رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الطائرة الروسية والتعاون النووى


هل يمكن أن يكون هناك صلة بين حادث الطائرة الروسية التى سقطت فوق سيناء، وبين توقيع الاتفاق النووى مع شركة «روس أو روز أتوم» فى إطار التعاون بين الدولتين لبناء تكنولوجيا جديدة فى مصر وتشغيل أول محطة للطاقة النووية. هذه أول خطوة لبدء تنفيذ محطة الضبعة. قد يختلف العلماء وغيرهم فى تقدير الفائدة من إنشاء محطة الضبعة، ولكن المشروع بلا شك خطوة أساسية ومهمة جداً لخروج مصر من التخلف العلمى والتقنى، بأن يكون لها برنامج نووى سلمى لإنتاج الطاقة الكهربائية. وعندما يقول الرئيس السيسى فى كلمته بعد توقيع هذه الاتفاقية «إن الهدف من توقيع الاتفاقية هو رسالة أمل وعمل وسلام لمصر والعالم»، فإنه يشير هنا بلا شك إلى ذلك المستقبل الزاهر العلمى، الذى نطمح الوصول إليه، والأمل الذى نسعى لتحقيقه، والحلم الذى راود الشعب المصرى طويلاً ولم يتحقق من قبل، لأن مصر كانت «عزبة»، وأصبحت اليوم «دولة» والحمد لله تعالى.

يدعم هذا التوجه أن يبرز الرئيس السيسى العديد من النقاط المهمة الأخرى فى كلمته بمناسبة توقيع الاتفاق النووى منها، أهمية العلم والمعرفة والوعى والعمل والصبر فى امتلاك القدرة على التغيير، وكذلك سداد كلفة المشروع من الإنتاج الفعلى للكهرباء التى سيتم توليدها من هذه المحطة. كما أشار فى كلمته إلى مراجعة الإجراءات الأمنية للمطارات والموانىء وأن مصر أعلنت موقفها من الإرهاب الذى يحتاج إلى استراتيجية وجهد دولى عالمى لمحاربة الإرهاب من منظور فكرى ثقافى واجتماعى وخطاب دينى وليس فقط أمنياً. ويدرك الرئيس الوضع كما قال: «لايزال هناك عمل وأمل كبير نريد تحقيقه لنا ولشبابنا وأحفادنا».

لو كانت الاتفاقية مع أى دولة أخرى لما كان هناك علامات تعجب أو استفهام، ولكن مع روسيا الاتحادية، وبعد أيام قليلة من كارثة الطائرة الروسية وتحطمها فوق سيناء، فهذا يدل على حسن العلاقات وتفهم الموقف حتى لو كان مراً وفيه إرهاب، ويدل على حسن التعاون المستقبلى. أظن أننا بعد أى حادث أليم مثل الحادث الأليم للطائرة الروسية، نسأل أنفسنا من المستفيد من هذا الحادث. أنا شخصياً أرى أن أكبر مستفيد من هذا الحادث الخطير أصحاب المخططات الغربية وأعداء الأمة، الذين يريدون أن تظل مصر فى عزلتها أو تبعيتها لهم أو تخلفها أمام الصهيونية وإسرائيل.

قد تكون داعش هى التى نفذت الكارثة – كما قالوا – وقد يكون غير داعش بالاستفادة من ثغرات بسبب الإهمال أو حتى التآمر. وداعش تريد أن تصور نفسها على أنها قادرة على الوصول إلى أخطر مواقع المنطقة كلها وخصوصاً فى مصر، ولكنها قد تفعل ذلك إذا استطاعت فى خدمة الآخرين دون علم أو بعلم. أنا أظن – وطبعاً بعض الظن إثم – ولكن بعضه الآخر ليس إثماً- أظن أنالغرب بقيادة أمريكا المستفيد الأول والأخير من إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء. أولاً فى السعى لإساءة العلاقات مع روسيا الاتحادية، التى تدخلت فى سوريا، وأصبح لها كلمة مسموعة فى القضية ليست لأمريكا ولا للغرب، وقد تكون هذه هى المحطة الأولى أو الثانية بعد أوكرانيا، حيث يكون لروسيا دور قوى فى أزمة من الأزمات العربية، بل إن الكلمة الروسية فى القضيةالسورية أقوى منها فى أوكرانيا، لأن روسيا تطل اليوم على البحر المتوسط من خلال هذه الأزمة السورية. وهذا مكسب كبير لروسيا، ويسبب خطراً على الآخرين كما يتوهمون.

لا تزال أمريكا تسعى أن يكون لها دور قوى فى الأزمة السورية، وأن يكون لها ولحلفائها دور فيها. هذا الدور هو الأماكن الاستراتيجية وأمن إسرائيل.

نحمد الله تعالى أن تعود أو تستمر العلاقات المثمرة بين مصر مع روسيا الاتحادية، وكل الدول التى تعين فى البناء ونقل التكنولوجيا، وليتنا لا نقف عند نقل أو استيراد التقنية، بل نسعى إلى امتلاكها وتطويرها للأغراض السلمية، ونطالب العالم كله بأن يقف وراء دعوة مصر فى تنقية المنطقة من الانتشار النووى غير السلمى ذلك الذى تمتلكه إسرائيل، ويعرفه العالم كله، ولكن إسرائيل فى هذا الأمر، لها ودن من طين وودن من عجين، ولا مجيب لصوت العقل. والله الموفق.