رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من ذوى الاحتياجات الخاصة إلى وزير النقل والمواصلات


آلمنى كثيراً مشهد سيدة خمسينية تجلس على كرسى متحرك ويحملها شابان فى مقتبل العمر ويصعدان بها أكثر من 30 «سلمة» فى مترو أنفاق محطة المرج.. سيطر على الفضول وسألتها عن قبلتها وما إذا كنت أستطيع مساعدتها بعد أن أدى الشابانواجبهما تجاهها.. كانت تجيبنى والدموع تنهال على خديها بشكل لافت.. قالت إنها وحيدة فى هذه الدنيا بعد انتقال والداها إلى الرفيق الأعلى.. وإن أصحاب القلوب الرحيمة يساعدونها بالمال لمواجهة أعباء الحياة من مأكل ومشرب و.... تدخلت سيدة وقورة فى نفس عمرها كانت تنصت لحديثنا وأصرت على مرافقتها إلى حيث تريد.. عندئذ انتهى دورى وذهبت إلى حال سبيلى والدنيا تلف وتدور بى.. سألت نفسى: كيف تدير هذه السيدة شئونها الخاصة والعامة وهى على هذا الحال؟؟!!.. إنها مأساة حقيقية يعيشها ذوو الاحتياجات الخاصة.

لم تكن هذه الواقعة هى الأولى التى لاحظتها على مدار شهرين تقريباً.. فقد صادفت شاباً فى العشرينات من عمره كادت تدهسه السيارات أثناء عبوره إشارة بميدان التحرير لولا فضل الله سبحانه وتعالى ويقظة رجل المرور الذى أنقذه بأعجوبة بعدما تبين أنه كفيف.. كما رأيت سيدة أخرى تنام فى شارع قصر النيل وبجوارها كسرات من الخبز وزجاجة مياه رديئة وملابس بالية وتبدو للوهلة الأولى أنها غير طبيعية.. مشاهد كثيرة من هذه الحالات نصادفها بشكل يومى وتحتاج إلى تدخل الجهات المعنيةبالدولة والمجتمع المدنى وفاعلى الخير.. فالمعاقون لهم علينا كل الحق من رعاية صحية وتعليمية وتأهيلية مناسبة تضمن لهم سبل الحياة الكريمة.. ولهم أيضاً الحق فى العمل والتوظيف والزواج وتكوين الأسرة والتمتع بجميع الحقوق المادية والاجتماعية والقانونية.. وأعتقد أن إهمال هذه الحقوق منا جميعاً له عواقب كارثية سواء أكان ذلك على ذويهم أو مجتمعهم.

ومنذ أسبوع تقريباً نشرت «بوست» فى صفحتى على الفيس بوك أمتدح فيه النشاط الملحوظ لوزير النقل الدكتور سعد الجيوشى.. وفوجئت بتعليق من سيدة فاضلة تؤكد فيه أن نسبة ذوى الاحتياجات الخاصة تعدت الــ «13 مليوناً» داخل مصر.. وأن حقوقهم فى وسائل المواصلات العامة والخاصة مهضومة بشكل ملحوظ.. تواصلت معها واستمعت إلى حديثها ومعاناتها.. وطلبت منى إيصال شكواها التالى نصها إلى «الجيوشى».. تقول: معالى وزير النقل والمواصلات... تحية طيبة لشخصكم الكريم وبعد.. أتقدم لمعاليك بطلب عاجل من مواطنة لا تمثل أى جهة حكومية أو حزبية ولا تنتمى لأى تيارات لاسياسية ولا دينية.. إنما تعبر عن حوالى 14 مليون معاق بمصر.. بينهم حوالى أربعة ملايين معاق حركى قابلين للزيادة نتيجة حوادث الطرق وتأدية الواجب الوطنى مثل إصابات رجال الجيش والشرطة.. معالى الوزير... أعلم أن معاليك شخصية مميزة تمتلك من العقل والحكمة وسرعة التصرف ما يجعلنى أطلب منك أن تجعل لنا - نحن مستخدمو الكرسى المتحرك - نصيباً من وسائل النقل الجماعىبمصر.

وتضيف السيدة: لا يوجد بمصر محطة سكة حديد بها كود إتاحة «منحدر لسير الكراسى المتحركة».. كما لا يوجد بمصر أوتوبيس نقل عام يصلح لصعود ذوى الإعاقه الحركيه سوى 20 أوتوبيساً خصصها محافظ القاهرة منذ عامين.. ثم اختفت بمجرد ظهورها بسبب العيوب الفنية التى أثبتت فشل هذه المحاولة بسقوط العديد من هذه الحالات أمام المحافظ.. ومن وقتها لم تكرر التجربة.. ولم يحاول أحد تصويب الخطأ أو تداركه.. معالى الوزير.. إن وزارة النقل تقوم بصيانة دورية لوسائل النقل الجماعى بمصر.. ولدى الوزارة هيئتها الهندسية التى تستطيع تطبيق كود الإتاحه فى وسائل النقل الجماعى كخطة طموحة من رجل طموح مثل معاليك.. وذلك بمناسبة اليوم العالمى للمعاق «3» ديسمبر.. وكلنا أمل أن تهدينا أملاً يفرحنا فى هذا اليوم كبداية كخطوة أولى لنا على طريق التغيير.. وتختتم.. معالى الوزير أنا كمواطنة أردت عمل مبادرة مصريه من خلال الكرسى المتحرك لتنشيط السياحة.. لكن كبلنى عدم وجود وسيلة نقل متاحة لى وﻷقرانى.. لذا أحلم بتنفيذ المبادرة من خلال وسيلة نقل عامة فى أقرب وقت.. وكلى أمل أن يجد حلمى سبيلا لتحقيقه ولكم جزيل الشكر.. التوقيع رشا أبو رجيلة.. إحدى النساء ذوات الإعاقة بمصر.. انتهت الرسالة.

وبدورنا نناشد الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء م. شريف إسماعيل ود. سعد الجيوشى النظر بعين الاعتبار إلى هذه الشكوى لرفع معاناة المعاقين فى المواصلات العامة على الأقل.. كما نناشد باقى الجهات الحكومية والأهلية للقيام بدورها تجاه نحو 15 % من مواطنينا الذين حرمتهم الظروف من ممارسة حقوقهم بشكل طبيعى.. فقد نص دستور 2013 مادة «81» من الباب الثالث للحقوق والحريات والواجبات العامة على أن «تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وترفيهياً ورياضياً وتعليمياً.. فضلاً عن توفير فرص عمل مناسبة لهم.. وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم.. وممارستهم جميع الحقوق السياسية.. ودمجهم مع غيرهم من المواطنين.. إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص».. الدكتور حسام المساح- الأمين العام السابق للمجلس القومى للإعاقة- سبق وكشف عن وجود محاولات حثيثة لعدم إيصال صوتهم إلى المسئولين.. ولفت إلى أن المعاقين لم يجنوا سوى الكلام فقط.. خصوصاً بعدما وافق مجلس الوزراء ووزارة المالية على إدخال 145 درجة وظيفية للمعاقين كى يعملوا فى المجلس القومى للإعاقة خلال النصف الأول من 2014.. لكن حتى الآن لم يفتح باب التقدم للوظائف!!

وهذا ما يجعلنا نضم صوتنا لصوت ذوى الاحتياجات الخاصة ونطالب الدولة بتفهم حالاتهم ومشاكلهم والعمل على حلها بأقصى سرعة ممكنة، كما نناشد أثرياء مصر للقيام بواجبهم الوطنى نحو هذه الشريحة.