية تؤخذ كرد فعل ضد سياسات غربية محددة.
ـ حذرت من قبل أن هذا المخطط سيبدأ في 2015، هل تري أن حادث "دو فرانس وباتاكلان" يمكن أن يكون الانطلاقة لذلك؟
لقد حذرت بالفعل يوم 31 ديسمبر 2014 أن عام 2015 سيحمل نشاط كبير للعناصر الإرهابية ومنها عن طريق البحر، وما حدث خلال العام وحتى الآن من عمليات إرهابية يُعد تأكيداً لذلك واستمراً له.
ـ هناك من يؤكد أننا نعيش ليلة الحرب العالمية الثالثة؟ فهل تعتقد أن الشرق الأوسط سيلعب دور البلقان في الأحداث؟
هناك ثلاث سيناريوهات محتملة في ذلك، الأول يتلخص في القضاء على الإرهاب والقلاقل في المنطقة، والثاني في استمرار وتصاعد العمليات العسكرية في العراق وسوريا لتمتد لحرب إقليمية محدودة، طرفيها فلول "الحوثيون" في اليمن والشيعة في العراق وسوريا ولبنان، والطرف الآخر بعض من باقي الدول العربية، وقد تزداد اشتعالا لتصبح حرب إيرانية عربية بالوكالة عن الدول العظمى، أما السيناريو الثالث، فهو التحول لحرب عالمية ثالثة طرفيها الرئيسيين، حلف الناتو وإسرائيل وبعض دول المصالح من جانب، وروسيا والصين وكوريا الشمالية وبعض دول المصالح من جانب آخر، مع احتمال استغلال القطب الثلاثي الشرقي "الصين– روسيا– كوريا الشمالية" لموقف إيران تجاه المعسكر الغربي من منطلق مبدأ "عدو عدوي صديقي"، وهو الاحتمال الذي قد لا يحدث لأسباب كثيرة أهمها طبيعة السياسات والإستراتيجيات الأمريكية والأوروبية الحالية التي تتجنب تماماً المواجهة العسكرية، ونحن الآن ورغم كل ما يحدث ما زلنا في قلب السيناريو الأول.
ـ ماذا يعني إعلان فرنسا الانضمام للتحالف المصري الروسي في الحرب علي الإرهاب؟
في 23 أكتوبر الماضي جلس وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وإيران ومصر ولبنان لتحديد موقفهم من الشأن السوري وكان التحالف العسكري المشترك متفق عليه وقتها، وكان الاختلاف الوحيد بشأن موقف بشار الأسد.
ـ فرنسا حددت ليبيا كهدف يجب مواجهته للحفاظ علي حلفاؤها مصر وتونس والجزائر، هل تعتقد ان دواعش ليبيا هم منفذو عملية باريس؟
بالتأكيد، أو على الأقل شاركوا في تخطيطه وإدارة تنفيذه، وأتوقع حدثاً قوياً من ليبيا قريباً والذي قد يتطلب عمل عسكري لإجهاضه فوراً.
ـ أي خطر تعتقد علي مصر يأتي، من ليبيا أم من سوريا؟
من ليبيا بالطبع، فليبيا دولة حدودية مع مصر ومعظم العناصر الإرهابية تتواجد شرقها، خاصة بعد إعلان سرت القريبة من الحدود المصرية ولاية إسلامية جديدة.
ـ لماذا نجيش الجيوش ونجعل من أراضينا ميدانا لمقاتلة الجماعات الإرهابية، ولا نكلف وسعا للتصدي لمصادر الإرهاب من تمويل وتدريب؟
الحرب ضد الإرهاب ليست عسكرية فقط، ولكنها أيضاً سياسية واقتصادية واجتماعية وكافة الأجهزة الأمنية الدولية والإقليمية، وبكل دولة منفردة تعمل جاهدة في تلك الأبعاد الثلاثة الأخرى، ولكن الأمر يتطلب تنسيق حقيقي بينها لتوحيد الجهود، وكانت هذه النقطة أحد أهم توصيات مؤتمر الأمن الوطني الذي كنت أرأسه بالأردن من 6 إلى 8 أكتوبر الماضي.
ـ إذا ما تناولنا الأوضاع المصرية بعد عامين من انطلاق 30 يونيو، إلا أن دولته لازالت تبحث عن تأييد دولي لها، فهل تعتقد أننا فشلنا في التواصل مع العالم؟ أم أننا نواجه ضغوطا لأسباب معينة؟
لا أرى فشلاً في التواصل مع العالم بهذا الشكل الذي تقصده، والدليل على ذلك أن الدول التي اعتبرت 30 يونيو انقلابا أصبحت تعترف به وبالرئيسين اللذين حكما بعده، كما استطاعت مصر بالتواصل مع دول مختلفة التوجهات ومنها فرنسا وإيطاليا واليونان وروسيا والصين وغيرها، فضلاً عن استعادة ثقلها العربي الإقليمي مع دول الخليج، وهذا لا يعني أننا لا نعاني من فجوة ما زالت موجودة بيننا وبين بعض تلك الدول أساسها الاختلاف على السياسات المصرية المستخدمة في إدارة الأمور مع الإخوان وكذلك مع الإرهاب في سيناء وتجاه بعض الفئات الثورية، مما يتطلب من القيادة السياسية المصرية محاولة تصويب الأمور في نظر الغرب بأحد أمرين، الأول إعادة دراسة نقاط الاختلاف تلك جيداً، والثاني إعادة النظر في المنظومة الإعلامية المصرية "الفوضوية" والتي لها أثر كبير في توضيح صورتنا الحقيقية أمام العالم.
ـ هل تعتقد أن حادث الطائرة الروسية يشكل حلقة جديدة في سلسلة الضغوط المؤامراتية علي مصر؟
بالطبع لا.. فلقد تناول المحللون والإعلاميون بل وربما الرسميون في مصر مشكلة الطائرة الروسية المنكوبة بصورة ساذجة مبالغ فيها دون تعامل مهني حقيقي معها.
ـ ألا ترى أنه إذا كانت هناك مؤامرة إلا أننا نعاني داخليا من مسببات نجاح تلك المؤامرة بالإهمال والتجاهل وغيرة؟
لا جدال في ذلك، ولي كلمة أرددها دائماً أن ضحايا أي مؤامرة هم أهم شريك فاعل فيها، والعجيب أن كل تركيزنا في توجيه النظر على المؤامرة ومن يتآمر علينا ياتي بمبالغات مفرطة، دون أن يتحدث شخص واحد عن عيوبنا الحقيقية أو حتى كيفية مواجهات تلك المؤامرات التي تستهدفنا من كل مكان في العالم وكأن العالم لا هم له إلا القضاء علينا، ودعني أوضح لك بمثال بسيط، أو بسؤال، هل المؤامرة وسيلة أم هدف؟! بالتأكيد دول مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تقوم بحَبْك المؤامرات لدول أخرى، ولكن كوسيلة مرحلية خلال إستراتيجية موسعة بعيدة المدى لتحقيق أهداف إستراتيجية محددة مسبقاً، ويكون الهدف من مؤامراتها فيها إخضاع منهم داخل نطاق إستراتيجياتها ليكونوا رهن إرادتها إبان تطبيقها، إذن فالمؤامرة هنا وسيلة بجانب وسائل أخرى لتحقيق هدف إستراتيجي هام.
ـ هل ينطبق ذلك علي حادث الطائرة الروسية؟
حادث الطائرة الروسية موقف، والموقف هنا يمثل لتلك الدول حادث طارئ ذو طبيعة خاصة، وليس من طباع الدول ذات الأهداف والخطط الإستراتيجية محاولة استغلال مثل هذه الحوادث بشكل أو بآخر للتآمر من خلاله على دولة أخرى، فهي لا تحتاج لحدوثها أو تنتظرها لكي تحقق ما لا تستطيع تحقيقه من خلال إستراتيجياتها، ومن ثم فاعتبار ردود الأفعال البريطانية تجاه الحادث متضمنة إعلان رئيس وزرائها احتمال تفجير الطائرة بقنبلة مزروعة فيها أنها مؤامرة يعني أن إنجلترا كدولة عظمى ذات إستراتيجيات بعيدة المدى قد حولت طبيعة المؤامرة من وضعية "الوسيلة" إلى وضعية "الهدف" وهو ما لا ينطبق مع فكرها في المعتاد.
ـ كيف رأيت حادث طائرة روسيا؟ وما هو وفقا لرؤيتك الهدف من إسقاطها فوق سيناء؟
في علم التقديرات الإستراتيجية هناك عدة أنواع من الاحتمالات أهمها، الأكثر توقعا والأكثر خطورة الأقل توقعا، وكلها واردة ولكن بنسب مختلفة وطبقاً للموقف، وطبقا للمعلومات المتيسرة يمكننا استعراض كافة الاحتمالات الرئيسية، وعلينا أن نحدد أيها "الأكثر أو الأقل توقعا أو الأكثر خطورة" من وجهة نظرنا دون أي هوى، ولكن يجب أن تكون بناءً على حقائق وخلفيات تاريخية من خلال سبع حقائق، أولها دعوة كاميرون للرئيس السيسي لزيارة بريطانيا، وثانيها تمثلت في تصريحات السفير البريطاني في القاهرة "جون كاسن" أن ثلاثة ملفات رئيسية تتصدر مباحثات كاميرون والسيسي، أهمها مكافحة الإرهاب والتطرف، ومساعدة مصر علي النجاح والاستقرار، والعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وعلينا ألا ننسي حالة الانزعاج الشديد الذي لحق باللوبي الإخواني في أمريكا من أيام بعد طرح "تيد كروز" حاكم تكساس مشروع قانون لاعتبار تنظيم الإخوان جماعة إرهابية، وانزعاجهم من دعوة السيسي لزيارة بريطانيا كرئيس دولة معترف به برغم محاولات الإخوان المستميتة لاعتباره الزعيم الانقلابي الإرهابي.
ـ معني هذا أنك ترجح المؤامرة في تلك الحادثة؟
دعنا نتذكر الترتيب الزمني للأحداث في أمريكا وبريطانيا، فبعد سقوط الطائرة بيوم واحد قالت أمريكا ان هذا الحادث ليس صاروخ أطلقته داعش من سيناء, وثاني يوم صرحت بأن احد الأقمار الصناعية رصد ضوءا حراريا قبل انقطاع اتصالات الطائرة مباشرة، مع ترجيح بعض المحللين الأمريكيين المتخصصين أن سقوط الطائرة كان بفعل قنبلة ولكن لم يؤكدوا ذلك بالطبع وأكدوا ضرورة انتظار نتائج المعلومات التي سوف نحصل عليها من الصندوقين الأسودين.. بعدها اتجهت التحليلات الإخبارية مرة أخرى إلى أنها فنبلة داخل الطائرة، والبيت الأبيض لم يصرح بشيء مطلقا حتى أعلن كاميرون أنها قنبلة طبقا للمعلومات الواردة من المخابرات البريطانية، وبعدها أطلق أوباما تصريح بذلك أيضاً، حتى خرج تقرير "روسيا اليوم" الذي ذكر مواءمات سياسية بين مصر وبريطانيا، وقال بالنص: "هذه التصريحات الملتبسة من مسؤولين كبار في دولة كبرى، أثارت الكثير من الجدل، خاصة وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يقوم بزيارة لبريطانيا تزامنا مع هذه التصريحات. وبالتالي، قد تكون هناك حسابات سياسية ما بين لندن والقاهرة، أو أن بريطانيا تمارس نوعا من الضغوط على مصر لأسباب سياسية أو أمنية".
ـ هل تعتقد أن مصر دولة تتعرض لحصار اقتصادي وان السياحة كانت أخر حلقة من حلقات هذا الحصار؟
مصر ما زالت تعيش على الوارد من الخارج سواء دخل السياحة أو دخل قناة السويس أو تحويلات المصريين بالخارج، وأرى أن هناك من يحاولون جاهدين لإيجاد المبررات لعدم تحولنا للإنتاج كأهم مصادر الدخل.
** كيف تري الوضع في سيناء وتحديدا الشيخ زويد؟
الوضع في سيناء ليس وليد اللحظة، فلقد عانت سيناء على مر أكثر من عقدين من عدة مشاكل منذ الهجرة غير الشرعية عبر منافذها عقب سقوط الاتحاد السوفييتي ثم تجارة المخدرات وتحديداً "الماريجوانا" ثم تهريب المسروقات والأسلحة والذخائر عبر الإنفاق، ناهيك عن بعض الممارسات غير المهنية من الشرطة المدنية التي احتكت بهم ولم تستطع التفاهم مع مشاكلهم.
ـ هل تعتقد أن للبدو دورا في التنظيمات الإرهابية؟
ظهور الإرهاب في سيناء ليس من البدو الموجودين فيها فقط، فهناك بدو تعاونوا كثيراً مع القوات المسلحة المصرية خلال الجولات العربية الإسرائيلية، ولكن هناك آخرون من تأثروا سواء بحماس أو بتنظيم الإخوان أو ببعض العناصر الأجنبية النازحة من سوريا والعراق وغيرها.. وعلى أي حال ورغم كل هذه الظروف ومع تحول تدريب وتسليح العناصر القائمة بتأمين سيناء للتصدي للحروب غير التقليدية ومنها مقاومة الإرهاب، أرى أن الموقف رغم زيادة حجم وأنشطة العناصر الإرهابية إلا أن سيطرة القوات المسلحة تزداد يوماً بعد الآخر على المنطقة، خاصة مع توجه أجهزة الدولة بالتعاون مع القوات المسلحة إلى العمل التنموي الإداري والاقتصادي بها ومن خلال جهاز تنمية سيناء.
ـ ألا ترى أن المعارك هناك مستمرة منذ أكثر من عامين ولم تحقق أي هدف حتى الآن؟
على العكس تماماً، وتذكر أن النصر يتلخص في "هزيمة إرادة العدو"، دعني أولاً أوصف لك علمياً وفي نفس السياق ما يدور في سيناء، لقد بدأ الموقف بنوع معين من الصراعات وهو ما يطلق عليه "صراع خفيف الحدة"، ويدور بين أقليات بالدولة وجيشها الحكومي في محاولة للتحول لما يسمى "الحرب الأهلية"، بهدف الاستيلاء وإعلان السيطرة على محافظة شمال سيناء أو حتى على مدينة الشيخ زويد، وفصلها عن الدولة، وبما يثبت عدم سيادة الحكومة الشرعية للدولة على تلك المدينة والذي يؤدي بالتالي إلى ما يسمى علمياً بـ "الدولة الفاشلة" فهل وصل الوضع إلى هذه المرحلة؟ بالطبع لا، وأذكرك أن بريطانيا العظمى في عز قوتها حاربت ما أسمته الإرهاب "الجيش الجمهوري الأيرلندي" من خلال حرب أهلية ضروس استمرت 78 عاما، حتى توصلوا لوقف إطلاق النار وطبقاً لاتفاقية بلفست التي فعلت عام 1998، ولك أن تقارن هذه بتلك لتعلم الفرق الحقيقي.
** وكيف تري العراقيل والمعوقات التي تواجه الأجهزة الأمنية في سيناء؟
قلة المعلومات وتخوف أهالي سيناء فضلاً على اعتياد القوات المسلحة التدريب على الحروب التقليدية فضلاً عن الطبيعة الجغرافية والمجتمعية بها هي أصعب ما قابلت القوات المسلحة بسيناء.
ـ وماذا عن الجنوب والأزمة السودانية الأخيرة، هل تعتقد ثمة مواجهة قادمة في الجنوب؟
لا أتوقع أي مواجهات عسكرية تقليدية بين جيوش دول متجاورة في هذا العصر بهذه البساطة، ولكن تدفق الإرهاب من الجنوب أمر لا يمكن إغفاله.