رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"بان كي مون".. "أمين عام الإعراب عن القلق".. 7 سنوات من البيانات الموحّدة.. سجّل 180 "قَلْقَة" خلال 2014 بمعدل "مرة" كل يومين.. حاضرٌ في كل حدث بمصر.. ومع انتهاكات إسرائيل "عامل من بنها"

بان كي مون
بان كي مون

"صباح الخير، ما أخبار الحرب؟ هل استيقظ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وعبر عن قلقه؟".. مقولة ساخرة ارتبطت بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ذلك الرجل السبعيني، الذي ربما فاق عدد مرات إعرابه عن قلقه إزاء الكوارث العالمية، سنوات عمره، حتى بات عدم إعرابه عن قلقه أمرًا يدعو للقلق.

آخر مرة أثارت قلق "بان"، وزير خارجية كوريا الجنوبية السابق، والحاصل على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية؛ ودرجة الماجستير في الإدارة العامة، كانت بسبب مصر، حين أعرب عن انزعاجه وقلقه البالغ إزاء التقارير التي أفادت بمقتل خمسة لاجئين سودانيين وإصابة مثلهم قرب الحدود المصرية الإسرائيلية، مطالبًا السلطات المصرية بإجراء تحقيق كامل؛ للكشف عن حقيقة هذه الأحداث المأساوية ومنع تكرارها.

غير أن رد الفعل المصري جاء سريعًا، حيث قال عنه أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إنه من المؤسف استمرار المنهج المتبع بالتسرع في إصدار تصريحات وانتقادات، دون الاعتماد على معلومات دقيقة، أو الاطلاع على البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية؛ لشرح ملابسات الوقائع التي يتم انتقادها.

سبع سنواتٍ، هي مقدار عُمر "قلق" كي مون، الذي بدأ مع تسلّم مهام عمله في الأمم المتحدة، والتي يربطه بها روابط طويلة الأمد، تعود إلى عام 1975، حيث عمل فيها بشعبة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية، واتسع نطاق عمله هذا على مر السنين، بتعيينه سكرتيرًا أول بالبعثة الدائمة لجمهورية كوريا لدى الأمم المتحدة في نيويورك، إلى أن انتهى بتولي الأمانة العامة لها.

المتابع لخطابات الأمين العام للأمم المتحدة، أو البيانات الصادرة باسمه، إزاء الأحداث العالمية، يلاحظ دائمًا أنه يستهلها بإبداء قلقه، دون أن تخلو من عبارات وجمل من قبيل: "تأزم الوضع في شرق أوكرانيا، تصعيد موجة العنف في مصر، الأزمة في العراق، عدم الاستقرار في أفريقيا، التدهور الأمني في مالي".

ووفقًا لاستبيان أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العام الماضي، فإن عدد البيانات التي أعرب فيها "مون" عن قلقه تجاه القضايا الدولية المختلفة خلال عام 2014 وصل إلى 140 بيانًا.

بل وتجاوزت ذلك الأمر، إلى إحصاء عدد "قلقات" الأمين العام للأمم المتحدة، حيث أعرب عن قلقه في السنة الماضية 180 مرة، بمعدل "قلقة" كل يومين، منهم 27 قلقة لدولة اليمن وحدها، بينما قلق 19 مرة إزاء الوضع بين إسرائيل وفلسطين، و15 لأوكرانيا، و11 لأفريقيا، و9 للعراق، و6 لنيجيريا، و7 لسوريا، و5 لجنوب السودان، و4 لمالي.

ولم يكن قلق "مون" تجاه مقتل سودانيين في مصر هو الأول من نوعه بشأن القلق إزاء موضوعات تتعلق بالقاهرة، فقد سبقه وقائع متفرقة أعرب فيها عن استيائه، منها قلقه بعدما تلقى خبر اعتقال الكاتب الصحفي بموقع "مدى مصر" حسام بهجت، واتهامه بنشر معلومات كاذبة تضر بالمصلحة الوطنية، دون انتظار أي تحقيقات، ولم يهدأ إلا بعد إعلانه قلقه البالغ، ونشره لاستيائه في ربوع العالم، بقوله إن القبض على بهجت، واعتقاله ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الاعتقالات للمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.

وحين صدر حكم بالإعدام ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، استيقظ "بان كي مون" على قلق بالغ انتابه بعد الحكم، فخرج ليعبر عنه قائلًا إن "الأمم المتحدة تعارض استخدام عقوبة الإعدام في كل الأحوال، محذرًا مما وصوف بالآثار السلبية لهذه الأحكام على فرص الاستقرار في مصر على المدى البعيد".

وما سبق ذلك من أحداث في مصر كان "مون" حاضرًا بقوة، برفقة قلقه الذي لا يفارقه لحظة، فأصدر بيانا له خلال ثورة 30 يونيو، يعرب فيه عن قلقه البالغ، ويؤكد أهمية الاحتجاج السلمي، واحترام حرية التجمع، والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف.

وقال الأمين العام في البيان: إنني مازلت مستمرًا في التأكيد على الحاجة إلى شمولية العملية السياسية والاحترام الكامل لحقوق الإنسان، بما في ذلك أولئك المعتقلين في السجون، وتطبيق سيادة القانون كأساس للتحول الديمقراطي السلمي وهذه هي المبادئ التي ألزمت السلطات المصرية نفسها في خارطة الطريق".

وفي أواخر العام الماضي، أعرب "مون" عن قلقه العميق حيال تصعيد العنف في مصر، داعيًا الجميع إلى خلق أجواء يمكن للمصريين فيها ممارسة كل حقوقهم العامة، بما فيها الحق في حرية التجمع وحرية التعبير وحرية الصحافة، وذلك عقب حادثة مقتل 9 من رجال الأمن المصري في هجمات مسلحة نفذها ضدهم أنصار جماعة الإخوان.

وبرغم عدد "القلقات" المبالغ فيها إزاء الأحداث العالمية، إلا أن دقات "قلقات" قلبه تهدأ كثيرًا في كل ما يخص الانتهاكات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، إلا أنه ومع ممارسة الضغوط الكبيرة عليه، يعود لتوه إلى عادته، ليسجل اسمه بامتياز "أمين عام الإعراب عن القلق".