رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هاني الجبالي أستاذ علوم الكمبيوتر في حوار لـ"الدستور: انتصارنا على الإرهاب يتطلب تحليل بيانات 30 مليون فيديو

الدكتور هاني الجبالي
الدكتور هاني الجبالي

- التكنولوجيا الحديثة فككت الفيديوهات إلى ملايين الصور لتحليليها.. والباحثون توصلوا إلى "سوفت وير" قادر علي تحليل البيانات.
- قدمنا أول برنامج يمكن الكاميرات من تحديد السيارات والأشخاص.
- أغلب فيديوهات تنظيم داعش "هوليودية" الصنع.. والهدف من نشرها علي اليوتيوب تصدير الرعب.

- فيديو ذبح المصريين في ليبيا تم تصويره على مراحل وتركيبه بشكل سينمائي.. و"الإثارة ورائحة الدم" عنوان اغلب فيديوهات الإرهاب.
- أقل المؤسسات الأمريكية تنفق علي البحث العلمي 20 ضعف ما تنفقه مصر.. والشركات الصغيرة أمل مصر للنهوض بالمستقبل.

أكد العالم المصري الدكتور هاني الجبالي أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة بريتش كولومبيا الكندية ورئيس مؤسسة "أفدبيم تكنولوجيز"، أن انتصارنا في الحرب على الإرهاب يتطلب تحليل بيانات 30 مليون فيديو علي شبكات الإنترنت، مبينا أن التكنولوجيا الحديثة فككت الفيديوهات إلى ملايين الصور لتحليليها، وأن الباحثين توصلوا إلى "سوفت وير" قادر على تحليل البيانات.

وأوضح الدكتور الجبالي، في أول حواراته الصحفية مع "الدستور"، أن الباحثين قدموا أول برنامج يمكن الكاميرات من تحديد السيارات والأشخاص، وأن أبحاث التطوير ستجعلهم يحللون نواياهم الإجرامية، مشيرا إلى أن أغلب فيديوهات تنظيم داعش "هوليودية" الصنع، وأن الهدف من نشرها على اليوتيوب تصدير الرعب للشارع العربي، مؤكدا أن فيديو ذبح المصريين في ليبيا تم تصويره على مراحل وتركيبه بشكل سينمائي، وأن "الإثارة ورائحة الدم" عنوان أغلب فيديوهات الإرهاب.

وإلى نص الحوار:

** بداية.. كمتخصص في تحليل بيانات الفيديو، كيف ترى أهمية هذا العلم فيما تعيشه مصر من أحداث منذ أربع سنوات؟

مبدئيا علينا أن نعلم أهمية أي معلومة يمكن الحصول عليها، وعالم الإنترنت منح لنا الملايين من الفيديوهات التي يمكن أن تضع تحليلا لكل ما يحدث في العالم، خاصة وأن تلك الفيديوهات تنقل لنا إحداثا دموية في الدول المحيطة، من سوريا والعراق إلى اليمن حتى ليبيا، وهذا يعني أن علوم تحليل بيانات الفيديو أمن قومي وشريك رئيسي في الحرب على الإرهاب ومكافحة الجريمة بكل أشكالها.

** رغم أن الشبكة العنكبوتية تنقل لنا أكثر من 30 مليون فيديو عن الجرائم الإرهابية التي ترتكبها "داعش وأخواتها"، إلا أن هذا التخصص نادر في مصر؟

أولا علينا أن نعلم الهدف من نشر تلك الفيديوهات، حيث تهدف لتصدير "الرعب" للمواطنين حول العالم، وعلى الأخص الدول التي أعلنت الحرب على الإرهاب، ثانيا علينا أن نفهم أن أغلب تلك الفيديوهات "هوليودية" الصنع ومن الممكن أن تتدخل التكنولوجيا الحديثة في إخراجها بتلك الصور الأكثر بشاعة، معنى ذلك أن بعض الفيديوهات يمكن أن لا تكون حقيقية أو تمت بتلك الصورة التي نشاهدها دون أي تعديل وإضافة.

** هل هذا يؤكد أهمية تواجد هذا التخصص من خلال فريق مصري قادر على فهم وتحليل بيانات الفيديو؟

هذا صحيح.. لأنه علم أضحى من الأهمية لفهم الحقيقة بشكلها الواضح غير المزيف، كما أن تحليل بيانات الفيديو تأتي ضمن مجالات علوم وهندسة الكمبيوتر، وهو غير موجود في مصر لأنه تخصص جديد، ومازال في طور معرفة ماذا يمكن أن يقدم، فهو كمجال بدأ منذ 4 سنوات فقط، فعلوم تحليل البيانات علوم قديمة تقوم بتحليل الصور، والباحثين اعتمدوا في علوم تحليل الفيديو علي أن الفيديو عبارة عن مئات الآلاف من الصور، أي انه في نهاية الأمر يقوم بتفكيك الفيديو إلى صور ثم يقوم بتحليلها بسرعة منقطعة النظير، وهذا أيضا يعود إلى التطور التكنولوجي الكبير في سرعة الحاسب، وتمكن الباحثين من الوصول إلى سرعات عالية جدا وبالتالي أصبحنا قادرين على تحليل البيانات بسرعة وكفاءة أفضل، وبمنتهى الدقة.

** وهل تعتقد أنها قادرة على تحليل الكثير من الفيديوهات؟

لم يعد تحليل بيانات الفيديو والتعرف على الأشياء بداخله واتخاذ القرارات تلقائياً خيال علمي قاصر على الأفلام السينمائية كما في السابق بل أصبح أحد الحلول المهمة من الناحية الأمنية التي تضمن تفادي الخطأ البشري كما أن لها كثير من التطبيقات في المجال الاقتصادي حيث تتيح للمستخدم التعرف بشكل أفضل على طبيعة و مفردات العمل الذي يديره.

** وعلى ماذا يعتمد تحليل بيان الفيديو؟ وما هي التقنية أو المجال المتخصص الذي يعتمد عليه تحليل البيانات؟

هناك عدة تقنيات نعتمد عليها في تحليل بيانات الفيديو، أولها تقنية تسمي "تحليل بيانات الصورة"، وهناك أيضا تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومن خلاله يمكن أن نتعرف علي درجة الاستيعاب بحيث تكون قادرة على تحليل بيانات الصورة بشكل كامل.

** ماذا عن أحدث الوسائل العلمية التي قدمتها المؤسسة في تحليل بيانات الفيديو؟

"أڨدبيم تكنولوچيز" قدمت تقنية حديثة تسمي "ViBETM" وهي تقنية مبتكرة لاستخلاص المعلومات التجارية والأمنية المهمة بكفاءة من مصادر الفيديو الكبيرة البيانات مثل كاميرات المراقبة، ويتم ذلك بشكل تلقائي مع تقليل نسبة الخطأ من العنصر البشري، وتوفر في نفقات التخزين على جهاز الحاسب الآلي بصورة كبيرة وبنسبة قد تصل إلى أكثر من 80%.

** وهل هناك صعوبات واجهت عملية تحليل تلك البيانات؟

صعوبات تطبيق تلك المنظومة تمثل في أمرين، الأول تمثل في كفاءة النظام المستخدم للتحليل، ويعد المعوق الأساسي أمام قدرة الحاسب الآلي على إكمال العملية بكفاءة، ولكن بفضل تطويع أدوات تحليل المعلومات ذات الحجم الكبير لاستخدام الفيديو واستخدام السحابة المعلوماتية، استطاعتا الوصول إلى كفاءة عالية وسرعة مرموقة في تحليل بيانات الفيديو، والمعوق الثاني جاء في الدقة في التحليل وتفادي الأخطاء، ولكن تمكنا من ابتكار برامج للتمرين والاستيعاب بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى دقة غير مسبوقة وخاصة في أمثلة كلوحات السيارات المعدنية.

** إذا تناولنا أحد الفيديوهات من العراق أو سوريا أو ليبيا هل توضح التقنية البيئة التي تم تصوير مشاهده بها؟

البيئة يمكن التعرف عليها من تحليل الخلفية، فإذا كانت البيئة في مكان مغلق أو في صحراء مفتوحة أو في البرية، ففكرة التحليل قائمة علي تحديد جميع المشاهد وما تحوية من مكونات موجودة داخل الفيديو، فإذا كنا نحلل الصورة لمعرفة نوع وأرقام السيارة سنتمكن من تحديد هذه السيارة، أما إذا كنا نريد تحديد أو مراقبة أي شخص، يمكن أن نحذف أي مكونات ونترك المكون الذي نريد تحليله فقط.

** وهل هناك إمكانية لتحديد تاريخ الفيديو والتقنية المستخدمة؟

يمكن تحديد التاريخ بشكل تقريبي، كما يمكن تحديد التقنية المستخدمة من مدى كفاءة الصورة، وبالنظر على "البيتريك" يمكن أن نعلم إذا كان الفيديو تم "تكويدة" بشكل معين، ومن "الروزليوشن" يمكن تحديد نوع وطبيعة الكاميرا ومدي حداثتها، أما تركيب الفيديوهات بالإضافة أو الحذف، فتكنولوجيا الفوتوشوب يمكن دراستها بشكل جيد، ولكن بتحليل أكثر على الاستمرارية الخاصة بالصورة يمكن معرفة إذا كانت الصورة مركبة أم لا، وهذا على حسب الدقة أو الكفاءة.

** إذا ما قمنا بتحليل أحد فيديوهات "داعش" وليكن فيديو ذبح المصريين في ليبيا كيف رأيت هذا المشهد كخبير تقني؟

لقد شاهدت فيديو ذبح المصريين في ليبيا، ولكننا لم نقوم بتحليله تقنيا بتكنولوجيا تحليل الفيديو، ولكن لفت انتباهي لأول وهلة أن الكثير من المشاهد تم تصويرها علي مراحل وتم تركيبها بشكل سينمائي يحمل عنوان "الإثارة ورائحة الدم"، وبشكل هوليودي ضخم، فقاموا بالاستعانة بمخرج محترف، كما أنهم استخدموا كاميرات غير عادية، وواضح أنهم استعانوا ببرنامج "إديتور" محترف وعالى المستوى.

** إذا تحدثنا عن طبيعة تخصصك وعملك في المؤسسة، ما هي نوعية الكاميرات التي تستخدمونها وتقوم بتركيبها؟

نحن لا نقوم بتركيب الكاميرات، وإنما نعمل على كاميرات المراقبة الموجود، أي نوع من الكاميرات على شرط أن تكون ديجيتال، ونقوم بوضع "سوفت وير" قادر على تحليل الفيديو الخارج من الكاميرا، ويقوم بكتابة تقارير تحلل المشاهد التي صورتها.

** هل "السوفت وير" هو الذي يقوم بعمل التقرير وليس محلل البيانات؟

المتخصص يضع برنامج "السوفت وير" الذي سيقوم بتحليل البيانات في الفيديو، وهذا معناه أن المتخصص لن يقوم بتحلل بيانات الصورة، وهذا البرنامج له عدة تطبيقات، أحدها لمراقبة السيارات في مداخل ومخارج المؤسسات، وأخر يمكنه التعرف علي الأشخاص للتأكد من أمتلاكة لتصريح دخول المنشآت، ويمكن أن يخرج تحليلا فوريا بكل ما يحدث مخالف لقواعد برمجياته.

هل تستطيع الكاميرات تحديد نوعية الأسلحة المتواجدة في صورة أو مقطع ما؟

قدرة الكاميرات علي تحديد الأشياء ممكن وبمنتهى السهولة، فبعض الأشياء كالمسدسات والبندقية والأسلحة الآلية يمكن تحديد إشكالها، ويمكن مقارنتها مع صور مخزنة لبعضها، لذلك سيتمكن "السوفت وير" من تحديد الأشخاص الذين يمتلكون أسلحة وتحديد أنواعها.

** في عملية تأمين الكمائن المستهدفة باستمرار هل "السوفت وير" قادر على تلك العملية، بحيث يقوم بالتحذير من الأخطار القادمة وهل يمكن التصوير بالليزر من على بعد؟

يوجد كاميرات قادرة علي التصوير من على بعد كيلو متر، فعلى سبيل المثال الكاميرات في لندن وفي دبي توجد في كل مكان، ويمكن بهذه الطريقة معرفة إذا كان يوجد نية مبيتة بشكل معين أو أن تكون أحد السيارات قادمة من على بعد وإن كنا لا نتمكن من معرفة نيتهم، ولكن يمكن أن تعلم أن هناك سيارة قادمة في وقت غير مناسب.

** ومن خلال هذا تكتب الكاميرا التقرير؟
نعم، وستخرج بتحذير عن كل من تخطى المكان المحظور والمدرج في "السوفت وير"، وسيكون التحذير بشكل وقتي ولحظي.

** المعلومات هي أهم ما تقدمه الكاميرات، وإذا كانت الجنود في الكمائن لديها المعلومة كانت تمكنت من المواجهة، والجماعات الإرهابية تمتلك تكنولوجيا والمعلومات، هل حاولتم طرح هذه التقنية على الجهات الأمنية في مصر؟

حاليا نحاول في طور التجربة في عدة أماكن ولكننا لم نتحدث مع الأجهزة الأمنية بشكل رسمي ولكننا طرحنا عليهم تلك الأفكار، والحقيقة يوجد تفهم للتقنية، واعتقد أنهم سيتمسكون بها.

** الحرب على الإرهاب حرب افتراضية، الضحايا تتساقط رغم عدم مواجهة جيشين نظاميين، فهل تعتقد أن هذه التقنية يمكنها أن تقلل من عدد الضحايا؟

بالتأكيد.. فإذا توفرت جنود الكمائن معلومات عن الأشخاص المهاجمين سيستعدون للمواجهة، على الأقل ستقل أعداد الضحايا.

** كيف يرتقي مستوى الجامعات المصرية للكندية؟
لقد عملت في مؤسسة انتل لما يقرب من 19 سنة، منهم 15 سنة في أمريكا و4 سنوات في مصر، قمت خلالها ببناء فريق علمي في انتل، وفريق آخر في الهند، وللحقيقة لا فرق بين العقلية المصرية عن بقية العقليات الأخرى، بل على العكس نتفوق على الهند في الولاء للعمل، فالهندي يغير مكان العمل كل ستة أشهر، إنما المصري إذا وجد بعض الأمل في مكان عمله يستقر في مكانه، والمصري لا يغير مكان عمله حتى إذا كان يحصل على ملاليم، فالمادة لا تستهويه أكثر من الاستقرار النفسي.

** إذا وضعنا روشتة لإصلاح حال البحث العلمي في مصر، ترى ماهي أهم النقاط ؟

"إذا تحدثنا عن البحث العلمي وعملية التطوير علينا أن نعلم أن "الفلوس" أهم نقطة نحتاجها، فميزانية مؤسسة "إنتل" الأمريكية تتخطي 20 مليار دولار للبحث العلمي، أي أن تلك الشركة تنفق علي البحث العلمي 20 ضعف ما تنفقه مصر علي البحث العلمي.

** ميزانية البحث العلمي في مصر 300 مليون دولار، فكيف يمكن أن تكفي عمليات البحث العلمي في مصر؟

علينا أولا أن نفهم أن مصر لن تبنى إلا بالشركات الصغيرة القادرة علي النمو كما فعلت الصين، ويجب أن تؤمن الناس بالتفكير الابتكاري الريادي بحيث أن ينهي عمل، ولا يعمل في مكان كالحكومة لماذا لا نعمل في مجالنا بحيث نحصل على دعم دون أن نعمل في مكان معين، فيجب أن يتخرج الطلاب بالتفكير الريادي، توجد جامعات أمريكية تخرج الطلاب وهم بالفعل يقومون بمشاريعهم وهم مازالوا طلاب وإذا تخرجوا لا يفكرون في العمل في الحكومة، لأنهم تعلموا الفكر الريادي في الجامعة.

** بالتأكيد يحصلون على دعم من الدولة في البداية؟

على الإطلاق.. المساعدة الوحيدة التي يمكن أن تقدمها أن يحصل على قروض من البنوك بفائدة قليلة لكي يستطيع دخول الجامعة، أما التعليم في مصر فيعتبر بلا مقابل.

** التعليم المصري ليس له أي قيمة؟

مقاطعا.. من المفترض أن نجعل من التعليم فائدة تخدم المجتمع، والحقيقة لا يوجد تعليم في العالم كله بلا مقابل، التعليم الرخيص للمتفوقين فقط.
** دخل الأسرة المصرية لا يتحمل التعليم عالي التكلفة؟
اتفق معك.. ولا اقصد أن يكون التعليم غالي التكلفة، ولكن يجب أن يكون هناك مشاركة في التكاليف، على الأقل تحصل الجامعات على الموارد، وفي النهاية إذا أراد الطالب أن يتعلم بلا مقابل سيتفوق، ولكن لا يجوز أن يتعلم بلا مقابل وفي نفس الوقت لا يتفوق في الدراسة.

** قديما كان الدكتور والمهندس المصري يعمل في الخارج دون أن يطلب منه عمل معادلة لشهادته الآن لا يعترفون بالشهادة المصرية في الخارج ولا في دول الخليج؟

هذا صحيح.. وعلينا أن نعترف بانهيار التعليم المصري، لذلك هو يحتاج إلى معادلة الشهادة، والشركات التي تحتاج أن تفتح في مصر تسأل كم شخص حصل على درجة الدكتوراه، فإذا تحدثت مع جامعة القاهرة تجدها تفضل أن يحصل الطالب على درجة الدكتوراه من الخارج، فلا يصلح أن يكون الدكتور في الجامعة الأولى في مصر يحصل على الدرجة العلمية من الخارج، ولكن البعض يحصل على الدكتوراه من مصر.