رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرف على صاحب فكرة اقتحام خط بارليف باستخدام مدافع المياه

جريدة الدستور

خط بارليف أقوى خط تحصين دفاعي في التاريخ العسكرى الحديث والذي كان يبدأ من قناة السويس باعتبارها مانع مائي وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة.

كان مصمم خط بارليف هو الجنرال حاييم بارليف رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، والذى فكر فى إنشائه ليفصل سيناء عن الجسد المصرى بشكل نهائى وليحول دون وصول الجيش المصري إلي الضفة الشرقية للقناة من خلال إنشاء ساتر ترابي منحدر ومرتفع ملاصق لحافة القناة الشرقية بطول القناة من بورسعيد إلي السويس، ليضاف للمانع المائى المتمثل فى قناة السويس.

وعقب دارسة خبراء الاتحاد السوفيتى له بشكل دقيق اكدوا ان الساتر الترابى لا يمكن تحطيمه إلا بقنبلة نووية، وبالطبع لا تملك مصر واحدة منها، وبفرض وجودها فمن المستحيل إستعمالها نظراً لتلاصق القوات المصرية والإسرائيلية، وكذلك لتدمير فرص الحياة والتعمير فى سيناء حال استخدامها.

واجمعت الدراسات فى ذلك الوقت على أن الساتر لا يزال إلا بالتفجيرات ويستغرق وقتا لايقل عن 12 ساعة، وهو ما قوبل بالرفض من القيادة السياسية المصرية فى ذلك الوقت لان الخسائر البشرية والمادية ستكون كبيرة وهو ايضا حل تقليدى يعرفه العدو.

وجاء البطل العبقرى المصرى اللواء أركان حرب المهندس باقى زكى يوسف بالبرغم من صغر سنة فى هذا الوقت إلا أنه اطلق الفكرة التى غيرت فكرة التعامل مع الساتر الترابى وحفرت اسمه بحروف من نور وسجلت أكبر اخترع واكبر فكرة تدرس فى الجامعات على مستوى العالم .

عمل اللواء اركان حرب باقى زكى ضابطاً مهندسًا في القوات المسلحة خلال الفترة من عام 1954 وحتى 1 ـ 7 ـ 1984 ،، بالإضافة إلي كونه صاحب فكرة فتح الثغرات في الساتر الترابي باستخدام ضغط المياه في حرب أكتوبر 1973 م.

والذى راودته الفكرة نتيجة لعمله السابق فى إنشاء السد العالى بأسوان وعرض فكرته على قائد فرقته، اللواء أركان حرب "سعد زغلول عبد الكريم " خلال إجتماع مع قائد الفرقة (19) في أكتوبر عام 1969بمنطقة" عجرود" من الضفة الغربية للقناة، لتحديد مهام الفرقة وتخطي عقبات العبور.

وعرض قائد الفرقتة " اللواء سعد زغلول" مهمه التغلب على الساتر التربى، على رجاله ثم طلب من كل رئيس تخصص عرض رأيه حول مهمة عبور قناة السويس ، فشرح جميع الحاضرين في تقاريرهم مكونات الساتر الترابي من نشأته، تكوينه، ارتفاعه، التجهيزات الفنية الموجودة به..

وجاءت آراء رؤساء التخصصات في كيفية التغلب على الساتر الترابي فمنهم من قال بالقنابل ، وآخر بالصواريخ، والمفرقعات، والمدفعية، وجميع هذه الآراء أشارت إلى توقيت فتح الثغرات داخل الساترالترابي يتم في خلال 12-15 ساعة، وكانت هذه المقترحات والأفكار في غاية الصعوبة لتنفيذها من خسائر مادية بالاضافة إلى طول الوقت والذى يساعد على وصول امدادات من قوات العدو إلى منطقة الساتر الترابى

فخطرت فى ذهن المهندس باقى زكى فكرة المياه لأنه أثناء عمله بالسد العالى من عام 1964 وحتى 1967 كان يجرى إستخدام المياه المضغوطة لتجريف جبال الرمال ثم سحبها وشفطها فى أنابيب خاصة من خلال مضخات لإستغلال مخلوط الماء والرمال فى أعمال بناء جسم السد العالى ، أما فى حالة الساتر الترابى شرق القناة فالمطلوب لفتح الثغرات به هو توجيه مدافع مياه مضغوطة إليه لتجرى رماله إلى قاع القناة وعن طريق هذه الثغرات يتم عبور المركبات والمدرعات إلى عمق سيناء.

وقد لخص الفكرة بقوله لقائده : " ربنا حط المشكلة وجنبها الحل يا فندم"وأستمر فى شرح فكرته الغريبة وسط دهشة من جميع الحاضرين فى الاجتماع ؛وبعدها ”

بدأ قائد الفرقة يناقش الفكرة مع رؤساء التخصصات لمعرفة تأثيرها على أعمال القتال واتضح من المناقشة انه لا توجد أى مشاكل مبدئية في المياه المحملة بالرمال عند عودتها إلي القناة.

وطلب قائد الفرقة من البطل العبقرى باقى زكى إعداد تقرير فنى وافى،وذلك لعرضها على الرئيس" جمال عبد الناصر" أثناء أجتماعه الأسبوعى بقادة التشكيلات بمقر القيادة العامة والذى إهتم بالفكرة المبتكرة، وأمر بتجربتها وإستخدامها في حالة نجاحها .

فقام باقى زكى بتصميم مدفع مائى فائق القوة لقذف المياه ، فى إمكانه أن يحطم ويزيل أى عائق امامه أو أى ساتر رملى أو ترابى فى زمن قياسى قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية وقد صنعت هذه المدافع المائية لمصر شركة المانية بعد إقناعها بأن هذه المنتجات سوف تستخدم فى مجال إطفاء الحرائق.

وتقديراً لجهوده تم منحه نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى عن أعمال قتال إستثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 73 ، تسلمه من يد الرئيس الراحل" أنور السادات" في فبراير 1974 ، وأيضا وسام الجمهورية من الطبقة الثانية وذلك بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة عام 1984.

فالتحية للرجل الذى إمتلك عقلاً يعادل فى قوته قنبلة نووية وحطمه أكبر خط تحصين دفاعي للعدو في التاريخ العسكرى الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة.