رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مفاعل الضبعة.. وفرحة مصر


بالتأكيد.. سيكون التاسع عشر من نوفمبر تاريخـًا خالدًا وعيدًا بهيجًا يضاف إلى أعياد أهل مصر المحروسة، تتباهى به الأجيال القادمة بكل الفخر والإعزاز، لأنه يوم البدء فى تنفيذ وبلورة حلم افتتاح نافذة مضيئة على عالم العلم والعلماء بكل التقنيات الحديثة؛ من أجل تحقيق الرفاهية المرجوَّة لكل مواطن ترعرع ونما وضرب بجذوره الطيبة فى أعماق تراب هذا الوطن، ولينعم فيه بالظلال الوارفة عندما يصبح واحة غنـَّـاء لكل محبى السلام والإخاء والعدل والحرية؛ وامتدادًا طبيعيًا لما صنعه الأجداد من حضارة، تكأكأت عليها مؤامرات الاستعمار القديم والجديد لإجهاض أحلامها المشروعة فى الحياة، لتتوارى شمسها خلف الغيوم وسحيبات المؤامرات السوداء والتكتلات العصبية والعرقية والعقائدية، ولكن كان هذا دائمًا إلى حين كعادتها طوال التاريخ، لتنتفض من جديد بكل العافية، وتتقدم نحو الازدهار والرفعة على يد أبنائها الشرفاء الأنقياء القلب والتوجه والهدف، والعارفين بمقدرات مصر للعودة بها إلى الصدارة بكل الجدارة والاستحقاق، لأنها قلب العالم النابض: تاريخيًا وجغرافيًا.

ولأننا على مدار التاريخ كنا ـ وسنظل ـ دعاة للسلم والسلام والأمن والأمان على ربوع أرضنا الخضراء، هذه الأرض الطيبة التى سار على ربواتها الأنبياء والمرسلون، وارتوت بعرق الفلاحين الكادحين الذين علمتهم الطبيعة كيف تكون السماحة ونقاء القلوب، امتدت الأيادى البيضاء لأبنائها الشرفاء للتوقيع بالحروف الأولى، للبدء فى تشييد صرح المفاعل النووى فى الضبعة بمحافظة مرسى مطروح، بشمال غرب جمهورية مصر العربية. والضبعة إدارياً تبدأ من قرية غزالة شرقاً حتى قرية فوكة غرباً ومساحتها الإجمالية تبلغ 60 كيلو متراً على الساحل، وتوجد بها منشآت تعليمية مختلفة ومتعددة، ويمر بها خط للسكة الحديد وتبعد عن الطريق الدولى مسافة 2 كيلومتر، وترجع شهرة هذه المدينة إلى أهميتها السياسية، حيث إنها تعتبر من أحد أنسب المواقع الصالحة لبناء مفاعل نووى بكل مواصفات التقنية العالمية المتقدمة، ليكون صرحًا من صروح العلم من أجل السلم ورفاهية الإنسان المصرى، للإمداد بالطاقة الكهربائية من أول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية فى مصر لخدمة الإنتاج الحيوى فى المجالات السلمية الصناعية والطبية، وليس لإنتاج أسلحة الدمار والقتل؛ لأننا أمة جُبلت على احترام الإنسان خليفة الله فى أرضه الواسعة، ولندحض مقولة: إن من العلم.. ماقتل! ولنثبت لكل الشعوب وأصحاب العقول السويَّة الطامحة إلى الكمال والحب: أن من العلم مايُبهج القلوب ويرطب الحنايا والصدور التى تعشق الأوطان وإيمانها الكامل بأن أحضانها هى الملجأ والملاذ، وتؤمن برسالة العلم كوسيلة للتقدم وصناعة المستقبل، وقامت بالرد العملى والعلمى على شائعات الخوف من المخاطر، بالتأكيد على أن نسبة المخاطر بالمحطة النووية تكاد تقترب من الصفر، حيث كونها من مفاعلات ما يسمى بالجيل الثالث، والتى تعد من أحدث المفاعلات النووية فى العالم التى توفر أمانًا ذاتيًا داخل المفاعل نفسه ويقوم بالتحصين التلقائى من الانفجارات تحت أى ظروف.

وبهذا القرار الوطنى ببناء هذا الصرح العملاق؛ يحق لنا أن ترقص قلوبنا فرحًا وطربًا لأننا بهذه الخطوة الحكيمة والصائبة، قد جففنا لـُعاب رأس المال المتوثب والمتأهب لاقتناص هذه البقعة الغالية من أرض الوطن، ويطمح ـ بل يطمع ـ فى استغلال الساحل فى بناء القرى السياحية التى لاتخدم سوى شريحة صغيرة من كيان المجتمع المصرى الذى يغلب عليه طبقة الكادحين من العمال والفلاحين، وتم إحباط العديد من المؤامرات والمؤتمرات الداخلية والخارجية لإيقاف تنفيذ هذا المشروع حرصًا على المكاسب التى كانت فى خيال طبقة الرأسماليين، الذين لاهَمَّ لهم سوى جنى الأرباح دون وضع المصلحة العامة فى الحسبان، فكان قرار القيادة الوطنية هو الانحياز للوطن بفلاحيه وعماله وكادحيه، لأنهم الضمير الحى الذى رأى مبكرًا ملامح المستقبل الزاهر فوضع تصوراته بعين الحب لبناء هذا الصرح العملاق إذن فلتشرق شموس الصباحات الجديدة حاملة الدفء لقلوب جيلنا والأجيال القادمة، لتصبح نارًا يصطلى بها كل من يحمل الضغينة والحقد ويتأبط شرًا على كل ماهو خير ورفاهية للإنسان المصرى صاحب أقدم الحضارات البشرية منذ بدء الخليقة. يحق لنا اليوم بكل الزهو أن نتوجه بالشكر للقيادة الوطنية المخلصة، وأن نفرح ونطلق العنان للمَلكات التى وهبنا الله إياها وجعل فى طليعتنا خير أجناد الأرض، ليُبحروا بسفينة الوطن فى عُباب كل الأمواج العاتية التى هدفها الوصول إلى بر السلامة والأمان.. لتعود النوارس فوق الصوارى لتشدو بكل ألحان الحرية. ولكِ يامصر السلامة وسلامًـا يا بلادى.