رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العالم ونذر الحرب العالمية الثالثة


بعد سقوط الاتحاد السوفييتى بحثت أمريكا عن عدو جديد يحل محل العالم الشيوعى ولم يكن أمامها غير العالم الإسلامى ولكن وجود عداء مع دول مستقلة حتى ولو كانت إسلامية سيثير حفيظة وتحفظ بقية الدول خاصة أن الدول الإسلامية منتشرة على مساحة جغرافية مترامية الأطراف فى الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، ومن هنا أصبح من الضرورى بحث إمكانية خلق عدو من رحم الجماعات الإسلامية المتطرفة التى أنشأتها ودعمتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة فى مواجهة الأعداء السابقين بدءاً من أفغانستان ومرورا بالصومال والعراق وصولاً لسوريا وليبيا واليمن.

ورغم اختلاف وسائل المواجهة إلا أن عدو الغرب المتنامى بدأ يكبر ويشتد عوده وينسلخ عن المناطق التى نشأ فيها ولم يكبر فقط لكنه أخذ يتغول من القاعدة إلى «داعش» و«بوكو حرام» وغيرها من الجماعات الإرهابية، ودعونا نتفق على تسميتها أدوات لأنها هى «صناعة أمريكية» وجدت فى الأصل للاستغلال السياسى ثم كسرت الأغلال وفكت القيود وتمردت على صانعيهاواستغلت سياسة توطين الصراعات التى جاءت مع نظرية الفوضى الخلاقة والتى تعد المنظور السياسى لفكرة الشرق الأوسط الجديد التى دعا إليها شيمون بيريز فى الثمانينيات لقطف ثمار السلام مع العرب سياسيا واقتصاديا وتكنولوجيا وعسكرياً.

وجاءت الرياح كما تشتهى السفن مع ثورات الربيع العربى ابتداء من العام 2010 – 2011 فى تونس ومصر واليمن وليبيا وكان الهدف منها إعادة رسم خريطة المنطقة العربية من جديد عن طريق ربط الإرهاب بالإسلام خاصة بعد أن فشل تنظيم الإخوان فى أن يكون الحارس الأمين للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط ولا سيما فى مصر التى حققت المفاجأة الكبرى بإسقاط حكم الإخوان فى العام 2013 وقيام ثورة الثلاثين من يونيه التى مثلت عنصراً قلب موازين وحسابات الولايات المتحدة.

وكان البديل دعم بؤر عدم الاستقرار القريبة من مصر والسعودية فى شكل تشجيع ودعم التنظيمات المتطرفة، وفى الوقت نفسه إعطاء الضوء الأخضر لبعض الأطراف الإقليمية مثل إسرائيل وتركيا ثم إيران بعد إبرام الاتفاق النووى معها للعب أداور جديدة تعتمد على إزكاء حدة الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى داخل الأراضى المحتلة وبعث أحلام تاريخية تمثل أطماعاً قديمة لكل من أنقرة وطهران.

وبالتوازى مع هذا كله تضخيم عقدة «إسلاموفوبيا» فى أمريكا وأوروبا بشكل مرضى من خلال تغيير الصورة الذهنية للعرب والمسلمين فى عقول المواطن الأمريكى والأوروبى وأسهمت فى تكريس الإحساس بالخوف من المسلمين أحداث باريس الأخيرة التى أصبح ينظر إليها نفس نظرة هجمات الحادى عشر من سبتمبر فى نيويورك فى العام 2001 وتداعياتها لكن مع الفارق!!

إن المناخ الدولى آنذاك يختلف عن المناخ الدولى اليوم، حيث كانت الولايات المتحدة تواجه إرهاب القاعدة منفردة بعد أن انقلبت عليها وبنت رؤيتها و موقفها من العرب والمسلمين بناء على تعاملها مع القاعدة.

واليوم أتصور أن الموقف أضحى أكثر تعقيداً وخطورة وينذر بأن عدم حساب الموقف جيداً قد يقود إلى حرب عالمية ثالثة خاصة بعد توجيه فرنسا ضربات لداعش فى أعقاب هجمات يوم الجمعة 13 من نوفمبر!!