رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حرب أكتوبر واسترداد الهوية!!


حرب أكتوبر التى نحتفل هذه الأيام بمرور 42 عاماً على ما حققته من انتصار عسكرى غيرت الكثير من المفاهيم السائدة فى ذلك الوقت وقلبت التوازنات التى كانت تميل لصالح إسرائيل بعد هزيمة يونيه عام 1967، حيث نجح الجندى المصرى فى أن يسترد زمام المبادرة ويثبت أكذوبة أسطورة جيش إسرائيل الذى لا يقهر بل ويؤكد أن جزءاً ليس قليلاً من الدعاية المعادية قد استند إلى غير الحقيقة وهو ما كان موجهاً إلى العمق المصرى أكثر من جبهة القتال للنيل من معنويات المواطن البسيط.

إن حرب أكتوبر قد أعادت للشخصية المصرية زخمها وقدرتها على الإنجاز وتراجع إلى حد كبير قبل عام 1973 خاصة بعد رحيل جمال عبدالناصر لكن المعجزة من وجهة نظرى كانت تحويل الهزيمة إلى قدرة على إزالة آثار العدوان وإعادة بناء الجيش من جديد وشارك المصريون جميعهم فى تحمل عبء الهزيمة النفسى والمادى حتى تم الانتقال عام 68 إلى مرحلة الاستعداد لتحرير الأرض وعندما تم التهجير الكامل لمدن القناة الثلاث عام 69 كان هذا مؤشراً لمرحلة أخرى جديدة على طريق معركة الثأر ولكن رحيل جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 كان وفاة عبدالناصر هزة قوية واختباراً صعباً للشعب المصرى الذى أثبت مدى تحديه للواقع الجديد دون عبدالناصر.

وفى الفترة من عام 70 إلى عام 73 استطاع الرئيس أنور السادات أن يكمل مسيرة بناء قوة مصر العسكرية ويعد لخطة نجح فى التمويه والخداع لإخفائها ثم يتخذ فى السادس من أكتوبر قراراً انتظره المصريون بفارغ الصبر بعبور أكبر مانع مائى فى التاريخ وتدمير خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس الذى كم أشادت به العسكرية الإسرائيلية وضخمت منه فى محاولة لإرهاب المصريين، هكذا نجد أن الانتصار فى حرب أكتوبر فتح صفحة جديدة فى حياة الشعب المصرى وجدناها فى الشارع المصرى تتسم بالقدرة على التحدى وتجسد ملامح الطابع القومى الحقيقى للمواطن عندما انتقل من روح الهزيمة إلى روح النصر وقد انعكس هذا بالإيجاب على الشخصية المصرية.

ويتفق علماء السياسة والاجتماع على أن حرب أكتوبر قد ساعدت المصريين على استرداد هويتهم التى فى حقيقة الأمر لم تفقد ولكنها تعرضت لنوع من الضبابية الاجتماعية والسياسية نتيجة ضغوط الفترة من 1967 حتى 1973.

وأتصور أن مصر بعد عام 2011 عانت من ضبابية جديدة نتيجة ما حدث من اختراق ثم اختطاف لثورة 25 يناير وهنا لحقت بالشخصية المصرية مؤثرات سلبية لم نعهدها من قبل فى الأداء السلوكى لقطاع كبير من الشعب المصرى ما يؤكد أنها دخيلة على النسق القيمى للمجتمع المصرى ولكن بعد نحو ثلاثة أعوام عبر المصريون هذه الغمة والضبابية عندما قامت ثورة الـ 30 من يونيه لتؤكد من جديد قدرة المصريين على إسترداد الهوية لكن المشكلة ودعونا نتحدث بصراحة أن عدونا فى 73 كان محدداً وواضحاً إنما أعداؤنا اليوم كثر ومتلونون وغير واضحين، ومن هنا تصبح المشكلة أعقد نسبياً خاصة إذا أضفنا لصورة الواقع تحديات أخرى مثل الفساد والتخلف بثالوثه الشهير الفقر والجهل والمرض ما يجعلنا فى حاجة ماسة لروح أكتوبر من جديد!!